ارتفعت الأحلام إلي عنان السماء.. وأبحرت بنا سفينة الطموحات والآمال.. كنا نظن أن النهاية باتت وشيكة.. وأن خلف الأبواب المغلقة يسكن ضوء النهار.. ينتظرنا ليعلن ميلادا جديدا لوطن عشقناه.. لكن السفينة سرعان ما فقدت " البوصلة " وضلت الطريق وسط أمواج المصالح والأطماع.. وارتطمت بصخور تسكنها الوطاويط والخفافيش وطيور مالك الحزين، وتعالي صوت حفيف شجر أضناه الصقيع! واليوم وبعد عامين من السير مترجلين في طرقات العمر أسترجع كم الأوراق التي تساقطت من فوق شجرة الأحلام وأعداد شباب قفزت مسرعة في قطار الموت وأسرد مذكرات قلب مهزوم سطر كلمات عزاء للوطن علي صفحات نهر الأيام، عزاء في آمال ثورة صارت أضغاث أحلام، ومستقبل وطن مكبل يبحث عن تأشيرة مرور إلي النهار. تعالوا معي اليوم نقرأ قصيدة وطن وحكاية ثورة ذيلت بتوقيع دماء الشهداء تعالوا نفك رموز وطلاسم ولوغاريتمات من الجاني ومن المجني عليه ؟! من هم عشاق الوطن ومن قتلته ؟! من الذي باع ومن الذي خان ومن علي العهد والوعد هو باق ؟! مضي عامان ونحن نلهث وراء حقيقة ضائعة أصبحت أشبه بالسراب كلما حاولنا أن نتلمس وجهها تلونت وتشكلت، حتي صار لها من الوجوه الآلاف!! رثيت لحال وطني وأنا أسترجع صندوق أوراقه في ليلة عيد الميلاد، فلم يبق منها سوي صور باهتة لقلعة الحرية وقصورالأحلام وبدأ أمامي هذا النفق الطويل وصدي ضحكاته تجلجل ساخرة في الفضاء الرهيب وتجسدت أمامي تلك الهوة اللعينة التي حالت بيننا وبين الأحلام فاستبد بي سلطان التعاسة والأحزان وأسلمت نفسي لرياح العجز والاحباط نعم أنا تعيسة.. وعندي يأس.. لكن مثلي لا يذاع له سر!! ومددت يدي لأجمع شتات الحلم وأطلال الآمال، عساني أجد فيهما ما يطيب الروح ويؤنس الفؤاد، فلمحت ميدانا فسيحا قرر أن يستعيد الذكريات، ويعود من جديد إلي نقطة البداية، ليصلح مسار الطريق مع شباب حمل قلبه وأقسم ألا يعود قبل أن يضع فوق رأس حبيبته تاج الحرية والانتصار، وسمعت من بعيد همس حناجر بح صوتها من كثرة الغناء تردد: "مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر، الشمس غنوة من الزنزانة طالعة، ومصر غنوة مفرعة في الحلق اتجمعوا العشاق والعشق نار في الدم، نار تحرق الجوع والدموع والهم مصر النهار يطلقنا في الميادين مصر البكا، مصر الغنا والطين، مصر الشموس الهالة من الزنازين، هالة وطرحة بدمنا بساتين." حملت صندوق أوراق الوطن بين أحضاني، ورفعت صوتي بالغناء: مين اللي يقدرساعة يحبس مصر؟!