كلما ارتقي أسلوب الإنسان، علت مكانته وارتفعت قامته، فالأرواح الراقية تحترم ذاتها ، ولا تحيد عن الحق وصدق اللسان ، والنفوس الذكية يفوح منها طيب الكلام ، ورحيق الفكر وعمق الحديث، والأفئدة المضيئة تدعو برحمة وتطلب بأدب وتعتذر بصدق. لذلك تلهفت قلوب المصريين علي سماع كلمات الشيخ الجليل د. محمد العريفي التي هدأت من روع النفوس الحائرة والأرواح اليائسة، وبثت فيها نفحات الأمل والسكينة، تلك الكلمات التي جاءت في زمن عزت فيه الكلمة الطيبة ، وتعالي صوت الباطل، وصمت الأذان بقبح الكلام، وتصدعت النفوس بعفن الحديث، زمن اختلط فيه الحابل بالنابل، واعتلي شيوخ الباطل والجهلاء منابر الفضائيات، زمن جلس فيه محترفو التكفير والتخوين علي مقاعد الدعاة والمفكرين والفقهاء، ونصب الدخلاء والقتلة والترزية أنفسهم أوصياء علي المجتمع والناس!! هؤلاء الجهلاء أصحاب الحناجر المريضة الذين يلبسون الحق بالباطل، ويحملون رايات التنابذ بالألفاظ وغثاء القول وقاذورات الكلام، ويتمسكون بدستور السب والشتائم وتشويه الأعراض والذمم، ومنهج العشوائية والانفلات الأخلاقي، هؤلاء الذين يتنافسون علي الحط من قدر هذا البلد الأمين وإهانة شعبه وجيشه ورموزه، وتكفير رجاله ونسائه ، ويفتئتون علي الإسلام ورسول الله لتبرير شتائمهم وسبابهم، و حاشا لله أن يكون الرسول الكريم شتاما أو سبابا أو لعانا، وحتي السيدة خديجة أم المؤمنين وخير نساء الأرض، لم تسلم من لسانهم، وخرج علينا أحدهم يدعي أنها أطعمت أباها وسقته حتي الثمالة، لكي تجعله يوافق علي زواجها من سيد الخلق وهو "سكران "وفاقد الوعي لأنه كان يرفض أن يزوجها يتيم أبي طالب!! حقا إن هؤلاء الذين صدق عليهم حديث الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامة القائل: أنه سيأتي زمن يخفض فيه العالم ويظهر الجاهل، ويتكلم الرويبضة في دين الله ، قالوا: وما هو الرويبضة يا رسول الله ؟! قال: الرجل التافه يتكلم في أمور العامة! لقد سعدت كثيرا بدعوة د. أحمد الطيب شيخ الأزهر للدكتور العريفي الذي استطاع بكلماته الكريمة التي ألقاها في خطبة الجمعة بمدينة الرياض أن يجعل المصريين أهلا لوطنهم، وأوفي أرض الكنانة حقها وقدرها ومكانتها من طيب الكلام، وعدد فضائلها ومواقفها في شهادة حق لبلد ظلت مسكن العلم والعلماء، وموطن الكرم والجود والجهاد، وأرض الفضائل والرسل والأنبياء، مصر أم الحضارة التي أوصي الرسول بأهلها خيرا، و ذكرها الله عز وجل في كتابه الكريم أربع مرات، هذا البلد العظيم الذي فجر الله بئر زمزم إكراما لامرأة من أهله. إنني أطالب شيخ الأزهر بانتقاء من يقومون بالعمل الدعوي، ووضع ضوابط وشروط فيمن يتحدث باسم الإسلام علي شاشات الفضائيات، وإلزام أصحاب القنوات الدينية والقائمين عليها بتطبيق تلك الشروط، فنحن أحوج ما نكون في هذا التوقيت إلي الاستماع لشيوخ أجلاء يحملون لواء الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، علماء بما يقولون ويأمرون وينهون، وفقهاء ودعاة يظهرون سماحة الفكر الإسلامي الوسطي، يبشرون ولا ينفرون ، يجمعون ولا يفرقون، يشيدون ولا يهدمون. إن الشيخ العريفي الذي أدهشنا بغزارة علمه وعمق فكره وطيب حديثه، حل ضيفا عزيزا علي مصر وسكن قلوب أهلها، بارك الله فيه وجزاه خيرا علي شهادته ودعائه لمصر وأهلها ورزقنا كثيرا من الشيوخ أمثاله.