الخطاب يظهر من عنوانه، لذلك من حق الشعب أن يري أن الحكومة الحالية لن تحقق طموحاته، ولن تضمد جراحه، ولن توقف نزيف الدماء التي تسيل فوق القضبان! فرغم التصريحات الوردية التي أطلقها مؤخرا د. هشام قنديل رئيس الوزراء عبر قناة الجزيرة، وتأكيداته أن الشعب سوف يشعر بتحسن في السكة الحديد خلال ستة أشهر، إلا أن أداء الحكومة الواهن منذ البداية، وفشلها في تحقيق أي تقدم ملموس لرجل الشارع البسيط، جعل 96٪ من المشاهدين الذين صوتوا عبر قناة سي بي سي الفضائية يشككون في مقدرة الحكومة علي وقف نزيف حوادث القطارات، التي كان آخرها كارثة أطفال قطار منفلوط! فالمواطن يدرك خطايا البدايات، ويلمس ما وقعت فيه حكومة "المائة يوم" من أخطاء، باختيارها لأهل الثقة وليس أهل الخبرة، ولجوئها لأصحاب الولاء والانتماء بدلا من ذوي المؤهلات والكفاءة، كما يتابع سعيها الدءوب لخدمة مصالح حزبها وخططه الانتقامية وأهدافه المستترة علي حساب مصالح المواطنين وسلامتهم وحاجاتهم، ويدرك خيالات ما يسمي بمشروع "النهضة " العظيم الذي بات نسيا منسيا! مثلما يدرك أننا أصبحنا داخل سفينة كبيرة في عمق المحيط يقودها مجموعة من الهواة العاجزين عن إدارة الدفة أو تحديد اتجاهات البوصلة!! وحتي لحظات الموت الغادر، وقسوة الفاجعة المريرة، لم تثن بعض رجال النظام المخلصين عن "التغريد" فوق جثث الموتي!! فعندما كانت دماء الصغار تكسو النهار الحزين، والأيادي الطيبة تلملم أشلاء الأطفال الممزقة داخل الأكفان البيضاء، وحين كانت صرخات الأمهات الثكلي تدوي في السماء، وأرواح الأطفال ترتل القرآن وتودع الأحباب، كان صديقنا د. عصام العريان مشغولا ب (تغريداته)، واستثمار تلك الفجيعة التي أدمت قلوب الأمة لاستعادة برلمانه المفقود!! والبكاء علي اللبن المسكوب!! لم يراع "حرمة الموت" وفي شجاعة نادرة يحسد عليها، أطلق "العريان" تغريدته العجيبة في الفضاء الإلكتروني الواسع، والتي تقول سطورها: "في عصر الديكتاتورية لا يوجد وزير يستقيل، في زمن الديمقراطية المسئولية تجبر الوزراء علي الاستقالة، أو يسحب البرلمان الثقة منهم، أين البرلمان"!!؟ هكذا تغلب المصالح السياسية علي الأحزان، هكذا ينظرون إلي قيمة الحياة الإنسانية والإنسان، وهكذا يطارد ذلك البرلمان - منتهي الصلاحية - د. العريان في يقظته ومنامه!! وهكذا كانت أيضا كلمات "تغريدته" الحكيمة التي أطلقها علي أنغام أصوات القنابل الصهيونية والطائرات، وتراتيل جنازات الشهداء وجرحي الغارات، والتي يقول فيها: "هل يتصور وطني أن تشهد حدودنا الشرقية بداية حرب، وليس لدينا برلمان!!؟ لماذا لا يستفتي الرئيس الشعب علي عودة البرلمان الذي انتخبه 22 مليون مصري"؟!! إلي هذا الحد يشتاق د. العريان للبرلمان ويولع به!! لكن بالله عليكم ما الفرق بين استقالة وزير النقل محمد منصور بعد حادث قطار العياط، واستقالة وزير النقل رشاد المتيني بعد حادث قطار أطفال منفلوط؟!! إنني لا أري أي فارق، لأن استقالة الوزيرين - رغم فرق التوقيت - ما هي إلا الماء البارد الذي غسلت به كل حكومة منهما وجهها القبيح!! لكن هناك فارقا جوهريا بين الوزيرين وهو أن محمد منصور وضع خطة تطوير لم تنفذ بعد تركه منصبه، أما رشاد المتيني فقد حرص أن يمنح رئيس هيئة السكة الحديد "درجة مستشار" قبل أن يغادر منصبه بعد الحادث ، مكافأة له علي قتل 51 طفلا بريئا نتيجة الإهمال والتسيب والفساد!!