توافد آلاف المصلين على ساحة مسجد السلطان لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك    توافد المصلين لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك بساحات الجيزة.. صور    الألاف يصلون صلاة عيد الأضحى في مجمع أبو العباس بالإسكندرية    عيد الأضحى 2024| توافد أهالي وزوار مطروح على الساحات لأداء صلاة العيد.. صور    القنوات الناقلة لمباراة إنجلترا وصربيا في كأس أمم أوروبا يورو 2024    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مباراة المقاولون العرب وطلائع الجيش    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم على طريق بحيرة قارون السياحي بالفيوم    بالصور.. الآلاف من أهالي الإسكندرية يؤدون صلاة العيد في أكثر من 200 ساحة    بالصور والفيديو.. توافد الآلاف من المصلين على مسجد خاتم المرسلين بالهرم لأداء صلاة العيد    عاجل - بث مباشر شعائر صلاة عيد الأضحى المبارك 2024 من مسجد السيدة زينب    بسبب صلاة العيد، زحام مروري بمصر الجديدة (فيديو)    بدء توافد مواطني الأقصر على ساحة أبو الحجاج لأداء صلاة عيد الأضحى (بث مباشر)    محمد رمضان يحقق 80 ألف مشاهدة بأغنية العيد "مفيش كده" في ساعات    الاحتلال يمنع الفلسطينيين من دخول المسجد الأقصى قبيل صلاة عيد الأضحى (فيديو)    الرئيس السيسي يشيد بحسن تنظيم السلطات السعودية لمناسك الحج    الأرصاد: درجات الحرارة على محافظات الصعيد أول أيام العيد تصل إلى 48    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    الحجاج يرمون جمرة العقبة الكبرى فى مشعر منى    حماس: نتنياهو يراكم كل يوم العجز والفشل.. والحقائق تؤكد انهيار جيش الاحتلال    قوات الاحتلال تمنع مئات الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    محافظ جنوب سيناء يشارك مواطني مدينة الطور فرحتهم بليلة عيد الأضحى    ريهام سعيد: «أنا عملت عملية وعينيا باظت ومش محتاجة حد يصدقني» (فيديو)    لإنقاذ فرنسا، هولاند "يفاجئ" الرأي العام بترشحه للانتخابات البرلمانية في سابقة تاريخية    الجمعية المصرية للحساسية والمناعة: مرضى الربو الأكثر تأثرا بالاحترار العالمي    ريهام سعيد: محمد هنيدي تقدم للزواج مني لكن ماما رفضت    ننشر موعد صلاة عيد الأضحى المبارك لعام 1445ه‍    تعرف على سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    عيار 21 الآن وسعر الذهب اليوم في السعودية الاحد 16 يونيو 2024    متلازمة الصدمة السامة، ارتفاع مصابي بكتيريا آكلة اللحم في اليابان إلى 977 حالة    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في القاهرة والمحافظات    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة جرائم إسرائيل    «الغرف التجارية»: زيادة الاحتياطى يزيد من ثقة المستثمرين    «الموجة الحارة».. شوارع خالية من المارة وهروب جماعى ل«الشواطئ»    أثناء الدعاء.. وفاة سيدة من محافظة كفر الشيخ على صعيد جبل عرفات    «التعليم العالى»: تعزيز التعاون الأكاديمى والتكنولوجى مع الإمارات    تأسيس الشركات وصناديق استثمار خيرية.. تعرف علي أهداف عمل التحالف الوطني    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    استقبال تردد قناة السعودية لمشاهدة الحجاج على نايل سات وعرب سات    عاجل.. رد نهائي من زين الدين بلعيد يحسم جدل انتقاله للأهلي    