عبدالغفار شكر شاركت الدكتور عمرو حمزاوي ندوة في كلية الحقوق جامعة القاهرة حول الليبرالية والاشتراكية، اتضح لي في نهايتها أن هذين التيارين كانا دائما في علاقة تأثير متبادل، فقد نشأ التيار الاشتراكي كرؤية نقدية للنظام الرأسمالي والفكر الليبرالي حيث طرح الاشتراكيون الحقوق الاقتصادية والاجتماعية باعتبارها حقوق جماعات اجتماعية أهملها الفكر الليبرالي عندما انطلق من الفرد كأساس للحقوق المدنية والسياسية وهي في مجملها حقوق فردية، وطرح الاشتراكيون أيضا التخطيط للاقتصاد ودور الدولة في مواجهة عيوب الاعتماد علي السوق وترك الأمر للعرض والطلب في تحديد اسعار السلع والخدمات وتحديد الاجور ،ولم يهتم الفكر الاشتراكي في البداية بالحقوق المدنية والسياسية ،وعندما ظهر للوجود النظام الاشتراكي ممثلا في الاتحاد السوفيتي والصين وشرق اوروبا ونجحت الدول الاشتراكية في البداية في تحقيق معدلات عالية للتنمية بفضل التخطيط والعدالة في توزيع ثمار التنمية اتجه الفكر الليبرالي الي تقديم تنازلات للطبقة العاملة علي شكل خدمات اجتماعية مجانية أو بتكلفة مناسبة وخاصة في مجال التعليم والعلاج والاسكان وتحسين الاجور وربطها بالاسعار، كما طبقت في الدول الرأسمالية نظم متقدمه للتأمينات الاجتماعية والمعاشات. وبالمقابل فان الفكر الاشتراكي قام بمراجعة شاملة عندما انهارت النظم الاشتراكية وكان واضحا أن الطابع السلطوي لهذه النظم لعب دورا أساسيا في انهيارها فاعترف بأهمية الحقوق المدنية والسياسية وانطلق من الديمقراطية البورجوازية وآلياتها مثل التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات دورية حرة وبناء مجتمع مدني قوي واعلام حر ومتنوع، وانعكس هذا التطور في الفكرالليبرالي المصري وكذلك الفكر الاشتراكي المصري حيث تتضمن برامج الأحزاب الاشتراكية مفهوما جديدا للديمقراطيه ينطلق من مقومات وآليات الديمقراطية البورجوازية وأضاف اليها اشكالا جديدة للمشاركة المباشرة في ادارة مؤسسات الدولة وفي المحليات. وبالمقابل فان الأحزاب الليبرالية تضع في برامجها العديد من المطالب المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وتهتم أكثر بمسائل الاجور والخدمات الاجتماعية المجانية وتحفل الدعاية الانتخابية للأحزاب الليبرالية بطرح هذه المسائل أكثر مما كانت تطرحه من قبل .وهكذ فان كلا التيارين قام بمراجعة أفكاره تحت ضغط الواقع واستجابة لمصالح طبقات أوسع من تلك التي يدافع عن مصالحها ومن المؤكد أن هذه التطورات الفكرية تصب في النهاية لصالح الشعب المصري.