ليس من شك ان تدهور الموقف السياسي الداخلي في ايطاليا ينذر بكارثة سياسية كبيرة قد تجرف البلاد الي مستنقع حرب اهلية بين مواطني الشمال والجنوب فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية والقضاء علي الفاشية واعلان الجمهورية الايطالية لم يشهد المسرح السياسي الايطالي حزبا شارك في ادارة الحكم ينادي بانفصال الشمال عن بقية اقاليم البلد مثل حزب رابطة الشمال احد احزاب الائتلاف الحاكم الان الذي يطالب بالفيدرالية بل ويهدد بدعم حركات الانفصال في الشمال عن الجنوب وخروج اكثر من 20 مليون مواطن من مدن الشمال بأسلحتهم اذا اضطرالامر في حالة قيام رئيس الجمهورية الايطالي جورجو نابوليتانو لمواجهة الازمة السياسية بتغيير وضع الاغلبية وتكليف قوي سياسية اخري من خارج الاغلبية بتشكيل اي حكومة مؤقتة . ومازالت القوي السياسية تعيش في حالة من الارتباك السياسي والانقسامات فيما بين بعضها حتي اصبح الموقف اكثر صعوبة امام رئيس الجمهورية بصفتة حامي الدستور واصبح الطريق امام حكومة بيرلوسكوني، حتي اذا نجح في تخطي امتحان اقتراع الثقة في مجلسي النواب والشيوخ، اكثر حرجا وصعوبة ايضا فيري المراقبون ان ما ستسفر عنة نتائج اقتراع الثقة المنتظر يوم 14 الشهر المقبل لن يسمح لبيرلسكوني بالافلات من تقديم استقالته لانه في حالة نجاحه في الحصول علي ثقة البرلمان لن يضمن للحكومة النجاح في كل مرة تحاول فيها الحصول علي تصديق البرلمان علي مشروعيتها القانونية. الامر الذي دفع اومبرتو بوسي زعيم رابطة الشمال للمطالبة باجراء انتخابات مبكرة خلال الربيع المقبل حتي اذا نجح بيرلوسكوني في الحصول علي الثقة . وما زال سوء الحظ يلاحق سيلفو بيرلو سكوني ليس فقط بسبب تركيز جميع وسائل الاعلام العالمية والمحلية علي فضائحة مع الحسناوات والعاهرات ولكن هذه المرة انهالت علية فضحية اكثر فداحة من سلوكياته الشخصية وهي علاقاته مع المافيا ودورة في تمويل عصابات المافيا بمبالغ مالية للقيام باعمال لصالحة بل وربما لشراء اصوات ناخبين ومناطق انتخابية تحت سيطرة المافيا في كثير من مدن الجنوب بما مكنه من الفوز بالاغلبية خلال اول انتخابات سياسية له عام 1994 وايضا الانتخابات الاخيرة عام 2007 فقد نزل قرار محكمة الاستئناف الخاص بتأييد محكمة الدرجة الأولي بالسجن سبع سنوات علي عضو مجلس الشيوخ عن حزب الحرية الحاكم مارشيلو دي لوتري كالصاعقة علي بيرلوسكوني ليس لانه يعتبره احد اعضاء حزبه فقط بل لأنه ذراعه اليمني ومؤسس حزبه، وقد جاء حكم المحكمة ليؤكد جميع الاقاويل والروايات التي كانت تثار حول علاقة بيرلوسكوني مع المافيا فقد كشفت حيثيات الحكم عن دور »دي لوتري« في التوسط مع زعماء المافيا لصالح بيرلوسكوني وكيف كان يقوم بتسليم مبالغ مالية كبيرة لزعماء المافيا من بيرلوسكوني في مقابل اعمال تقوم بها المافيا لصالح بيرلوسكوني. وكان دي لوتري علي اتصال وثيق بزعماء المافيا بصقلية من اجل تمهيد الطريق لصالح بيرلوسكوني والتعاون مع المنظمة الاجرامية من اجل كسب رضائها السياسي لصالحة بمما مكنة في اول خطوات حياته السياسية من تأسيس اكبر حركة سياسية عام 1994 اطلق عليها وقتها فورسا ايطاليا استطاع بها اجتياز الانتخابات البرلمانية والفوز بالاغلبية و تولي رئاسة اول حكومة له ..وامام ما يشهده المسرح السياسي الايطالي من صراعات وتدهور وانقسامات بين زعماء القوي السياسية تقف منظمة المافيا الايطالية مترقبة بحذر وقوة ما ستفسر عنه المواجهات المشتعلة بين زعماء السياسة التي لم تكتف فقط بحربها داخل قاعات البرلمان بل امتدت صراعاتها ايضا في الشوارع والميادين في صورة مسيرات ومظاهرات وسط الشباب والعمال المناهضيين لحكومة بيرلوسكوني التي حملت طابع العنف والصدام المسلح مع قوات الامن بما اسفر عن وقوع جرحي والقبض علي عشرات المتظاهرين . وتنتظر المافيا الان بشغف حل البرلمان واجراء انتخابات برلمانية مبكرة لاعادة ترتيب بيتها الاجرامي في ضوء سيطرتها علي اصوات الناخبين ليس فقط في معاقلها بمدن الجنوب بل ايضا في مدن اقليم الشمال بعد ان استطاع اخطبوط المافيا الوصول و السيطرة بقوة علي جزء كبير من النظام الاقتصادي لمدن الشمال واصبحت المافيا مثلها مثل اي حزب سياسي لها شعبيته الكبيرة وسط مواطني الجنوب بما يمكنها من تغيير مسار نتائج الانتخابات لصالح من تريده ولمن يتفق معها في عملياتها الاجرامية ولا يخفي علي قضاة مكافحة المافيا مدي وحشية المنظمة الاجرامية في الاطاحة بكل من يقف حاجزا امام سيطرتها علي مصير الانتخابات السياسية والمحلية في مدن الجنوب فقد قامت المافيا باغتيال عشرات المرشحين والسياسين علي مدار السنوات الماضية وحتي الان لتغيير الوضع لصالح طرف ضد اخر حتي اصبح قانون عائلات المافيا هو القانون السائد في مدن الجنوب الذي يجب علي اي ناخب او مرشح ان يعيه تماما قبل اتخاذ اي قرار يعرضة للاغتيال علي يدها ويري المراقبون ان الانتخابات البرلمانية المقلبة اذا تم حل البرلمان سوف تلعب فيها المافيا فيها دورا حاسما في توزيع مناطق النفوذ السياسي في اقليم الجنوب الايطالي لمن ينجح في كسب رضائها والاتفاق معها وبالتعهد لها بالعمل لصالحها بعد الفوز .