دعاء النبي في عيد الأضحى مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة كان يرددها الأنبياء في صلاة العيد    تشكيل غرفة عمليات.. بيان عاجل من "السياحة" بشأن الحج 2024 والسائحين    طريقة الاستعلام عن فاتورة التليفون الأرضي    غرامة 5 آلاف جنيه.. تعرف علي عقوبة بيع الأطعمة الغذائية بدون شهادة صحية    «المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    إلغاء إجازات البيطريين وجاهزية 33 مجزر لاستقبال الأضاحي بالمجان في أسيوط    ملخص وأهداف مباراة إيطاليا ضد ألبانيا 2-1 في يورو 2024    خوفا من اندلاع حرب مع حزب الله.. «أوستن» يدعو «جالانت» لزيارة الولايات المتحدة    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    تزامنا مع عيد الأضحى.. بهاء سلطان يطرح أغنية «تنزل فين»    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    بمناسبة العيد والعيدية.. أجواء احتفالية وطقوس روحانية بحي السيدة زينب    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صديقي نعمان 00
نشر في أخبار الأدب يوم 07 - 05 - 2011

لا مفر من محاولة لم شتات النفس المشعثة حزنا وألما لفراق الصديق العزيز نعمان عاشور، وكأن دموع الروح والعين التي انسكبت غزيرة عليه طوع الإرادة تستجيب لرغبتنا.. ومع ذلك فلا مفر، لكي نستطيع القيام بأبسط واجب نحوه بالتعريف بدوره الرائد في خدمة مسرحنا وثقافتنا.. وهو ما تعودنا أن نقوم به عادة نحو من هم أقل شأنا منه، ولم تربطنا به، خاصة خلال السنوات الأخيرة.
»كان« نعمان عاشور، ألا ما أبغض استخدام هذا الفعل الماضي الناقص معه، وهو الذي ظل حتي الأمس يفيض حيوية وعطاء حتي لا يكاد الفعل المضارع الكامل يكفي للحديث عنه..
أقول كان نعمان كاتبا كبيرا لأنه كان إنسانا كبيرا.. وهو ما لم يتح لي أن ألمسه عن قرب إلا حينما سمحت لنا الظروف بأن نقيم معا أسبوعا كاملا في فندق واحد بالكويت عام 9791 أثناء انعقاد مؤتمر مسرحي عربي.. أما قبل ذلك فقد كانت علاقتنا سطحية وعابرة، بل لم تخل من مناقشات حادة وعنيفة شفوية ومنشورة شأن علاقاته بغالبية النقاد الذين كان يختلف معهم كثيرا..
كان أكثر ما هزني في سلوك »نعمان« خلال ذلك الأسبوع الذي قضيناه معا في الكويت الحنان البالغ الذي كان يفيضه علي ولده الوحيد »سعد«، وكان وقتها يعمل هناك، فلازمنا معظم الوقت.. ونعمان كالطير المفزع بضم طيره الصغير إلي صدره حينا، ويبعده حينا آخر ويرفرف حوله بجناحيه، لكي يطمئن إلي أنه يجيد التحليق- في الغربة- وحده..
من يومها اتخذت علاقتنا شكلا آخر.. وحين علم أني ألتقي مرة كل أسبوع ببعض الأصدقاء والزملاء من الأدباء والنقاد بمقهي »سوق الحميدية« حرص علي الحضور والمشاركة في المناقشات الدائرة كلما سمحت ظروفه بذلك.. وكان يجد متعة خاصة وفرحة طفولية في مداعبة النقاد منهم وتأجيج ما ينشب بينهم من خلافات.. وما أكثرها.
وازداد تقديري له حين لمست حزنه العميق الصادق حينما توفيت زوجته ورفيقة عمره منذ سنوات، ووفاءه العظيم لذكراها حتي آخر لحظة في حياته.. لعل خير ما يصوره هذه الكلمات الصادقة التي أهدي بها أحد كتبه الأخيرة إليها..
»هذا جزء من رحلة العمر في حياتي المسرحية أهديه إلي روحك الطاهرة وقد كنت شريكة حياتي كلها..
»كنت أغلي ما في العمر..
»وأجمل ما في العمر..
»وأبقي ما في العمر..
»أنا أعلم اعتزازك بما كنت أهديه إليك من كتاباتي.
