مجدى عبد العزيز يحاور السيد الغضبان وضعنا عدة ملفات إعلامية في مواجهة الخبير الإعلامي السيد الغضبان ابن الإذاعة المصرية العريقة وصاحب التجارب الكثيرة في مجالات الإعلام المسموع والمرئي والمقروء الذي ارتبط اسمه بتصديه المستمر للعديد من قضايا الفساد ليس في مجال الإعلام فقط، ولكنه امتد ليشمل جميع المجالات الأخري طوال سنوات حكم الرئيس المخلوع وحاشيته وظل مستمرا أيضا بعد قيام ثورة 25 يناير المجيدة خاصة بعد دخول الفضائيات حلبة الصراع السياسي في مصر ورأينا فرق وتيارات تنحاز لطرف علي حساب طرف آخر وهكذا اختلط الحابل بالنابل علي رأي مثلنا الشعبي الشهير في سوق الإنتاج البرامجي الذي اصطلح علي تسميته بالتوك شو. اخترنا قضية الفضائيات وما يثار حولها من اسئلة حائرة وعلامات استفهام لنضعها في هذا الحوار مع الخبير الإعلامي الكبير السيد الغضبان مستشار رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي والمشرف علي القطاع التجاري والتسويق بجانب قطاعي الإنتاج السينمائي والدرامي اللذين يشهدان خلال المرحلة المقبلة دوران لعجلة الإنتاج بتصوير اعمال تليفزيونية وسينمائية جديدة استعدادا لشهر رمضان المقبل. في البداية قلت للسيد الغضبان: كخبير إعلامي مرموق كيف من وجهة نظرك مواجهة الانفلات الإعلامي الحادث الآن علي شاشات الفضائيات؟ قال: لن تتم السيطرة علي الانفلات الإعلامي علي شاشات بعض الفضائيات الرسمية والخاصة إلا من خلال تشكيل جهاز له شرعية قانونية لضبط الأداء المهني بشرط أن يكون اعضاء هذا الكيان من شخصيات تتمتع بخبرة مهنية عالية واستقلال حقيقي عن جميع التيارات السياسية ويكون لهذا الكيان أو الجهاز ميزانية مستقلة ولا يتبع السلطة التنفيذية وله استقلال كامل ويتمتع الأعضاء العاملون بهذا الجهاز بالحصانة ضد العزل ولا تقل فترة عملهم عن 6 سنوات ولا يجدد لهم مرة ثانية وتكون قرارتهم ملزمة للمخالفين وأن تكون من سلطات هذا الجهاز اغلاق أي قناة بحكم قضائي وليس عن طريق أية قرارات أخري عشوائية. ويضيف السيد الغضبان قائلا: والانضباط لن يتحقق أو تتم مواجهته إلا من خلال نقابة للإعلاميين في الراديو والتليفزيون تمارس نفس المهام التي تمارسها نقابة الصحفيين وهو عدم السماح لغير المقيدين في جداولها بممارسة المهنة الإذاعية المسموعة أو المرئية حفاظا علي آداب المهنة وعلي حقوق ابنائها وبذلك تكتمل منظومة المؤسسات التي تتولي ضبط الأداء الإعلامي ليتفق مع المعايير المهنية المستقرة.. ومشروع قانون المجلس الوطني للبث المرئي والمسموع ومشروع قانون نقابة مهنية للإذاعيين راديو وتليفزيون سوف يتم تقديمهما لمجلس الشوري قريبا. قلت له: بصراحة هل هناك أحد يقف وراء تمويل هذه القنوات باستثمارات مشبوهة أو إعلانات تخفي من ورائها تنفيذ أجندات سياسية خاصة؟ قال: لا شك ان هناك أموالا أجنبية غير مصرية بجانب أموال مصرية في ذات الوقت لها أهداف معينة وأجندات سياسية خاصة تسيطر علي عدد من الفضائيات بتمويل مباشر أو غير مباشر من خلال كيانات إعلانية ضخمة بعضها تستخدم كوسيلة للضغط وتقوم بتمويل هذه القنوات بطرق وأساليب مشبوهة وأري أن أموال الاعلانات تساهم بل وتساند وتشارك بشكل ورئيسي في افساد الإعلام المسموع والمرئي مهنيا وسياسيا من خلال الفضائيات. وتمضي لحظات صمت يقول بعدها السيد الغضبان: الإفساد المهني يأتي عن فرض نوعيات تافهة من البرامج بحجة انها تحقق نسبة مشاهدة عاليه تجلب الاعلانات وبناء عليه تمنع البرامج المحترمة من الظهور علي هذه الشاشات. أما الإفساد السياسي فيتحقق من خلال الترهيب والترغيب في حجم تورتة الاعلانات التي تبيض ذهبا وفضة بل وتأتي بالألماس فتقبل بعض الفضائيات في سبيل ذلك بتنفيذ هذه التوجيهات السياسية التي تختبيء وراءها شخصيات بعضها من غير المصريين وهم يتولون قيادة تلك الجهات المعلنة في رسم سياساتها البرامجية وهنا نلاحظ وجود قنوات تشعل الحرائق ليل نهار بالتوك شو وغيره من الأشياء الأخري بينما قنوات أخري تكون أقل حدة لانها لم تنل النصيب الأكبر من الخريطة الإعلانية التي يقف وراءها كما ذكرت شخصيات بعضها معلن والآخر مجهول أو بمعني أدق يعمل في الخفاء من وراء الستار ومن الصعب الايقاع أو الامسالك به! قلت له: وماذا يعني لك مفهوم زواج المال بالإعلام؟ اذا تم الزواج بين المال والإعلام يتحقق فورا الفساد ولكن إذا كان هناك من الوسائل التي تمنع هذا الزواج فلن يتم ظهور هذا الفساد واستطيع أن أؤكد ان هناك مواد في مشروع المجلس الوطني للبث المرئي والمسموع تنص علي تحذير المالك للقنوات الفضائية من التدخل في الإدارة المهنية للبرامج وانه يكتفي بالإدارة الإدارية فقط ولا يجوز له ايضا أن يمتلك اسهما في قنوات أخري منافسة. قلت له: كنت أحد كبار الإعلاميين الذين طالبوا باطلاق قناة فضائية مستقلة علي أن تساهم الجماهير في ملكيتها للتعبير عن همومها فماذا تم بخصوص هذه الدعوة؟ للأسف هذه الدعوة لم يكتب لها النجاح لاننا حتي الآن لم نعتاد علي أسلوب العمل الجماعي ومازلت اثق أن اطلاق قناة تمتلك اسهمها الجماهير وتتولي إدارتها تحقق للإعلام استقلالا تاما يبعدها عن التبعية لرأس المال المستغل ويبعدها عن ممارسة الإعلام الفاسد وتأتي برامجها تعبيراً عن ضمير الشعب من خلال مجلس إدارة من الملاك يتم تداول السلطة فيه وبهذا يكون لدينا قناة إعلامية تتبني قضايا الناس وتدافع عن مصالحهم وتمثل نبض الشارع الحر. قلت له: متي تنتهي ظاهرة التوك شو المنتشرة حاليا بين كل الفضائيات وتثير الزوابع ليل نهار؟ برامج التوك شو سوف تنتهي بعد الاستقرار السياسي وسوف ينحصر دورها ويحل مكانها برامج ثقافية وترفيهية متميزة تكون هي فرس الرهان بين كل قناة وأخري وأتصور أن هذا سوف يحدث قريبا. وقبل أن أنهي حواري مع خبيرنا الإعلامي السيد الغضبان سألته عن رؤيته للخريطة الدرامية الرمضانية في ظل الأزمة المالية الطاحنة التي تعاني منها الجهات الإنتاجية حاليا وهل سوف يعود جهاز السينما لاستئناف نشاطه مرة أخري أم لا يزال متعثرا في تنفيذ مشاريعة؟ قال السيد الغضبان بصوت قوي: مدينة الإنتاج الإعلامي تمتلك مقومات هائلة لتكون أهم مركز للإنتاج الفني والثقافي في المنطقة العربية وقد نجحت الإدارة الجديدة بقيادة الإعلامي حسن حامد في انقاذ المدينة من عثرتها لتنطلق لتحقيق اهدافها بعد وضع سياسة جديدة تعتمد علي ضغط الانفاق وتحصيل الديون المتأخرة فمثلا جهاز السينما كان يستأجر دور العرض السينمائي ومعامل التحميض والصوت من شركة مصر للصوت والضوء بمبالغ ضخمة مع تحمل نفقات وأجور عالية تسببت في خسائر ضخمة سنوية للجهاز بلغت عدة ملايين ولم يكن للجهاز قدرة علي الإنتاج الجديد لعدم وجود سيولة مالية رغم انه قدم من قبل اعمالا جيدة ولكنها لم تغط كل الخسائر رغم تحقيقها للأرباح فكان قرارنا هو مواجهة الخسائر المالية بوقف استئجار دور العرض التي تستنزف مواردنا المالية والتركيز علي خطة انتاجية لأفلام متميزة ويعكف عليها الآن المصور الكبير د.سمير فرج رئيس الجهاز حيث يقرأ عدة سيناريوهات جيدة ويضع الخطة اللازمة للبدء في تصويرها وتوزيعها وعرضها بطريقة تحقق الأرباح اللازمة للنشاط السينمائي في ثوبه الجديد. ويضيف السيد الغضبان قائلا: وبالنسبة للإنتاج الدرامي التليفزيوني يعكف منذ فترة طويلة المنتج ممدوح يوسف رئيس قطاع الإنتاج علي تنفيذ عدة مشاريع شديدة التميز ونتمني ان يلحق بعضها بشهر رمضان المقبل وسوف نستعين فيها بالتعاون مع المنتج المشارك الجاد خاصة وأن أزمة السيولة المالية قد لا تتيح الفرصة أمام عدة جهات أخري لتقديم أعمال جديدة لشهر رمضان المقبل. اذا عن التمويل المالي اللازم لهذه المسلسلات؟ قال: لقد بدأنا في تحصيل المتأخرات والمديونيات اللازمة للمدينة ونجحنا في تحصيل نسبة كبيرة جدا من الديون ووفقنا الله لاضافة موارد جديدة لامكانياتنا الفنية وامكاناتنا المالية وهو الأمر الذي لم يحدث منذ 13 عاما ويكفي أن أقول اننا حصلنا في الشهر الماضي فقط أكثر من 30 مليون جنيه.