حمدى حسن جاء رسول الله صلي الله عليه وسلم بالرسالة هاديا فآمن به خديجة وابو بكر وعلي وثلة من السابقين واستمر منحني الاستجابة يتصاعد ومعه تصاعدت شدة وأساليب الإيذاء والتعذيب ومع كل خطوة تتقدمها الدعوة كانت تقابلها درجة أخري من التعذيب في محاولة لوأد الدعوة وصرف المؤمنين عنها حتي وصلت الأمور لذروتها فحاولوا سجن النبي أو قتله أو نفيه وتشريده، وبينما نجح الرسول في الهجرة فرارا بدعوته ونصرا لها وفتحا لمجالات انتشار اوسع لها فشل المشركون في محاولاتهم لوأد الدعوة في مهدها. وبينما الأمور محتدمة بين المؤمنين والمشركين الذين تفننوا في التعذيب والإيذاء جاء المؤمنون المستضعفون يسألون رسول الله النصرة والدعاء لهم فأجابهم إجابة قاطعة مشهورة ( كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع علي رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه. ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتي يسير الراكب من صنعاء إلي حضرموت ، لا يخاف إلا الله ، أو الذئب علي غنمه ، ولكنكم تستعجلون ) . يا الله بلال وخباب وقصة تعذيب رهيبة وسمية وعمار "آل ياسر" وقصة استشهاد جليلة وغير ذلك الكثير من التضحيات ويصف الرسول الأعظم موقف طالبي النصرة وإنهاء التعذيب بأنهم يستعجلون ويستكمل النبي صلي الله عليه وسلم حديثه لسائليه مطمئنا ومبشرا لهم " والله ليسيرن الراعي من صنعاء إلي حضر موت لا يخاف إلا الله والذئب علي غنمه، ولكنكم تستعجلون«. أقول هذا بمناسبة ما يعانيه الشعب الآن من ضيق بعد الثورة حيث حالة الفوضي وعدم الاستقرار والشكوي المستمرة وإدعاء البعض أنه لم يحدث تغيير وأنهم لم يجنوا من الثورة ثمارها المتوقعة حتي الآن وكأن هؤلاء يريدون أن يحصدوا ثمارا زرعوا بذورها منذ دقائق أو أيام ونسي هؤلاء أن التغيير يحتاج إلي عزيمة الرجال وهمم الأبطال وتعاون الفرقاء وخطط وجداول زمنية تحدد الخطوات والأهداف وأن الثمار ستأتي تباعا بإذن الله. نسي هؤلاء أن للثورة أعداء فقدوا ماكانوا يتمتعون به من امتيازات فتنادوا ينفقون الغالي والنفيس من أجل القضاء عليها وإعادة الأمور كما كانت. بلادنا ضاع من عمرها 30 سنة في فساد غير مسبوق كانت توجه فيها خيراتها بالكامل لصالح الحاكم وأسرته وعدد محدود من العائلات المنتفعة بالحكم ويلقون للشعب بالفتات حتي لا يثور عليهم فكيف يتم إصلاح هذا الفساد في أيام أو حتي شهور. بلادنا لها أعداء كانوا وما زالوا لايريدون الخير لها كانوا يدعمون النظام الديكتاتوري الفاسد حتي لا يقوم لها شأن في أي وقت من الأوقات إن إنشاء برج سكني يحتاج إلي وقت قد يمتد إلي شهور أو سنوات حتي يتم الانتهاء منه ليكون صالحا للسكني فكيف بالله عليكم من يصلح وطنا تم إفساده لثلاثين عاما متصلة ويجتهد ليبنيه من جديد. الأهم هي تلك المعوقات التي نصنعها بأيدينا لإعاقة التغيير والإصلاح وهذا من أغرب الأسباب التي تؤخر أو بالأحري تعوق جني ثمار ثورتنا. يغفل الناس أحيانا عن ثمار جنيناها بالفعل تماما كمن لا يدرك نعمة الصحة إلا المريض. حصد الشعب ثمار وقف قطار التوريث وكانوا سيورثوننا كما يورث المتاع وحصد الشعب ثمار إغلاق مصدر الشفط الرئيس لثرواته وثروات أبنائه وجاري غلق المشافط الجانبية الأخري حصد الشعب استعادة إرادته وكرامته فلن تزور انتخابات بعد اليوم وسيأتي الشعب بمن يعبر عنه ويحمي وينمي ثرواته. حصد الشعب مساواة كاملة بين أفراده لافرق بين أفراده في جميع المجالات والأولوية للكفاءة فقط. حصد الشعب كرامة أفراده داخل وطنهم فلن يستطيع شرطي أو غيره أن يهينه في أي مكان بعد الآن وبالتالي ستعود للمصريين بالخارج كرامتهم ايضا تبعا لذلك. حصد الشعب أن أصبح لبلدهم مكانة وكرامة بين الأمم ولم تعد تابعة ذليلة لقرارات ومصالح لا تعبر عنها. أصبحت القيادة المصرية لاتعبر إلا عن مصالح مصر وشعبها وأمتها بعد أن كانت تدافع عن مصالح أعدائها وهم من وصفوا رئيسها المخلوع بأنه كنز استراتيجي لهم. فقط مطلوب أداء وعمل وتكاتف مع التناصح والتدافع لتقديم الأصلح والأفضل لشعبنا وأمتنا في إطار وسائل تبني ولا تهدم تصون ولا تفرط تجمع ولا تفرق مع اعتبار أن عدم الاستعجال لا يعني البطء أو التلكؤ ولا يعني التقصير وعدم الإتقان بل يعني أداء جادا بحكمة وموضوعية بتدبر وتبصر. هدانا الله جميعا إلي سواء السبيل