»ياليتك تعلمين مدي اعتزازي بما أهديته لي من ذكريات..
»كلها عطاء..
»وكلها هناء..
»وكلها سعادة..
»وكلها من فيض حبك الذي لا ينطفئ أبدا في قلبي«..
هذا الحب العميق الصادق الذي لمسته في »نعمان« نحو ابنه وزوجته وأسرته كلها، لم يكن سوي النواة الصلبة التي ارتكز عليها حب أكبر وأشمل لبلاده وأهلها.. بل للإنسانية كلها، من الممكن أن نلمس آثاره في كتاباته ومسرحياته، فهو إحدي سمات فنه الأساسية.
وأعتقد أن هذا التقارب مع نعمان عاشور الذي أكرمني الله به خلال السنوات الأخيرة قد زادني فهما لمسرحياته وكتاباته، وهو ما يفرض علي مسئولية صياغة هذا الفهم في دراسة وافية عنه، أرجو أن يتسع العمر والجهد لإنجازها.
ولد نعمان عاشور في 72 يناير سنة 8191 بمدينة »ميت غمر« التي تجمع- علي حد وصفه لها- بين »الصفة الحضارية كمدينة تجارية والصفة الريفية التي تكتسبها مما يحيطها من القري والكفور والنجوع«..
هذه السمة الأساسية التي تميزت بها »ميت غمر« تحققت أيضا في المقومات الوراثية التي انتقلت إليه عن أمه وأبيه:
»فإذا انتقلنا من البيئة إلي الوراثة وجدتني وقد جمعت بين نقيضين.. فأمي ريفية من بنات القري ولكنها من عائلة إقطاعية المنبت، وأبي سليل عائلة مدنية خالصة من عائلات الطبقة الوسطي«..
وقد أثر هذا الميراث المتناقض علي شخصية »نعمان«، بين طيبة أهل الريف وتلقائيتهم وحذرهم الشديد، وانفتاح أهل المدن وانطلاقهم وميلهم للمرح والتندر، وإن كان تأثره بشخصية أبيه أكبر فهو يقول عنه:
».. كان أكثر من أثر علي حياتي في بدايتها.. ذلك أنه ورث الكثير من الميول الفنية لعائلة أمه، ولم يأخذ من عائلة والده شيئا إلا ما خلفه من ثروة أو مال«..
وكتابه »المسرح حياتي« حافل بذكريات طفولته وصباه وأثرها في تكوينه النفسي وثقافته المبكرة حتي حصوله علي الكفاءة من مدرسة ميت غمر الثانوية، وقدومه إلي القاهرة، حيث أتم دراسته الثانوية والتحق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وتخرج فيه سنة 2491.
وتعمق »نعمان« أثناء دراسته الجامعية- بحكم تخصصه- في دراسة المسرح الإنجليزي، وشكسبير وشو بصفة أخص، وهام بعد ذلك بأبسن وتشيخوف فقرأهما بنهم.
وخلال تلك السنوات كانت القاهرة تموج بالأنشطة الثقافية والسياسية، فاندمج »نعمان« فيها، وشارك في العديد من تجمعات المثقفين وتنظيماتهم، خرج منها بإيمان عميق بالاشتراكية العلمية لم يتخل عنه بعد ذلك أبدا، ومن السهل تتبع تأثيراته الواضحة في مسرحياته وغالبية كتاباته..
ولكي لا يبتعد عن الحياة الثقافية الزاخرة في القاهرة التحق بوظيفة ببنك التسليف الزراعي، وبدأت تظهر كتاباته في بعض الصحف والمجلات اليسارية، من أبرزها مجلة »الفجر الجديد« التي كان يصدرها المرحوم أحمد رشدي صالح، فقبض عليه سنة 5491.
ولم يزده السجن سوي إصرار علي المضي في الطريق الذي اختاره لنفسه، وآمن بأنه أصلح طريق لتحرير بلاده من ربقة الاستعمار والتخلف، فأقبل علي القراءات السياسية ودراسة تاريخ مصر بتعمق، ظهرت آثاره في مقالاته العديدة عن أبطال النضال من أجل تحريرها.. النديم، ورفاعة الطهطاوي، والسيد درويش.. وغيرهم..
