الوضع في الشرق الأوسط تحول الي ما يشبه لعبة »البوكر« كل لاعب معه اوراقه والكل يحاول معرفة اوراق اللاعبين الأخرين. لكن السؤال الذي تطرحه مجلة »تايم« الأمريكية من خلال تحليل اخباري نشرته مؤخراً هو، أية اوراق يحملها الرئيس الأمريكي باراك اوباما حاليا وكيف سيستخدمها لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يهدد بإنفجار الموقف في هذه المنطقة المهمة من العالم؟. الأوراق التي استخدمها اوباما مؤخراً والمتمثلة في منحه اسرائيل 3 مليارات دولار في صورة طائراتF- 35 والدعم العسكري السنوي المقرر من قبل بقيمة 2.75 مليار دولار بالإضافة للوعد الامريكي بمساندة اسرائيل ضد اي محاولة لحل الازمة الفلسطينية الإسرائيلية من خلال الاممالمتحدة. هذه الاوراق والاوضاع الجديدة جعلت الخبراء يطرحون سؤالا اخر حاسماً الا وهو ماذا يمكن لأوباما ان يقدم خلال ثلاثة اشهر؟ وهي فترة التجميد المؤقت للإستيطان التي يطلبها. من جانبه لايزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول اقناع حكومته بقبول العرض الأمريكي بتجميد الإستيطان. اما الجانب الفلسطيني فيصر أالا يجلس علي طاولة المفاوضات حتي توقف اسرائيل كافة انشطتها الإستيطانية خاصة في القدسالشرقيةالمحتلة، وهو ما يرفضه نتنياهو ويستغل كل فرصة للتأكيد علي ان تجميد الإستيطان لن يشمل القدسالشرقية التي لا يعتبرها مستوطنة بل عاصمة ما يسميه بالدولة اليهودية. كل هذه الاطروحات والمواقف الحالية جعلت "تايم" تقول انه حتي في حالة استئناف المفاوضات من جديد فان الرهان الحقيقي امام اوباما سيكون منح الطرفين 90 يوماً فقط للإتفاق علي الحدود النهائية بين إسرائيل وفلسطين.والمنطق وراء طلب تمديد تجميد الإستيطان فترة واحدة هو ان تعاود إسرائيل بناء المستوطنات مرة اخري لكن هذه المرة ضمن حدودها المتفق عليها. وبالرغم من كون هذه الاحتمال مبشراً نظرياً إلا انه علي ارض الواقع ليس بهذه السهولة والصورة ليست وردية.الفلسطينيون يصرون علي ان يكون استئناف المفاوضات مبنياً علي الرجوع لحدود 1967 مع وجود بعض التعديلات التي يتم التفاوض عليها من خلال مبدأ تبادل الأراضي. نتنياهو الذي يعد احد اشد المعارضين لمبدأ الارض مقابل السلام وافق بصعوبة العام الماضي علي قبول حل الدولتين، الا انه لم يعلن يوما موافقته علي ان تكون حدود 1967 هي المرجعية التي يتم التفاوض علي اساسها. مسألة تجميد الاستيطان اصبحت رواية درامية يشاهد العالم فصولها منذ 18 شهراً وهي تعكس انعدام الثقة بين الطرفين. وقد امضي الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي معظم فترة رئاسة اوباما في الحديث مع واشنطن بدلاً من مخاطبة بعضهما البعض. فكرة بدء المفاوضات من خلال ترسيم الحدود تعكس الرغبة في البدء ٍبما قد يبدو سهلاً الا ان الوضع الحقيقي يثبت ان اي نقاش بشأن الحدود لا يمكن ان يتجاهل القدس. الفلسطينيون يشددون علي انه لا اتفاق بشأن الحدود بدون وضع القدس في الإعتبار، بينما يقف الإسرائيليون عند موقعهم الرافض لأي تفاوض بشأن القدس واصرارهم علي استحواذهم الكامل عليها. السؤال التالي هو، أية اوراق سيلقي بها اوباما اذا خسر رهانه بشأن الوصول لإتفاق خلال 3 اشهر؟ هل يعلن استسلامه ويعتبر السلام في الشرق الاوسط حلماً بعيد المنال؟ ام يقنع الطرفين بالإستمرار في مسلسل المفاوضات حتي وان كان يعلم جيداً انه لا فائدة ترجي منها؟. الفلسطينيون مدعومين من العرب سيحاولون اللجوء للقانون الدولي والاممالمتحدة وهو ما تخشاه إسرائيل وامريكا..اما في حالة النجاح واتفاق الطرفين علي الحدود فسيكون علي الادارة الامريكية وضع خطة حول ترسيم هذه الحدود وذلك بالتعاون مع المجتمع الدولي. هذه الفرضية الأخيرة تحاول اسرائيل اجتنابها بشتي السبل لانها في هذه الحالة ستفقد عنصر التحايل الذي تتمتع به في حوارها مع الجانب الفلسطيني. فشل امريكا في انهاء الصراع سيفقدها مصداقيتها في العالم العربي والاسلامي لكن في نفس الوقت فان مطالبة إسرائيل بما لايمكن ان توافق عليه سيزيد من احراج الرئيس الامريكي وسيكلفها الكثير خاصة بعد سيطرة الجمهوريين علي الكونجرس.