سامي شرف مدير مكتب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والوزير السابق برئاسة الجمهورية، عمل مع »ناصر« منذ اليوم الثالث لثورة يوليو، وفي سنة 5591 تم انشاء مكتب للمعلومات يتبع الرئيس مباشرة وتولاه سامي شرف ومنذ هذه اللحظة لم يفترق عنه حتي وفاته. وقبل ايام اتصلت بالصديق سامي شرف مستفسرا عن صحته، فانا اسأل عنه باستمرر لان السؤال عن المريض صدقة، واسلامنا الجميل يحث علي ذلك، والرجل هاجمته امراض الشيخوخة بعدما تجاوز الخامسة والثمانين من عمره المديد بإذن الله، ووجدته متعبا منهكا وصوته يخرج بصعوبة، وقبل ان انهي المكالمة قلت لنفسي: سأجرب حظي معه واسأله عن يوم لا ينساه.. وحدثت مفاجآة فاذا بالصوت الضعيف المنهك يتحول بقدرة قادر الي صوت قوي وواضح، وكأن المريض قد استرد صحته ولو لدقائق وسألته: متي توثقت علاقتك بعبدالناصر رحمه الله؟ هل قبل ثورة يوليو ام بعدها؟ فرد بعدما حد المرض من صوته: كان ذلك سنة 0591 عندما اعطاني سيجارة!! وشرع في سلاسة ووضوح ما يعنيه قائلا: كنت وقتها بالجيش ملازم اول وذهبت الي مدرسة الشئون الادارية بالعباسية وحصلت علي دورة استعدادا للترقية، وكان من بين اساتذتي الصاغ جمال عبدالناصر، وكان مدرسا لمادة »التحركات« وقبل نهاية الدورة كان من المفترض ان يقدم كل طالب مشروعا للتخرج، فقدمت مشروعي، وفي اليوم الأخير للدورة دخل جمال عبدالناصر الفصل وسأل عن الطالب سامي شرف الذي هو انا!! وطلب مني ان اذهب الي مكتبه بعد انتهاء الدرس! وبالطبع توقعت الشر! وقلت: هناك عقاب في انتظاري، فالمدرس الضابط لا يطلب طالبه في مكتبه الا لتوبيخه!! ولكنني فوجئت به يطلب مني الجلوس واعطاني سيجارة وقال مشروعك جيد وانت باين عليك ضابط كويس، واتوقع لك مزيدا من النجاح في المستقبل وخرجت من اللقاء وانا مبسوط جدا، فانا الطالب الوحيد الذي تلقي ثناء وكلمتين حلوين من مدرسه. وبعد قيام ثورة يوليو بثلاثة ايام بالضبط وتحديدا يوم 62 يوليو وكنت في موقعي بطريق مصر- السويس، جاءتني اشارة من المخابرات الحربية للقاء زكريا محيي الدين الذي اخبرني انني سأعمل مع عبدالناصر، وكان واضحا ان قائد الثورة لم ينساني منذ ان اعطاني سيجارة!! وفي سنة 5591 اخبرني الرئيس انه في طريقه لانشاء سكرتارية الرئيس للمعلومات وانني سأكون مسئولا عنها، وهكذا توثقت صلتي به، وظللت بجانبه حتي وفاته رحمه الله.