الثوار الحقيقيون الذين بدأوا ثورة 25 يناير 2011 كان أغلبهم من الطبقة المتوسطة العليا بل وكان منهم أثرياء يعيشون حياة ناعمة في ظل نظام مبارك.. ولكنهم ثاروا من أجل فكرة الحرية ومنع مشروع التوريث لجمال مبارك واستنكاراً لممارسات داخلية العادلي القمعية مع البسطاء من ابناء الشعب الذين لا سند لهم من مال أو جاه.. وأعرف الكثيرين من الفقراء والبسطاء الذين كانوا أحق بقيادة مثل هذه الثورة علي الظلم والجهل والفقر رفضوا هذه الثورة وكان السؤال الوحيد علي ألسنتهم وقتها: »هم اللي في التحرير دول عاوزين ايه«؟.. وساعدهم علي طرح هذا السؤال اعلام فاسد ممول من حاشية مبارك حاول جاهدا تشويه الثورة والثوار الحقيقيين باتهامهم بالعمالة والخيانة وتلقي الاموال والتدريبات من الخارج لاسقاط النظام ونشرالفوضي في البلاد..وللحق فان الثوار الحقيقيين كانوا في غني عن مثل هذه الثورة.. فلم يكن منهم من هو زبون دائم في اقسام البوليس يتلقي الاهانات او يتم تعذيبه ولم يكن بينهم من ينام جائعا كل ليلة.. ولم يكن بينهم من يهان في وسائل المواصلات العامة كل يوم ومع ذلك تصدروا المشهد من اجل فكرة الحرية واعادة مصر لمكانتها التي تستحقها بين سائر الامم.. بينما من كانوا يهانون حقا في عهد مبارك رفضوا الثورة.. ولكن هل كان اعلام مبارك الفاسد وحده سببا في اقتناع الفقراء والبسطاء بان الثورة هدفها الخراب والفوضي؟!. للحق .. كان هناك عوامل عديدة ساعدت الفقراء والبسطاء في مصر علي قناعتهم ويأتي علي رأس تلك العوامل ما تعرفه مصر باسم نظام التكافل الاجتماعي!. الفقراء والبسطاء في مصر طموحاتهم محدودة وتتمثل في الحد الادني من الحياة حتي ولو كانت غير كريمة.. فهم لا يريدون سوي »لقمة عيش وسكن من صفيح وهدمه تسترهم«.. اما الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية فكلها بالنسبة لهم شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.. فاحتياجات الفقراء الضرورية يوفرها بشكل او بآخر نظام التكافل الاجتماعي علي مدار العام كله وليس شهر رمضان فقط كما يعتقد البعض.. فمثلا الشغالة التي تخدم بيوت الطبقة المتوسطة او الطبقات العليا بجانب ما تتقاضاه من راتب او اجر يومي نجد ان مخدوميها يتكفلون بعلاجها وعلاج اولادها واقاربها بالاضافة الي المساعدات في زواج ابنائها وبناتها.. الخ.. وهكذا معظم ابناء الشعب من البسطاء والفقراء من اصحاب المهن والحرف التي لا تدر دخلا مناسبا لهم هناك من يتولون الانفاق عليهم سواء من الافراد الاثرياء او الجمعيات الخيرية المنتشرة في كل ربوع البلاد.. فقد كان طبيعيا لمثل هؤلاء البسطاء والفقراء ألا يحبون الثورة التي تدعو لقطع ارزاقهم اليومية وان يتساءلوا وقتها: " هم اللي في التحرير دول عاوزين ايه " ؟! ( وللحديث بقية )