قبض علي »نعمان« مرة أخري سنة 6491 في »قضية الشيوعية الكبري« التي لفقها إسماعيل صدقي للقبض علي المفكرين والكتاب الأحرار وإغلاق مجلاتهم الثورية تمهيدا لتمرير معاهدة »صدقي- بيفن« التي قاومها الشعب وأسقط حكومة صدقي..
وحين أفرج عنه بعد شهر اندمج في العمل السياسي أكثر، فانضم إلي »لجنة الطلبة العمال« الشهيرة، وأشرف علي إصدار مجلتها السرية، وشارك في كتابة تحليلاتها السياسية.
فلما انتكست انتفاضة عام 6491 لم يجد ما ينفس فيه عن طاقاته الجياشة سوي الأدب والثقافة.. فأخذ يؤلف القصة القصيرة. ويترجم، ويلخص الكتب، ويعرف بكبار الأدباء العالميين، ويكتب التمثيلية الإذاعية والبرامج الخاصة.
وفي سنة 9491 اشترك مع المرحوم محمد مفيد الشوباشي، وعلي الراعي، وأحمد عباس صالح، ومحمود محمد شعبان، وأنور فتح الله، في إصدار مجلة »الأديب المصري«، وفيها اكتشف ميله الطبيعي للمسرح، فحينما توفي نجيب الريحاني نشر في المجلة
دراسة عن مسرحه وتطور مواقفه الاجتماعية، ووضح فيها حبه له وتأثره بفنه.
ونتيجة لمعايشته الحميمة للطبقات الشعبية في حواري الجيزة وعطفات السيدة زينب وعابدين وتسجيله لتصرفات أبنائها وأخلاقهم وعاداتهم وأساليب تعبيرهم في بعض قصصه القصيرة.. اندفع سنة 0591 في تأليف مسرحيته الأولي »المغماطيس«.
وبعد عشر سنوات من عمله في بنك التسليف الزراعي ضاق بوظيفته الروتينية فيه فتركه والتحق بوظيفة باحث اجتماعي بوزارة الشئون الاجتماعية، فلما قامت ثورة يوليو اختارت المحامي المعروف زهير جرانة وزيرا للشئون الاجتماعية، وكان يعرف »نعمان« ويتابع كتاباته، فعهد إليه بتكوين مكتب صحفي تابع للوزير والإشراف عليه.
وقتذاك كانت الفرقة القومية تابعة لوزارة الشئون، فكان الإشراف عليها من بين المهام التي عهد بها إلي »نعمان«، وهكذا اتصلت أسبابه بالفن الذي تعلقت به آماله، وتوثقت صلته بكثير من أعضاء الفرقة من خريجي معهد التمثيل، ولعله عرض علي بعضهم مخطوطة مسرحيته الأولي، فشجعوه علي تقديمها للمرحوم دريني خشبة، وكان وقتها يشرف علي »فرقة المسرح الحديث« التي كونها زكي طليمات سنة 0591 من خريجي المعهد، ثم تنكروا له بعد قيام الثورة، وتسببوا في إقصائه عنها.
وقرأ دريني خشبة مسرحية »المغماطيس« وأثني علي تدفق حوارها، ولكنه اعتذر عن عدم قبولها. وكان بعض خريجي معهد التمثيل قد اجتمعوا معا وكونوا بجهودهم الذاتية فرقة »المسرح الحر« بعد قيام الثورة بشهرين، ونجحوا في تقديم عدة مسرحيات قوبلت بالترحيب لجديتها وارتفاع مستواها الفني، فقدم »نعمان« مسرحيته أليهم.
