على عبد المنعم أحب السينما وأداوم علي دخول دور العرض مرة أسبوعياً، وأعتبر نفسي (مشاهد شَرِه) لأفلام السينما الغربية، فهي تخلق عالمًا موازيًا جميلاً مليئاً بالحب والكراهية والرعب والضحك؛ يساعدنا علي الخروج من الواقع الذي نعيشه. هذا لا يمنعني من الحديث عن مشكلتي مع فكرة ال"سوبرمان"، التي تحفل بها أفلام السينما الغربية بتنوعاتها؛ ليس لأنها خالية من التفاصيل الواقعية، ولكنها فكرة أضافت عبئًا نفسيًا كبيرًا علينا نحن المصريين بصفة خاصة. فمثلًا صارت الزوجة تنتظر من زوجها أن يكون "سوبر مان" مثل هذا الذي يطير في السماء ويلف العالم لفاً في لحظات، في حين لم يقدم لنا "سوبرمان" حلًا لمشكلة كيف نقوم ب"تشطيف المواعين" و"نشر الغسيل" و"تنقية الرز" و"التعرف علي البطيخة الدلعة من البطيخة الحلوة"، وقتل "الصرصار الطائر" الذي يخشاه كل زوج مثل زوجته (وأحيانًا أكثر)، في حين تنتظر زوجاتنا أن نكون هذا السوبرمان الذي يتغلب علي مشاكل تهدد الكون بأكمله علي الشاشة الصغيرة التي تتسمر الزوجات أمامها كثيرًا وكلهن أحلام وآمال في أن يحصلن علي أزواج مثله. كما أن هذا السوبرمان لم يقدم لنا حلولًا جذرية لمشكلة كيف تصل من الشيخ زايد إلي ميدان لبنان في أقل من 3 ساعات؟ ولا مشكلة إعادة هيكلة الداخلية ولا القصاص؟ ولم يخبرنا ما هو حل مشكلة موقف مستشفي الجلاء في منطقة "الإسعاف"، كما أنه لم يفصح في مرة من المرات أو في "رحلة من طيرانه اليومي" عن كيف يمكننا مواجهة السحابة السوداء أو مشكلة عوادم السيارات. لكل ذلك، فأنا أعتبر "سوبرمان" عبئًا أكثر منه فنًا، فكل منا ينتظر سوبرمان، إلا أن سوبرمان يرفض أن يلعب دوره التاريخي أو يتحمل مسئولياته الدولية والإنسانية في حل مشكلات الواقع البسيطة إذا ما قورنت بمشاكله الشخصية، فقد صرنا ننتظر "سوبرمان" يحولنا من دولة تحت خط الحياة إلي دولة من دول العالم الأول فقط بخطوة واحدة. تُري هل مشكلتنا أن مشاكلنا كثيرة زيادة عن اللزوم.. أم إنها مشكلة أننا ننتظر سوبرمان وهو مثل "جودو".. لن يأتي أبداً؟ الحقيقة ليس لدي جواب؛ لأنني أنتظره مثلكم. (أي عدم تشابه بين سوبرمان وبين أي زوج مصري أو أي مسئول في منصب حساس هو أمر غير مقصود).