تبدأ الحكاية بخطاب من بطلة الرواية " شهيرة " ترسله إلي الكاتبه تحكي فيه حكايتها ، وتصف فيه نفسها، ثم تسير الرواية بعد ذلك في طريقة السرد المستقيم زمنياً، مع تعدد الحكايات الفرعية التي تغني الموضوع وتظهر الجانب الخفي منه، والاستقامة الزمنية دائماً ماتركز علي الزمن النفسي، ورصد خلجات الذات في مواجهة العالم وفي مواجهة النفس والاعتراف بلحظات الضعف والوقوع في الخطأ بوعي للانتقام أو للضعف البشري الذي هو جزء من التكوين النفسي للأبطال لدي نور عبد المجيد التي تنسج خيوط شخصياتها ببراعة وصبر. لدي نور عبد المجيد عادة تصرعليها في أغلب رواياتها فتبدأها بإهداءين، تحاول فيهما منح القارئ مفتاح فهم شخصياتها وهذا الجزء من هذه الثنائية لم يخرج عن هذه العادة فجاء إهداؤه الأول إلي " نور وكريم... إلي من علمتهما الحب والصدق والحنان، ولا أعلم هل يغفران لي عندما يدركان أنها ذنوب وخطايا لا تغتفر" والإهداء الثاني يمثل جزءاً من الرواية وتقول فيه "إلي شرفة مهجورة تئن في القلب .. يعبرون ويعزفون الألحان كثيراً، لكن ما أستحق سكناكِ أحد بعد" الجزء الثاني من هذه الثنائية يمثل الوجه الآخر لحكاية شهيرة، أو الطرف الثاني الذي خان والذي تمت خيانته، وكيف وقع هو في الخيانة، وكيف استقبلت " شهيرة " اعترافه، وتتركه الرواية معلقاً في براثن العذاب، بعد أن قامت هي برد خيانته، بوعي وبدافع الإنتقام والثأر للكرامة الشخصية لكن الأمر كان مريراً علي كليهما، وفي تفاصيل هذه الرواية الثنائية أو ذات الوجهين نطالع عوالم كثيرة ذاتية وجمالية أقرب إلي الملحمة الإنسانية الكبيرة، وكيف يقع البطل في لحظة الاعتراف تحت ضغط الضمير يقول البطل رؤوف في " أنا الخائن ": علمت أني كنت أحلم وعلمت أني قلت لا لزهرة لأن أبداً لا أريد لجسدي سوي زوجتي .. في جنون، ضممت شهيرة إلي صدري؛ وقلت باكياً : أنا أحبك .. وحدك .. كانت تبتعد عن صدري، وهي تبكي، ثم تعود إليه من جديد، وتبكي أكثر .. كنت أعلم أنها تتمني أن تقول وتسأل .. لكنها تخشي أن أكرر جنوني وصدي ككل ليلة .. كانت تبكي بكاء مريراً علي صدري، وكانت كلما ابتعدت عنه، أعود بها إليه .. أنا من يريد أن يحتمي بها لو تعلم .. وعندما لامست وجنتاي وجنتيها المبللتين بدمعها، شعرت أنها زهرة، وأن الدمع هو ذاك الدمع، وأن الجسد هو ذاك الجسد .. أنتفضت في جنون، لا أعلم عن أي جسد فيهما ابتعد، وصحت : لا أستطيع .. نعم لا أستطيع أن أفعل، كنت أشعر أن بقايا امرأة أخري، مازلت علي جلدي وأنفاسي.. أنفجرت كلغم، طال انتظاره تحت الأتربة .. لا أعلم ماذا قلت أو بماذا صرحت.. وعدت أقول لها ليست امرأة .. هي سيدة تموت، ثم عدت أبكي، وأنا أقول إنها كانت يوماً زوجتي .. حبيبتي .. لا أعلم .. والله لا أذكر شيئاً مما قلت .. لكن أذكر بوضوح جسد شهيرة العاري، وهو ينتفض، كأنه يتلوي تحت ألف سوط غضب، وألف سوط ألم وحزن وسخط .. جفت عيناها من الدمع، جحظتا حتي ظننتني أمد يدي، وأعيدهما إلي مكانيهما .. لا أعلم كم حاولت أن أصل إلي كفها .. كم تمنيت لو تفهمني .. لو تسمعني أو لو أني حتي أستطيع الحديث.. نهضت إليها، أمسكت بذراعها، رجوتها أن تفهم .. رجوتها أن تساعدني لأحكي لها القصة .. لكن شهيرة ابتسمت سيدتي وأخبرتني في جنون أنها علي استعداد، لأن تسمع القصة، وعلي استعداد للبقاء " أنا الخائن " صدرته المؤلفة أيضاً بإهداءين : إلي شهد أيامي وسكرّها .. العمر حبيبتي أقصر من المقامرة في الحب، والسعادة لا منطقة وسطي إما أن نبقي أو ننسحب. والإهداء الثاني إلي : دعاء أراه بفضل الله تحقق .. إلي حبيبة عاهدتني لأن يبقي الحب بيننا وإن " نفخت فيه من روحها " إلي دعاء سليمان هل تراه حقا يبقي. وعلي عكس الجزء الأول الذي جاء علي هيئة رسالة طويلة أرسلتها البطلة إلي المؤلفة، يبدأ الجزء الثاني حيث يقول رؤوف البطل في " أنا الخائن " وفي أول جملة " أحتاج امرأة ". في كلمة كاشفة عن طبيعة الرجل ومدي استجابته للخيانة. نور عبد المجيد روائية وكاتبة صحفية، صدر لها من قبل : " وعادت سندريلا حافية القدمين " ديوان شعر، وروايات مثل " الحرمان الكبير " و " نساء ولكن " و " رغم الفراق " و " أريد رجلاً " و " أحلام ممنوعة". عملت نور عبد المجيد فترة في الصحافة حيث شغلت منصب مسئول تحرير مجلة " مدي " السعودية لمدة عامين، ومنصب مساعد رئيس تحرير مجلة " روتانا " ، ولها عمود ثابت في مجلة " كل الناس " الأسبوعية، وهي الأن متفرغة للكتابة.