ربط الجنيه بسلة عملات دولية بدلا من الدولار فقط يحل المشكلة للمرة الثانية منذ عشر سنوات والمرة الاولي هذا العام اتخذت لجنة السياسات النقدية بمجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الفيدرالي الأمريكي" قرارا برفع أسعار الفائدة علي الدولار بمقدار 25 نقطة أساس لتتراوح بين 0٫5٪ و0٫75٪ لتسود حالة من التخوفات من تأثر الاقتصاد المصري وحدوث موجة جديدة من ارتفاع الاسعار وزيادة فاتورة الوارادت وارتفاع حجم الدين الخارجي .. بالإضافة إلي تأثير ذلك علي مؤشرات البورصة. وتباينت آراء خبراء الاقتصاد حول مدي التأثير السلبي الذي يمكن أن يلحق بالاقتصاد المصري نتيجة هذه الإجراءات .. فالبعض يري أنه سيكون له تأثير سلبي قوي، .. والبعض الآخر يري أنه لن يؤثر كثيراً علي زيادة الأسعار أو زيادة فاتورة الوارادت أو حجم الدين الخارجي. في البداية يقول إيهاب سعيد الخبيرالاقتصادي والعضو المنتدب بإحدي شركات الاوراق المالية أن هناك تأثير كبير جداً علي الاقتصاد المصري وخاصة بعد رفع الفائدة علي الدولار الأمريكي، لأن معظم الدول الناشئة أو النامية مثل مصر تتأثر سلبياً مع كل زيادة في رفع الدولار، وهذا ماسيحدث عندما تصدر مصر سندات دولارية مطلع العام القادم، لان تكلفة الاصدار سترتفع نتيجة قرار رفع الفائدة الذي أصدرته الحكومة الأمريكية الأسبوع الماضي . ويضيف سعيد أن العالم سيواجه تحديات كبيرة نتيجة هذه الخطوة، منها إنخفاض حجم التجارة العالمية، وهذا ما ستتأثر به مصر بشكل كبير في انخفاض حجم السفن المارة بقناة السويس، بجانب انخفاض الطلب علي صادرات مصر نتيجة ارتفاع اسعارها، و ذلك لان عملتنا المحلية مرتبطة بالدولار مما يؤدي الي ارتفاع تكاليف تصديرها وعزوف عدد كبير من الدول عن شرائها، إضافة الي إرتفاع قيمة الاقتراض من الخارج وزيادة مستحقات القروض التي تدفعها مصر سنوياً و يتم تخصيص بند كبير من الموازنة العامة لها . ويرجع الخبير الاقتصادي ارتفاع سعر الدولار بالبنوك في الفترة الماضية من 18 الي 19.5 جنيها الي قرار رفع الفائدة علي الدولار، وذلك بسبب ربط الحكومة المصرية العملة المحلية مع الدولار الأمريكي وعدم ربطها بسلة عملات دولية لكي لا تتأثر العملة بأي تغيرات تطرأ علي عملة واحدة، منوهاً الي ان حجم التبادل التجاري بين مصر وامريكا لا يتعدي 12%. ويضع سعيد حلاً لمواجهة الأزمة التي ستواجه مصر بعد قرار رفع الفائدة، والتي ستظهر بشكل كبير مطلع العام المقبل، وهو أن تقوم الحكومة "بفك " ربط الجنيه بالدولار الأمريكي، وربط العملة المحلية بسلة عملات دولية توضع بها كافة عملات الدول التي تتعامل معها مصر، مثل اليورو واليوان، وتم استخدام طريقة " الوزن النسبي " في التعامل، وهي تحديد نسب للعملات الدولية حسب حجم التبادل التجاري مع الدول المستخدمة لها، الأمر الذي سيوفر استقلالاً كبيراً للجنيه من اي تغيرات قد تحدث لعملة من العملات الأخري . وينفي د. عبد الرحيم البحطيطي أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد الدولي بجامعة الزقازيق زيادة فوائد الديون الخارجية لمصر مع رفع الفائدة علي الدولار الأمريكي وقال أنه سيتم التعامل وفقاً لقيمة الفائدة القديمة التي تم التعاقد عليه عند الحصول علي القرض وأي قرارات لاحقة لا تؤثر علي العقود السابقة وبالتالي حجم الدين الخارجي لن يتأثر بقرار رفع سعر الفائدة علي الدولار .. ولكن من ناحية أخري سيتم إحتساب الفائدة في حالة الحصول علي قرض جديد طبقاً للإجراءات الجديدة التي اتخذها البنك الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة علي الدولار. ويوضح أن التأثير السلبي الذي يمكن أن يلحق بالاقتصاد المصري نتيجة قرار البنك الفيدرالي الأمريكي هو إنسحاب بعض الإستثمارات الأجنبية من السوق المصرية ويتم توجيهها إلي السوق الأمريكية بعد رفع الفائدة علي الدولار.. بالإضافة إلي إن ذلك يمكن أن يؤدي ذلك إلي رفع قيمة إستيراد بعض السلع التي يتم إستيرادها من الخارج نتيجة زيادة قوة الدولار الأمريكي أمام باقي العملات الأجنبية. ويقول د. مدحت نافع أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة أن رفع الفائدة علي الدولار الامريكي تعني زيادة القوة الشرائية للدولار وقلة التنافسية بالنسبة للعملات الأخري .. ولكن هذه الإجراءات تصب كلها ضد مصلحة مصر لأن الاقتصاد المصري في الأساس يعاني من ضعف العملة المحلية أمام قوة الدولار .. بالإضافة إلي نقص الإحتياطي الموجود لدينا من الدولار الأمريكي .. وهو ما يؤثر في الأساس علي عملية الوارادت بالنسبة لمصر خاصة أن فاتورة الوارادت تتعدي 80 مليار دولار سنوياً .. وهناك الكثير من السلع والمنتجات التي يتم استيرادها من السوق الأمريكية وبالتالي رفع سعر الفائدة سيؤدي أيضاً إلي رفع سعر هذه السلع التي يتم استيرادها. ويشير إلي أنه حتي إذا قمنا بالبحث عن بدائل أخري من خلال اسواق أخري سواء الصين أو دول اوروبا فنحن نحتاج أيضاً إلي توافر الدولار بإعتباره المرجعية الأساسية التي يتم التعامل بها دولياً.. وهو ما يمكن أن يرفع فاتورة الوارادات المصرية من الخارج نتيجة زيادة سعر الدولار الامريكي.. وفي مقابل ذلك نحن لدينا فجوة كبيرة بين حجم الصادرات والواردات نتيجة غياب المنتج المحلي نتيجة وجود الكثير من العوامل التي تحتاج إلي حل سريع حتي يمكن إيجاد بدائل محلية لبعض المنتجات التي يتم إستيرادها من الخارج. ومن جانبه يؤكد محمود شعبان الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة احدي الشركات القابضة للإستثمارات المالية ان قرار رفع الفائدة لن يؤثر علي البورصة أو الاقتصاد المصري بشكل كبير، لان معدل الارتفاع لا يتعدي 5.%، مقارنة بما تقوم الحكومة المصرية به من معدلات لرفع الفائدة علي العملة. وعن تأثير القرار علي البورصة المصرية يقول شعبان أنها لن تتأثر بشكل كبير لانها احدي البورصات الناشئة التي لا يقارن حجم التداول بها بالبورصات العالمية، مشيراً الي أن سوق المعادن النفيسة سيتأثر بشكل كبير نتيجة القرار وخاصة الذهب الذي سيشهد ارتفاعا كبيرا في الاسعار في الفترة المقبلة .