د. عمرو خالد سئل الخوارزمي عالم الرياضيات عن الإنسان بالأرقام فقال : إذا كان الإنسان ذو اخلاق فهو يساوي واحد صحيح فإذا كان ايضاً ذو جمال فأضف للواحد صفراً فيكون 10 وإذا كان ايضاً ذو مال فأضف صفراً فيكون 100 وإذا كان ذو حسب ونسب فأضف صفراً آخر فيكون 1000 وهكذا لكن إذا ذهب الواحد ( الأخلاق ) لم يتبقي من الإنسان إلا الأصفار فقط . الأخلاق هي صمام أمان المجتمع وهي صمام أمان تماسك المجتمع ولا توجد نهضة بلا أخلاق الأخلاق هي الأساس المعنوي لنهضة الأمم ومقياس تطورها وتقدمها ورفعة شأنها قال تعالي: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)) (الشمس)، و تغيير شئون الأمم وقفًا علي تغير أخلاقها وصلاح نفوسها قال: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (الرعد). ولذلك نحن اليوم مع خلق جديد كله رحمة بالناس وهو عامل من عوامل استقرار المجتمع وتماسكه بل ويبعث علي سعادة الفرد والمجتمع لأنه لو انعدم هذا الخلق كان سبباً في انتشار الفساد والمشاكل النفسية والمجتمعية بين الناس .. خلق اليوم اسمه الستر . كم هي البيوت التي تهدَّمت علي أصحابها بسبب انفضاح سِترها وانكشاف عوراتها!،وكم هي المشكلات التي حدثت بين الناس لأنهم ترخَّصوا في الكلمة وأشاعوها!، وكم هي الجراح التي أدمت القلوب لأن البعض لم يحفظوا أسرارًا ائتمنوا عليها! إن المسلم في الحياة معرض للخطأ والزلل، فلو فضح في كل خطيئة لاستمرأ الخطأ وزاد الفجور، وقلَّ الحياء في المجتمع ، الذي يهتك ستر الله له فهو غير مراقب لله، ولم يستح من أحد، فهو بعيد عن التوبة، وعن المغفرة . إن خلق الستر يطفئ نار الفساد ويشيع المحبة والرحمة بين الناس. و يورث الساتر سعادة وسترا في الدنيا والآخرة. واتصاف صاحبه بالرحمة والحكمة والقدرة علي الكتمان. ويعمل علي إتاحة الفرصة للمتجاوز أو المسيء ليعود إلي صوابه . إن الساتر لعيب غيره يحس بالسعادة والطمأنينة، لأنه فعل خيرا، وستر مسلماً، ويتذوّقَ طعم الإيمان إن الساتر لعيبه قد استحي من الله ومن الخلق، ولهذا هو حسن الظن بربه يرجو المغفرة .. استر الناس وارحمهم بسترهم وستر عيوبهم و أخطائهم ليرحمك الله ويسترك. واستر الناس في الدنيا ليسترك الله تعالي يوم القيامة يقول النبي صلي الله عليه وسلم (ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ). البخاري ولكن ماهو الستر ؟ الستر: هو أَسْتُرُه إِذا غَطَّيْته فاسْتَتَر هو. ومعني من ستر مسلماً أي رآه علي قبيح فلم يظهره للناس و الستر هو إخفاء ما يظهر من زلات الناس وعيوبهم. و هو عدم تتبع عوارت الناس والتنقيب علي ما يسوؤهم و الستر يكون علي من يعرف بالصلاح فمثلا لا يكون الستر علي المجرمين و ستر النفس يكون بالبعد عن الجهر بالمعصية . والستر غطاء وحجاب إذا غطيت العيب فلم يره أحد قال تعالي (وإذا قرأت القران جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستورا ) استر عيوب الناس يسترك الله . ما اجمل هذا الدعاء ( يامن أظهر الجميل وستر القبيح ) انظر كم سترك الله وستر عيوبك وأظهر الجميل منك ؟ يامن أظهر الجميل وستر القبيح .. ستر خواطرك السيئة تجاه الناس والمقربين وستر مشاعرك الداخلية و أفكارك . يامن أظهر الجميل وستر القبيح .. ستر قبيح الأمعاء والدماء والعظام وكساها وغطاها بالجلد الجميل. يامن أظهر الجميل وستر القبيح .. ستر ذنوبك تخيل لو أن للذنوب رائحة لما استطاع أحد ان يجلس معك . يامن أظهر الجميل وستر القبيح .. تخيل لو عصيت فكتب علي باب بيتك أو علي جبينك . يامن أظهر الجميل وستر القبيح .. سترك في الدنيا وهو يسترها عليك يوم القيامة قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( يدنو أحدكم من ربه، حتي يضع كنفه عليه فيقول: أعملتَ كذا وكذا؟ فيقول: نعم. ويقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم. فيقرره، ثم يقول: إني سترتُ عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم) البخاري . لا تفضح الناس أو تتبع زلاتهم أيسترهم الله في كل ذلك وتفضحهم أنت من أنت لتكشف سترا ستره الله علي احد تخيل وانت تفضح أو تشهر بالناس كأنك ترفع ستارة وضعها الله .. فإياك وعدم الستر علي الناس عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما - قال : صعد رسول الله - صلي الله عليه وسلم - المنبر فنادي بصوت رفيع ، فقال : " يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفضِ الإيمان إلي قلبه .. لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم ؛ فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله .. أخرجه الترمذي . وتعلم من رسول الله صلي الله عليه وسلم كيف يحب الستر .. لما جاء رجل بماعز الذي ارتكب جريمة الزنا فقد رآه الرجل وهو يزني مع المرأة الغامدية فأمسك بماعز فقال له: يا رسول الله لقد رأيته يزني ..فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم : هلّا ستره بثيابك ؟ تخيلوا هذا الأدب النبوي وقارنوا ذلك بفضائح النت والجرائد واليوتيوب ونشر الفضائح . وفي عهد عمر بن الخطاب كان شرحبيل بن السمط قائد جيش فقال لجنوده " إنكم نزلتم أرض الروم وهي بها خمر ونساء فمن أصاب منكم كبيرة فليأتنا حتي نطهره . فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فغضب و كتب له : أتأمر قوماً ستر الله عليهم أن يهتكوا ستر الله عليهم .. احذر أن تفضح الناس قال تعالي »إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ« النور. وعن مُعاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول: ((إنَّك إن اتَّبعت عَوْرَاتِ النَّاس، أفسدتهم أو كدت أن تفسدَهم))، شيوع الفاحشة وانتشارُ شرارتِها الأُولي إذاعة الأخبار السيِّئة، والمعاصي الخفية، فيجترئ حينها وبعدها ضعافُ النفوس ومرضي القلوب عليها في الهواء الطلق، بلا خوفٍ من خالقٍ أو حياءٍ من مخلوق ومن هنا كان اهمية خلق الستر حتي لاينتشر الفساد بين الناس فلا تكن السبب في ذلك .