د. عماد عبدالغفور بمناسبة استقالة المستشار القانوني للسيد الرئيس تأكد عندي أهمية الحديث عن إدارة الخلافات، والخلافات أمر ضروري الحدوث في الحياة والعمل فهي تقع لا محالة بين الأفراد و داخل المؤسسات، بل الاختلاف من السنن الكونية " وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ " وتلافي وقوع الخلافات يعد أمراً قد يكون مستحيلاً مع وجود الأهداف والقيم المتباينة وفي ظل الفروق الفردية بين الأفراد، لكن السعي لحل الخلافات وإدارتها بطريقة فعالة هو من صميم مهارات الأشخاص المؤثرين والمؤسسات الناجحة. وغالباً ينشأ الخلاف بين طرفين بسبب وجود أهداف يعتقد كل منهما أنه هو الأصح، وهذه الأهداف قد تكون نتيجة لحقائق موضوعية، أو قيم فردية، أو حتي وجهات نظر، ويبدأ الخلاف من التعارض في وجهات النظر، وقد يتفاقم الخلاف لأشكال غير مرغوبة من التراشق اللفظي والعداء أو العنف، بينما ينتهي الخلاف عندما ترضي الجهات المشتركة إما بربح أو خسارة وهذا لا يحدث غالباً إلا إذا شاء الطرفان أن ينتهي الخلاف، شريطة أن تكون الأطراف الراغبة في الحل تتمتع بعدد من المهارات والاستراتيجيات التي تمكنها من حسم هذا الخلاف. ويمكننا تقسيم الخلاف إلي نوعين أولهما: خلاف التنوع وهو خلاف يقود للنجاح وليس للفشل، فهو يثري التجربة ويقود للتنمية، فهو يتفق في الأسس والأهداف يختلف في الرؤي والحلول فهو يرتكز علي إيجاد أكثر من طريقة لحل للمشكلة الواحدة، وثانيهما خلاف التضاد أو التعارض وهو يعني تعارض في المنهج والهدف ووجهات النظر بما يقود لنتائج متعارضة، وبالتالي يمكننا اعتباره خلافاً هداماً يقود للفشل. ويقسم كذلك الخلاف إلي أنواع حسب أحوال الخلاف، منها الخلاف الخفي وأسبابه عديدة منها الغيرة والحسد والخوف علي الرزق، وقد يكون من أصعب الأنواع في الحل ومثاله خلاف النبي يوسف مع إخوته، وكذلك خلاف ابني آدم "واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا ولَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ" . وغالباً يتحول الخلاف الخفي إلي "الخلاف المحسوس" ويضاف إلي ما سبق وحسب طبيعة الخلاف ما يعرف ب "الخلاف الجلي" أو الظاهر، وهو الذي منه تظهر آثار الخلاف جلية إما بمشاعر متبادلة أو بأقوال حادة أو حتي بأعمال لا مسئولة. ومن الباحثين من يقسم الخلاف حسب أسبابه ودوافعه، وعلي أي حال فإنه لابد من البحث في كيفية إدارة الخلاف، وهي إجمالاً لا تخرج عن قسمين: الإدارة السلبية للاختلاف والذي يعتمد علي الانسحاب أو الهروب أو الانطواء والانكفاء علي الذات، و الإدارة الإيجابية للاختلاف والتي تعتمد علي التهدئة أو التلطيف، أو التسوية والحل الوسط، وما يستلزمه ذلك من امتصاص الغضب وتوجيه الخلاف، وإدارة الانتقاد واحتواء المنتقِد والتفاوض. مرة أخري الخلافات ليست كلها سيئة، كما أن الخلاف النبيل الذي يظهر في الحوار والنقاش الهادئ أو بالتنافس في الأعمال الإيجابية أو المعبّر عنه في الوقت الملائم يمكن أن يكون مفيداً لتنميتنا جميعاً وحمايتنا من الأضرار الكبيرة كما يمكن أن يكون موعداً مع انطلاقة جديدة بحماس وحيويّة وتعاون وبالتالي فإن الخلاف قد يكون طريقاً للمزيد من الإبداع والابتكار لأنه يوفر حوافز التحدّي والتطور والتغيير.