عودت رتيبة زغلول توأمها مصطفي وعلي أمين أن يتقبلا الحياة بحلوها ومرها. حينما صادرت الحكومة الانجليزية أموال سعد زغلول واسرته، اختفت من مائدة الطعام أطيب الاطعمة. كانوا يفطرون فولا ويتغدون فولا وتعشون فولا. تعلموا أن يتقبلوا ما يقدم لهم دون تذمر أو اعتراض. حرموا من المصروف لعدة شهور وجاء العيد ولم يشتروا لهم بدلا جديدة. تعلموا أن الحرمان هو جهاد يشرفهم في محنة الوطن! عندما أحيل والدهما إلي المعاش وهوي دخل الاسرة من ثلاثمائة جنيه إلي خمسين جنيها في الشهر، استطاعت أمهما تدبر أمرها وتختصر نفقاتها، فجعلت من الحرمان متعة.. وقابلت الضيق بابتسامة. اشتركت رتيبة في ثورة 91 وأخفت المنشورات داخل حبرتها السوداء.. وكانت تقف أمام المحلات الانجليزية لتمنع الزبائن من دخولها تنفيذا لقرار الثورة بمقاطعة البضائع الاجنبية. وعندما حصل علي أمين عام 0391 علي شهادة البكالوريا المعادلة للثانوية العامة الآن، أراد أن يسافر إلي إنجلترا لدراسة الهندسة.. رفضت وقالت إنها أقسمت علي مقاطعة الانجليز. أضطر والدهما أن يلجأ للشيخ المراغي شيخ الازهر وقتئذ، فأفتي أن قسمها لا يمنع علي من أن يتم دراسته في إنجلترا. وعندما عين والدهما أمين يوسف وزيرا مفوضا في أمريكا رفضت أن تمر علي إنجلترا، وسافرت إلي فرنسا ومنها إلي أمريكا. هذه أسرتنا الصغيرة التي أتشرف بالانتماء إليها.. رغم إنني لم أعش هذا الزمان!