لا يمكن أن يقبل مصري يعرف قدر مصر، ويدرك مامرت به عبر تاريخها الطويل من محاولات السيطرة عليها، أن يسمح بسن قوانين تجعل التحكم في اقتصادها ومواردها السيادية متاحا لمن يملك الشراء ، ولايمكن أن يغفر المصريون لأي حكومة تقبل أو تسعي لتمويل احتياجاتها وموازنتها من التفريط في سيادة مصر وشعبها علي أراضيها ومشروعاتها ومرافقها ومواردها الحيوية سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، ولا يطال الغفران أيضا كل من يستغل الأوضاع الاقتصاديه الحرجة في مصر من أجل مصالح خفية أو التخطيط لسيطرة اقتصادية تفرض سطوة سياسية فيما بعد!.. والصكوك هي أوراق مالية اسمية متساوية القيمة، تمثل كل منها حصة شائعة في ملكية أصول أو منافع أو خدمات أو في مشروع معين، وفقا لما تحدده نشرة الاكتتاب العام وبمراعاة أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك حسب ماجاء في المسودة النهائية لمشروع قانون صكوك تمويل الشركات الذي تقدمت به هيئة الرقابة المالية، وهو كما قال رئيسها الدكتور أشرف الشرقاوي يختلف كثيرا عن قانون الصكوك السيادية الذي أصدرته الحكومة مؤخرا، ويمكن دمج القانونين في قانون موحد، فالأول ينظم عمليات تمويل الشركات والجهات الخاصة، والثاني ينظم عمليات تمويل الصكوك للحكومة وموازنة الدولة والمشروعات القومية والهيئات الحكومية، ويصبح التخوف مشروعا من الصياغة الحالية للقانون وهو تخوف من أن يشمل المشروعات الإستراتيجية مثل قناة السويس أو المطارات أو الموانئ وما تمثله من خطورة علي الأمن القومي لمصر، وتخوف من سيطرة بعض رجال المال علي الصكوك وبيعها وتداولها لمن يشاء أو أن تباع الأصول الثابتة العامة أو ترهن لغير المصريين، وان كان من المقرر إجراء تعديل علي قانون الصكوك، بحيث يتم إضافة نص يحدد المشروعات الإستراتيجية والأصول السيادية في الدولة ويمنع تملك أو تعامل الأجانب أو عليها، فان الأهم هو عدم إقرار قوانين متعجلة تدفع ثمنها الأجيال القادمة، حتي لا نكون مثل من يبيع الماضي والمستقبل من أجل الحاضر ثم يقعد ملوما محسورا! وتبقي أهم أسباب نجاح تجربة طلعت حرب الاقتصاديه في القرن التاسع عشر أنها عملت علي خدمة المجتمع والشعب والاقتصاد المصري دون تفريط، فحصد الثقة وخلده التاريخ فمن يتعلم من التجربة؟