أثارت التصريحات الرسمية وغير الرسمية الصادرة من المجلس الأعلي للجامعات عما تم مناقشته في المجلس برئاسة د. مصطفي مسعد وزير التعليم العالي حول المواد الخاصة بمجانية التعليم في مسودة الدستور الجديد ردود أفعال غاضبة ومتباينة بين مختلف التيارات في المجتمع بسبب اللبس في مشروع المادة 53 من مسودة الدستور الخاصة بمجانية التعليم، والتي تنص علي أن "لكل مواطن الحق في التعليم المطابق لمعايير ضمان الجودة العالمية، وهو مجاني وإلزامي في مرحلة التعليم الأساسي، في كل مؤسسات الدولة التعليمية، وتتخذ الدولة جميع التدابير لمد مدة الإلزام إلي مراحل أخري، وتكفل الدولة ميزانية كافية للتعليم لتحقيق ذلك" وبذلك لم تحسم المادة مسئولية الدولة في كفالة التعليم الجامعي مجانا، وذلك بعد أن اتجه غالبية أعضاء المجلس الأعلي للجامعات عند مناقشتها بعد أن عرضها عليهم رئيس جامعة المنيا وعضو الجمعية التأسيسية علي قصر المجانية في المرحلة الجامعية علي "غير القادرين أو المتفوقين" وهو ما يفتح الباب مستقبلاً كما يقول الكثيرون لفرض رسوم دراسية مبالغ فيها علي أبنائنا الطلاب بالجامعات تحت شعار تحمل الطالب تكلفة التعليم. الغريب أن د. أشرف حاتم أمين المجلس الأعلي للجامعات خرج بعد ذلك ليصرح فقط بأن مواد التعليم والبحث العلمي بمسودة الدستور لم تعرض في المجلس السبت الماضي بصفة رسمية!! ولم تكن ضمن جدول أعمال المجلس!! ولم تكتب في محضر الجلسة!! وأن المجلس ليس له رأي في هذه المقترحات!! لأنها ليست ضمن جدول أعمال الجلسة !! ولم تطلب رسميا!! وأن د0محمد الشريف رئيس جامعة المنيا عرض علي المجلس مقترحات المواد بصفة شخصية!! وبذلك لم ينف أمين المجلس الأعلي للجامعات أن هناك مواد تم عرضها علي المجلس الأعلي وأنه ناقشها لكن كل ما استطاع أن يؤكد عليه هو أن ما عرضه رئيس جامعة المنيا وعضو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور كان بصفة شخصية بالذمة ده كلام. ياسادة لا يمكن أن نناقش مستقبل مصر ومقدراتها بهذه الصورة من الاستخفاف والبلبلة لأن ماظهر من تصريحات رسمية وغير رسمية يؤكد فعلا أن هناك اتجاها لقصر المجانية علي التعليم العام وحتي المرحلة الثانوية فقط وأن تقتصرالمجانية في التعليم الجامعي علي اطلاقه علي غير القادرين والمتفوقين!! وسيكون هذا من أخطر مايمكن لأن التعليم لابد أن يكون مجانا من الابتدائية وحتي الجامعة لكل فئات المجتمع لأن الارتقاء بمستوي التعليم هو ارتقاء بمستوي الأمة كلها في مختلف التخصصات والعكس صحيح. نعم نقر بأن الدولة لم تعد قادرة علي توفير متطلبات العملية التعليمية حاليا ومستقبلا، ولم تعد قادرة أيضا علي إنشاء جامعات حكومية جديدة لتستوعب الزيادات المستمرة في التعليم الجامعي ولن تستطيع في المستقبل لأن انشاء الجامعة الواحدة الآن أصبح يتكلف مليارات الجنيهات والدولة عاجزة عن توفيرها، لذا لابد أن نبحث عن موارد جديدة للتعليم توفر التكلفة الحقيقية التي يحتاجها ويجب ألا نستمر في أسلوب "التسكين" و"الترقيع" الذي نفعله الآن لأن النتيجة ستكون في النهاية "لا تعليم" لابد أن تساهم كل الجهات التي تستفيد من مخرجات العملية التعليمية في تكلفته خاصة الشركات والمصانع الخاصة التي تأخذ خريجين تم تعليمهم علي مدي 16 سنة وأنفقت الدولة عليهم الكثير وتأخذهم هي في النهاية علي الجاهز دون أن تتحمل أي جزء من تكلفة تعليمهم، ولابد أن تساهم المحليات في تكلفة الجزء الثالث بعد أن تستقل هذه المحليات ويكون لها ميزانيتها وضرائبها المستقلة عن الدولة وأن نحمل الطالب الذي يرسب تكلفة تعليمه سواء في المواد التي رسب فيها أو السنة بكاملها لأنه لم يقدر من جانبه قيمة مجانية التعليم التي تمتع بها، وإذا نجح بعد ذلك يتمتع بالمجانية، وبذلك نحفز الطلاب علي استذكار دروسهم بشكل جيد وليس كما هو الواقع الآن إذا فعلنا ذلك سنوفر احتياجات العملية التعليمية بشكل جيد، ولن نحمل الدولة أعباء جديدة، وسنرتفع بمستوي التعليم أما الأخذ بأي طريقة أخري فأعتقد أنها ستكون مدمرة للتعليم ومدمرة لمصر أيضا.