يا أبناء وطني، لو أردتم لمصر خيرا، لو أردتم الإبقاء علي نقطة رجوع لهذا الوطن، لو أردتم أن تعودوا به إلي ما قبل مرحلة الإحتقان المقيت والفتنة الكبري التي نمر بها الآن، لو أردتم له أن يستعيد روح يناير، لو أردتم لهذه الثورة أن تحقق يوما أهدافها التي قامت من أجلها، لو أردتم أن يأتي يوم ننسي فيه المرارة وننطلق جميعا لمرحلة البناء، لو أردتم ما ذكرت، فإني أحذركم وأحذر نفسي معكم... إياكم و المساس بالرموز. وأعني بالرموز هنا يا سادة هيبة الأزهر الشريف وشموخ الكنيسة الوطنية المصرية، ولكليهما لدي مسلمي و مسيحيي أرض الكنانة مكانة لم ولن يسمحوا لأنفسهم يوما بأن يتسامحوا فيها مع من يسيء لأي منهما. نعلم أنه قد يقبل الإنسان ان يتعرض له البعض بالنقد في المظهر أو السلوك أو التصرفات، أما التعرض للدين و المعتقد فهذا أمر محظور تماما إذ يمس أعلي وأسمي ما يعتز به الإنسان وهو دينه و كتابه و دار عبادته و يستوي في هذا من هو متمسك بتعاليم دينه وغيره مسلما كان أو مسيحيا أو يهوديا أو حتي بوذيا. لذا، فقد التمست العذر لأبنائي من الشباب المسيحي في محنة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية كما التمسته لكل المصريين مسلمين ومسيحيين والذين هزهم الهجوم الضاري الذي تعرض له الأزهر الشريف - منارة الوسطية - قبل واقعة الكاتدرائية بأيام معدودة. أتحدث عن واقعة الكاتدرائية وكنت لا أريد أن أتطرق لأحداث الخصوص ذلك إذ كنت قد أخذت علي نفسي عهدا بألا أتناول بالتعليق أي حدث يقع نتيجة خلاف بين مسلم ومسيحي علي أنه كذلك، بل أراه خلافا بين مصري ومصري يجب إلا يتعرض أبدا للعقيدة فالعقيدة خارج هذا الخلاف ويجب أن تكون دائما كذلك وبائس من يحاول أن يتذرع بالدين لتبرير تصرف مشين. وكي تكونوا في الصورة، لكم أن تتصوروا شبابا ثائرا يشيع جثامين أحباء وأصدقاء وجيران قضوا لا لشئ إلا لحالة التطرف العنيف التي نتعامل بها مع بعضنا البعض ولشجار تافه يحدث كثيرا في حياتنا اليومية العادية فنجده يتطور ليصبح ضربا للنار وحرقا للأجساد وهدما للدور وتدميرا للمحال، لا لشئ إلا لمرض في نفس بعض ممن اتخذوا الدين ستارا لتفريغ الاحقاد وبث السموم وزرع الفرقة بين أبناء منطقة الخصوص التي كانت وستظل بعد هذه المحنة بإذن الله نموذجا للتعايش بين ابناء هذا الوطن، لكم ياسادة أن تتصوروا مدي الحزن والمرارة والإحساس بالإحباط والاضطهاد لدي هؤلاء الشباب قبل أن تحكموا عليهم، أليس بالأحري أن تمتد ايادي المصريين جميعا في هذه اللحظة لتربت علي أكتاف هؤلاء كي يستعيدوا الاطمئنان والأمان، لا أن يجابهوا بالطوب و السباب بل والاعتداء غير المبرر علي اسمي رموز المسيحيين بمصر وهو مبني الكاتدرائية المرقسية بالعباسية؟ أدرك تماما أن هتافا أو سلوكا منفلتا قد يصدر في مثل هذه الظروف المشحونة، ولكن قولوا لي بالله عليكم، من منا يتسم سلوكه بالانضباط في هذه الأيام؟ ومن هنا اقول ما يقوله علماء الاجتماع من المتابعين للأحداث وهو أن ادراك مشاعر الآخرين المحبطة هو أولي خطوات التهدئة في هذا البلد كي نستعيد وطننا المتآلف المتعايش المتحاب الذي ضم المسلمين والمسيحيين علي مدي السنين. أعزائي القراء، كلمة صريحة أقولها لخير هذا الوطن... الدين والعقيدة والرسل والكتب السماوية والمقدسات خطوط حمراء، دور العبادة خط أحمر، الأزهر الشريف خط أحمر، الكاتدرائية المرقسية خط أحمر، المساجد و الكنائس وأضرحة الاولياء خط أحمر، منبر المسجد والكنيسة ليس لهما دور إلا الوعظ والارشاد وإسداء النصح النافع في أمور الدين والدنيا، أما غير ذلك فلا.... لنتفق علي هذا ولنختلف بعدها في كل شئ وأي شئ ولنا الحق كل الحق في ذلك.