حالة من القلق والانفعال سيطرت علي الكثيرين في منطقة الشرق الأوسط وخارجها بسبب الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد للبنان يوم الأربعاء القادم علي رأس وفد كبير من الوزراء والعسكريين وقادة الحرس الثوري ورجال الاعمال الإيرانيين. حذرت الخارجية الامريكية مما وصفته بمخاطر تترتب علي هذه الزيارة التي وصفتها بأنها اساءة إيرانية للسيادة اللبنانية يدعمها حزب الله وزعيمه حسن نصر الله. اما اسرائيل فقد اعتبرت زيارة الرئيس الايراني للبنان استفزازا لها! وطالبت وسائل الإعلام الإسرائيلية باغتيال نجاد، الذي وصفته بالرجل الخطير، اثناء وجوده في لبنان او اعتقاله بسبب دعوته لمحو إسرائيل من خريطة المنطقة. وقالت صحيفة هاأرتس ان الفرصة متاحة الآن امام رئيس الوزراء نتنياهو لإرسال قوة إسرائيلية خاصة تعبر الحدود وتقبض علي نجاد لمحاكمته في إسرائيل كماواشارت الصحيفة الي امكانية اعتقال حسن نصر الله ايضاً لمبادلته بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الأسير لدي حركة حماس الفلسطينية! علي الصعيد اللبناني تباينت المواقف تجاه زيارة الرئيس الإيراني. ففي الجنوب ارتفعت صور نجاد واللافتات المرحبة به واقواس النصر في الشوارع، وتم تجهيز الذبائح لنحرها احتفاء به. وفي نفس الوقت اعتبر جزء كبير من قوي 14 أذار التي يدعمها الغرب زيارة نجاد استفزازية وغير مرغوب فيها من جانب ثلثي الشعب اللبناني، واعتبر هذا التيار ان زيارة نجاد تحول لبنان الي قاعدة إيرانية علي البحر المتوسط، بينما رحب الزعيم الشيعي نبيه بري رئيس المجلس النيابي بزيارة نجاد وانتقد من هاجموها بقوله "ان الامريكيين عندما استقبلوا الرئيس الايراني كانوا أرقي وأرحم من بعض اللبنانيين الذين يهاجمونه بقسوة". والحقيقة ان زيارة نجاد للبنان تستحق كل هذا الجدل لسببين اساسيين .. الاول انها تأتي في وقت يشتعل فيه الصراع الداخلي في لبنان الي درجة تهدد بعودة الحرب الأهلية بالإضافة الي انها ستشكل دعماً كبيراً لحزب الله وزعيمه حسن نصر الله في مواجهة خصومه خاصة بعد ان اكدت المصادر الإيرانية ان نجاد سيعرض تسليح الجيش اللبناني وتزويد لبنان بالطاقة وانشاء مدن صناعية علي الاراضي اللبنانية مما يشكل مساندة كبيرة للقوي الشيعية اللبنانية. اما السبب الثاني فهو برنامج هذه الزيارة والذي سيشمل توجه الرئيس الإيراني الي جنوب لبنان والمنطقة الحدودية مع إسرائيل. وبالتحديد مناطق المواجهة بين حزب الله والقوات الاسرائيلية، كما سيتم افتتاح مركز إيراني في قرية مارون الراس الحدودية التي شهدت اعنف المعارك بين حزب الله واسرائيل في حرب يونيو 2006. ورغم اعلان طهران ان التهديدات الإسرائيلية ضد الرئيس الإيراني لن تؤثر علي برنامج زيارته ، إلا انها ارسلت 3 فرق أمنية الي لبنان لحمايته بالإضافة الي عناصر من قوات حزب الله سترافقه طوال فترة تواجده علي الاراضي اللبنانية. والحقيقة ان هذه الزيارة تشكل خطوة شديدة الاهمية علي صعيد دعم النفوذ الايراني في لبنان والمنطقة وفي كل الأقوال سوف يتعين علي الجميع انتظار ما ستسفر عنه هذه الزيارة من نتائج مهمة سواء علي صعيد الصراعات الداخلية في لبنان او بالنسبة للموقف في منطقة الشرق الأوسط بوجه عام.