أكدت قضية النائب العام، التي حكمت فيها دائرة القضاة بمحكمة استئناف القاهرة، بما لم يعد يحمل أي شك أن القضاء في مصر أصبح مشاركا بنسبة كبيرة في محاولات اسقاط الدولة وزعزعة الحكم والحيلولة دون الاستقرار، ونشر الفوضي، وبث عدم الثقة لدي أبناء الشعب، ودعم البلطجة، وتضييع الحقوق.. وهذه حقيقة مؤكدة أصبحنا نلمسها في حياتنا اليومية، وتكرسها أحكام القضاء اليومية التي تصدم المشاعر وتهز النفوس! حكمت دائرة القضاة باستئناف القاهرة بغير اختصاص ببطلان قرار الرئيس محمد مرسي بعزل النائب العام السابق عبدالمجيد محمود، وهو حكم يأتي علي هوي القوي السياسية »المخربة« التي طالبت بعزل ذلك النائب العام، لدوره المشبوه في اخفاء حقائق قتل الثوار، وعندما أصدر مرسي قراره، ثارت هذه القوي واعتبرت ذلك تدخلا في شئون القضاة، وخرجت نفس المظاهرات، التي كانت تطالب بعزل النائب العام لتندد بعزله! ودائرة القضاة هذه مختصة بفض المنازعات بين القضاة وليس لها أي اختصاص آخر.. وقد أصدرت حكمها بعد »42« ساعة فقط من حكم القضاء الإداري بعدم اختصاصه بهذه القضية، مع أن نفس الدائرة لم تبت منذ شهور عديدة في طلب بعض القضاة برفع الحصانة عن المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة للتحقيق معه بشأن اتهامات موجهة إليه.. ثم ان عزل النائب العام عبدالمجيد محمود جاء تنفيذا لنص في الإعلان الدستوري وفيما بعد تضمنه الدستور المصري، بألا تزيد مدة خدمة النائب العام عن أربع سنوات، ثم جاء تعيين المستشار طلعت عبدالله نائبا عاما بما يتوافق مع قانون السلطة القضائية، وجاء الدستور ليحصن هذا المنصب الرفيع من العزل.. وإذا كان عبدالمجيد محمود هو الذي رفع هذه الدعوي القضائية، فلعله يتناسي أنه تولي منصبه بدلا من مستشار آخر، وأن ابعاد أكثر من نائب عام تم أكثر من مرة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، دون أن يتحدث أحد عن الاعتداء علي القضاء! والذين يطالبون اليوم بعودة عبدالمجيد محمود نائبا عاما، عليهم أن يخجلوا من انفسهم.. فهذا الرجل هو الذي أخفي دلائل القضايا الخاصة بقتل الثوار.. وقد اعترف مؤخراً بتلقيه هدايا من المؤسسات الصحفية. واعاد أكثرها إن لم يكن قد أعادها كلها فهل يليق بمصر ان يكون نائبها العام من الذين يتلقون الهدايا من المؤسسات العامة؟.. وكلنا يعرف كم الفساد الذي كان سائدا في هذه المؤسسات قبل ثورة يناير، والذي أضاع عليها مليارات الجنيهات، وتعالوا نربط بين تلقي الرجل للهدايا الثمينة من المؤسسات الصحفية التي تعاني الآن بشدة وبين استمرار الفساد يعشش بين جدرانها، ونضع العديد من علامات الاستفهام والتعجب.. والمفروض الآن أن يتولي التفتيش القضائي أمر عبدالمجيد محمود، ويبحث قرار فصله من السلك القضائي. أما قضاة دائرة القضاة باستئناف القاهرة، فقد أرادوا بحكمهم هذا الدخول في دائرة الضوء التي دخلها من قبلهم قضاة آخرون حكموا بأحكام ما أنزل الله بها من سلطان أثارت الشعب وساندت فلول النظام السابق وسارقي أموال الشعب المصري كما تجاوزوا اختصاصهم وتعدوا علي الدستور.. وهذا يستوجب أيضا تدخل التفتيش القضائي المعطل منذ فترة طويلة، والساكت سكوتا مريبا عما تشهده الساحة القضائية الآن من مساندة للعنف والبلطجة والفساد! وأصبح الأمر الآن يستوجب تفعيل دور التفتيش القضائي، وإبعاد كل القضاة الذين تحوم حولهم الشبهات، وايقاف مهزلة تعيين أبناء القضاة والمستشارين في السلك القضائي، مهما كانت مستوياتهم الدراسية وصفاتهم الشخصية.. لقد ضج الشعب مما يحدث في الساحة القضائية، بعدما أصبح كل يوم يطالع أنباء الإفراج عن البطلجية والمأجورين، الذين يتم ضبطهم متلبسين في أحداث العنف والتدمير بالقاهرة، والإسكندرية وبعض المحافظات.. ويسمع عن اطلاق سراح رموز النظام الفاسد، لكي يمارسوا عدوانهم علي الشعب عن قرب.. ولذلك فقد آن الأوان للتطهير.