أثار النائب العام الجديد المستشار طلعت عبد الله الجدل، بسبب الظروف التي أطاحت هذا المنصب منذ لحظة تعيينه وحتي الآن.. ورغم تراجع حدة الاحتجاجات في النيابة العامة علي استمراره في منصبه إلا أن البعض ما زال يحاول أن يفجر أزمة في اوساط النيابة. »أخبار اليوم« حاورت المستشار طلعت عبد الله حول الاحداث الاخيرة في ساحة القضاء.. وتحدث عن علاقته بالنائب العام السابق، وما يتردد عن صدور تعليمات من الرئيس للنيابة في قضايا معينة.. كما تحدث عن تقرير لجنة تقصي الحقائق في جرائم قتل المتظاهرين.. وعما تردد عن عملية تطهير النيابة العامة.. وكذلك التصالح مع رجال الاعمال .. والبلاغات الكيدية التي تنهال يوميا علي النيابة العامة. ووسط هذا المناخ العاصف الذي يمارس فيه النائب العام عمله، والاحتجاجات المستمرة من بعض اعضاء النيابة علي استمراره في منصبه والبلاغات العديدة التي تنهال علي النيابة من مواطنين يواجهون الفساد.. ودار هذا الحوار داخل مكتب النائب العام. سألته: ما رأيك فيما يتردد عن عملية تقوم بها لتطهير أو تصفية النيابة العامة؟ لا يوجد ما يسمي بتطهير النيابة العامة، فأنا لم آتِ إلي هذا المنصب لتصفية حسابات مع أحد، ولن أجري حركة تنقلات إلا للضرورة القصوي، فالنيابة العامة جهاز له تاريخ مشرف، وبه نخبة من أفضل اعضاء الهيئة القضائية.. وأنا لم آتِ لهدم كيان النيابة العامة، فمعيار تقييمي لاعضاء النيابة هو الاجادة والموضوعية والالتزام والعطاء، ومن يرغب في الاستمرار في العمل علي هذا النحو فمرحبا به.. والاعضاء الذين طلبوا إنهاء ندبهم لايتجاوزون خمسة وثلاثين عضوا، وكنت متمسكا بهم ولكنهم فضلوا العودة لمنصة القضاء، وباقي أعضاء النيابة من الزملاء القدامي والجدد فإنني حريص علي أن يستمروا معنا بما لديهم من خبرة ولا يمكن الاستغناء عنهم وأي حركة تنقلات لن يكون هدفها إلا التسكين في الاماكن الشاغرة. البعض أكدوا أنك تهاجم النائب العام السابق.. وتتهمه بالفساد فما قولك؟ هذا غير صحيح، وهي مقولة تجافي الأعراف القضائية التي تربينا عليها، فالمستشار عبدالمجيد محمود زميل عزيز واحتفظ له بكل تقدير، وأداوم علي الاتصال به وهو كذلك، وأقدره كزميل في نفس المهنة التي اعمل بها، وأكدت له مراراً أن مسألة تعييني في هذا المنصب لا شأن لي بها، وقد تفهم الامر. انتظام العمل وهل الاضراب مازال مستمرا في أوساط النيابة العامة؟ العمل بالنيابة انتظم في 80٪ من النيابات، وجار استكمال نسبة العمل لتصل إلي 100٪ حرصا علي مصالح المواطنين، ولا شك ان لقاءاتي بالزملاء من المحامين العموم والمحامين العموم الأول قد أزال الكثير من الرواسب وسوء الفهم، واعاد الزملاء للعمل.. حيث اوضحت أن هدفي الأول هو تطوير منظومة النيابة ولم نعد نناقش مشروعية بقاء النائب العام من عدمه. أشار البعض إلي وجود ملفات سرية تم التعتيم عليها وثلاجة لحفظ قضايا مهمة.. فما حقيقة هذا الامر؟ لا توجد في النيابة العامة ثلاجة لحفظ القضايا، ولا توجد ملفات سرية.. ففي بداية عملي ارسلت فريقا من التفتيش القضائي إلي نيابتي الأموال العامة العليا وأمن الدولة لفحص جميع الملفات.. وجاء تقدير اللجنة ليؤكد أن جميع الملفات التي تلقتها هذه النيابات مقيدة بالدفاتر ولم يتم التستر علي اي بلاغ.. وتم انجاز معظم هذه القضايا.. وما تبقي من هذه القضايا فسبب تعطيله فني، ويرجع إلي تأخر تقارير خبراء وزارة العدل، وعدم انتهاء اللجان الفنية من عملها، وقد تم حصر جميع البلاغات المتراكمة، ويجري الانتهاء منها. كثرة البلاغات هل كثرة عدد البلاغات لها دور في تعطيل النيابة عن حسم الكثير من القضايا؟ بالفعل فإن كثرة البلاغات التي تتلقاها النيابة بعد الثورة، لها دور في ايقاع اعضاء النيابة في سيل من البلاغات وبعضها كيدية وبعضها لمجرد الشهرة.. فالنيابة تأخذ جميع البلاغات بجدية، وتستدعي اصحابها ولكن معظمهم لا يقدمون اية أدلة علي اتهاماتهم، أو علي صحة بلاغاتهم.. وكذلك فمصير هذه البلاغات هو الحفظ، ولكنها في النهاية تستهلك اعضاء النيابة العامة ولهذا فإنني اناشد المواطنين عدم السعي وراء اية اتهامات دون دليل. وبالعودة إلي نيابة الأموال العامة سنجد انها الجهة التي تلقت معظم البلاغات بعد الثورة خاصة ما يخص قضايا الفساد وهناك شكاوي من تأخر الفصل في هذه البلاغات.. فما السبب؟ كما قلت فإن لجان الخبراء هي السبب في تأخير حسم هذه البلاغات، وقد اصدرت تعليمات بسرعة التصرف في كل قضايا المال العام. المال العام وهل تؤيد الصلح في قضايا الفساد؟ أوافق تماما علي التصالح في قضايا تتعلق باسترداد أموال مصر المنهوبة في الخارج والتصالح مع رموز الفساد في قضايا المال العام لرد حقوق الدولة، مادام ذلك يحقق المصلحة العامة لشعب مصر في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد، والقوانين تنظم هذه المسألة، ولست في حاجة إلي التذكير ان التصالح لا يشمل جرائم الدم .. وقتل الشهداء. واجهت كنائب عام تهمة الاستجابة لتعليمات رئيس الجمهورية التي تعني التدخل في عمل النيابة .. فماردك؟ الرئيس لا يتدخل في عملي مطلقا، وهو يعلم جيدا إنني لا أستجيب لأية ضغوط، فحينما قرر تعييني أكد لي انه علي دراية بتاريخي كقاض مستقل لا أخضع لضغوط وليس لي انتماء سياسي، وهو بالمناسبة لم يتصل بي مطلقا ليملي علي شروطا أو توجهات في أية قضية. وماذا عن البلاغات التي تتلقاها النيابة ضد الرئيس؟ بالفعل تلقينا بلاغات ضد الرئيس والمرشد العام للاخوان المسلمين والمهندس خيرت الشاطر، وكلها محل تحقيق والجميع سواء أمام النيابة وأمام القانون.. وتاريخي يشهد إنني قاض عادل، ولست محسوبا علي أي اتجاه، وكذلك جميع قيادات النيابة الجدد، كلهم مستقلون. هذا ينقلنا إلي سؤال عن مشاكل عمل القاضي بالسياسة.. فما رأيك؟ هذا شيء سلبي فاندماج القاضي في السياسة يفقده صلاحيته للجلوس علي منصة القضاء، لانه سيحسب علي إحدي القوي السياسية التي ينتمي إليها مما يفقده الثقة المفترضة في رجل القضاء والواجب توافرها في هذا المنصب الرفيع حتي يطمئن كل المتقاضين إلي حيدته ونزاهته. أثار قرار نقل مبارك إلي مستشفي عسكري الجدل، خاصة ان النائب العام السابق رفض هذا الطلب مرارا.. فما سبب قبولكم لهذا الطلب؟ استجبت بشكل قانوني لقرار لجنة طبية متخصصة، قامت بتوقيع الكشف الطبي علي الرئيس السابق، وتأكدت من صحة ما جاء في طلب محاميه الذي أكد أن مبارك تعرض للسقوط في دورة المياه واصيب بكسور في ضلوعه وارتشاح دموي في صدره. وحينما تأكدت من صحة الطلب قررت نقله بشكل مؤقت لمستشفي عسكري يتوافر فيه امكانات غير موجودة في مستشفي سجن طره.. وقررت اعادته بعد تمام الشفاء.. وهو قرار مؤقت. وهل هناك امكانية لاستمرار مبارك في المستشفي العسكري؟ قراري واضح، وايداع مبارك مع ايفاد لجنة طبية لمتابعته بشكل مستمر، واعادته لطره بعد تحسن حالته، فمستشفي طره مجهز لرعايته.. ونحن في النهاية نخضع لقوانين دولية لحماية حقوق السجناء.. والقانون وحالة السجين هي المعيار في هذا الامر.. والجميع سواء أمام القانون. اعتراضات النيابة إذا عدت لاعتراضات اعضاء النيابة علي طريقة تعيينك.. فما تطورات هذا الامر؟ اوضح أن جميع اعضاء النيابة هم اخوتي، وابنائي، وانا لا أتوقف عن الحوار معهم مطلقا.. وفي البداية كان عند بعضهم سوء فهم لهذا الموضوع، وقد تناقشت معهم وأقنعتهم بصحة موقفي، وأكدت لهم أننا كرجال قانون أقسمنا علي حماية الدستور والقانون، وقد تخطي الكثير من الزملاء هذا الامر، وعدنا إلي الحوار في شئون القضايا المنظورة امامنا. ويكمل النائب العام قائلا: وقد تم تعييني طبقا للمادة 119 من قانون السلطة القضائية التي كانت تعطي الحق لرئيس الجمهورية منفردا في ان يقوم بتعيين النائب العام من بين نواب محكمة النقض أو رؤساء الاستئناف وذلك دون الرجوع للمجلس الاعلي للقضاء أو أخذ رأيه.. وبالتالي فإنني لا أجد مبررا قانونيا في الاعتراض علي تعييني.. وحتي في حالة وجود هذا الاعتراض علي نص دستوري أو قانوني في هذا الشأن فإنه يتعين اللجوء إلي الجهات القضائية المختصة للفصل في مدي احقية الرئيس في اصدار اعلان دستوري من عدمه. وهل زالت الشوائب بينكم وبين نوادي القضاء؟ لا يوجد ثمة خصومات بيني وبين السادة اعضاء ورؤساء نوادي القضاة علي مستوي القطر حتي نتحدث عن الشوائب، والأسبوع الماضي التقيت مع قيادات نوادي القضاة وعلي رأسهم الزميل المستشار أحمد الزند رئيس نادي قضاة مصر بناء علي طلبهم واعربوا لي عن تقديرهم لشخصي وتاريخي في الدفاع عن استقلال القضاء.. وأكدوا انهم لم يقصدوا في موقفهم السابق الاساءة لشخصي، ولكنهم اعترضوا علي الاعلان الدستوري الذي تم عزل المستشار د.عبدالمجيد محمود بموجبه، ولكن مسألة تعييني فقد تم تحصينها بموجب المادة »236« من الدستور الذي تم الاستفتاء الشعبي عليه وهي تنص علي أن ينفذ ما يترتب علي آثار الاعلان الدستوري في الفترة السابقة والشعب قال كلمته في هذا الامر. يشاع انك تتدخل في اعمال رجال النيابة، وعلي ضوء ماحدث مع المستشار مصطفي خاطر محامي عام شرق القاهرة.. فهل هذا صحيح؟ لم يحدث مطلقا أنني طلبت من المحامي العام حبس الخمسين متهما في احداث الاتحادية مجاملة لرئيس الجمهورية، فهذا كذب وافتراء.. وللأسف فإن بعض وسائل الاعلام اثارت هذا الامر، والنائب العام في النهاية هو صاحب الدعوي العمومية.. وجميع وكلاء النيابة هم وكلاؤه ويجوز للموكل ممارسة جميع سلطاته علي هذه الدعوي وهو وكيل لها.. ولا يسمي تدخلا من النائب العام ان يسحب التحقيقات بالكامل من إحدي النيابات ليسندها إلي مكتبه الفني، وان يلغي طبقا للقانون قرارات الافراج عن المتهمين ويحبسهم احتياطيا.. وهذا مادرج عليه العمل بالنيابة. البعض تحدث عن مفاجآت مدوية ينوي النائب العام تفجيرها قريبا فما هذه المفاجآت؟ ابتسم النائب العام بمرارة.. وقال: للأسف فإن هذه المقولة هي احدي اسباب الازمات المثارة في أروقة النيابة العامة، وغيرها من الشائعات التي تناولتها وسائل الاعلام علي شبكة الانترنت ومنها وجود تصفية لأعضاء النيابة وسوف يتم فصل عدد من اعضاء النيابة، وهي دعاوي تحريض للأسف انساق وراءها البعض وصدقوها رغم انها لم تصدر مني مطلقا وادعي البعض انني سأقوم بتعيين عدد من اعضاء هيئة قضايا الدولة بدلا من اعضاء النيابة العامة، وبسبب هذه الشائعات تفاقمت المشكلات داخل النيابة، وتفرغ المستشار حسن يس رئيس المكتب الفني للرد عليها وتوضيح الحقيقة لأعضاء النيابة. تقرير لجنة تقصي الحقائق التي قام الرئيس بتشكيلها هو حديث الساعة خاصة بعد تقديم اللجنة تقريرها حول وقائع قتل المتظاهرين في الثورة.. فهل بدأت التحقيقات بالنيابة العامة؟ تلقينا مؤخرا تقرير لجنة تقصي الحقائق التي تم تشكيلها طبقا لقرار الرئيس وتم تشكيل فريق عمل من النيابة لفحص التقرير وعلي اثر هذه التحقيقات سيتم اتخاذ قرار بتحريك الدعوي الجنائية من جديد في قضايا قتل المتظاهرين واعادة المحاكمات في حالة وجود أدلة جديدة عن تورط متهمين في هذه الوقائع.. واناشد وسائل الاعلام عدم استباق الاحكام ونشر مقتطفات من التقرير دون انتظار لنتائج تحقيقات النيابة. وما الجديد في خطة تطوير النيابة العامة؟ لقد وعدت ابنائي منذ اليوم الاول لتولي منصبي انني سأعمل علي تطوير النيابة وادخل التقنية الحديثة في التواصل بين جميع اعضاء النيابة العامة، وكذلك جمهور المتقاضين وذلك لتلقي الشكاوي وتذليل المشكلات التي تطرأ لأعضاء النيابة.. فضلا عن تلقي اقتراحات الزملاء والبحوث.. وقد تم وضع خطة بالاشتراك مع مركز المعلومات القضائي لانشاء موقع خاص بالنيابة العامة علي موقع التواصل الاجتماعي، وجار العمل علي تحديثه. كما يجري التفاوض مع بعض الشركات لتوريد اجهزة حواسب شخصية لوحية لمنحها لجميع اعضاء النيابة بأسعار مخفضة.. وتتحمل إدارة النيابات جزءا كبيرا من سعر كل جهاز بعد تحميله بالتشريعات واحكام النقض والموسوعة القضائية ليكون مكتبة قانونية لكل عضو ويساعده علي الارتقاء بعمله.