وتحمس بعض أعضاء »المسرح الحر« للمغماطيس، وخاصة الفنان إبراهيم سكر الذي قام بإخراجها في صيف 5591. وبنجاحها بدأت مسيرة »نعمان« الصاعدة، وخاصة بعد نجاح مسرحيته الثانية الشهيرة »الناس اللي تحت«، وقد أخرجها كمال ياسين لنفس الفرقة في العام التالي.
ويحدد نعمان عاشور أهم خصائص مسرحه فيقول:
»من مواصفات المسرح الذي أكتبه.. فوق طابعه الاجتماعي الخالص، والذي يجنح إلي الواقعية اللاصقة، أنني أقيم دعائمه علي عنصرين رئيسيين:
»أولهما: الارتباط الموضوعي الدائب بالتطور الاجتماعي لحياة البيئة المحلية.. وبالتالي فإني أسجل إطارها المرحلي محاولا أن أستشف ما وراء حقائقها الموضوعية.. وفي نفس الوقت تفاعل وصراعات وامتدادات أحداثها مدفوعا بنظرة مستقبلية دائما.
»وثانيهما: رسم الشخصيات المستمدة من البيئة في تلاحمها مع التطور الحادث.. وتفاعلها بكيانها »الذاتي والاجتماعي« أي فرديتها الإنسانية والنفسية ووضعها الطبقي.. مع واقع الحياة المحلية.. في الإطار الشامل للعصر الذي نعيشه.. مع التركيز المتلاحق علي قيمة الشخصية وأهمية الدور الذي تلعبه في خدمة المستقبل«.
وعندما تولي المفكر الكبير فتحي رضوان وزارة الإرشاد وأنشأ بها مصلحة الفنون سنة 5591 برئاسة أديبنا الكبير يحيي حقي، وجمع فيها أكبر عدد ممكن من أدباء مصر وفنانيها من أمثال عبدالرحمن صدقي ونجيب محفوظ وعلي أحمد باكثير، انضم »نعمان« إليهم، ثم نقل إلي الرقابة علي المصنفات الفنية، إلي أن ضمه عبدالمنعم الصاوي إلي المكتب الفني الذي أنشأه للوزارة بعد أن أصبحت وزارة للثقافة في عهد د. ثروت عكاشة.
وقد زاملته في هذا المكتب الفني حوالي عام إلي أن فصل بسبب ميوله التقدمية سنة 8591 وكان ممن فصلوا من وزارة الثقافة لنفس السبب الفنان الكبير حمدي غيث.
بعد ذلك وجد »نعمان« متسعا لمواهبه في الصحافة، فعين بجريدة »الجمهورية« حتي سنة 4691، ثم نقل مع من نقل إلي المؤسسات العامة، فسارع المسئولون عن »أخبار اليوم« إلي اقتناص موهبته الخصبة، وظل يكتب بها بانتظام، ونشر مقاله الأخير قبل وفاته بيوم واحد.
وأثناء العدوان الثلاثي سنة 6591 قدم نعمان للمسرح القومي مسرحيته الوطنية »عفاريت الجبانة«، فأخرجها نبيل الألفي وفي العام التالي أخرج له سعيد أبوبكر مسرحيته »الناس اللي فوق« التي يعتبرها أنضج مسرحياته وأحبها إلي قلبه.
وتتابعت بعد ذلك مسرحياته العديدة الناجحة التي أربت علي العشرين، وكان آخرها »حملة تفوت ولا شعب يموت« التي لم يتح له أن يراها مجسدة علي خشبة المسرح، ومن أهم هذه المسرحيات »عيلة الدغري« 2691 و»برج المدابغ«- 6791، »إثر حادث أليم«- 5891 التي قدمت باسم »مولد وصاحبه غايب«، كما ألف مسرحيتين لمسرح العرائس.
وبذلك أصبح عنصرا أساسيا في نسيج المسرح المصري، وعاملا هاما من عوامل تطوره وتقدمه ، ورائد اتجاه خصب فيه، يمكن أن نطلق عليه اسم »الواقعية الجديدة« لنميزه عن الكتاب الواقعيين السابقين عليه.
أن هذا المقال ليس أكثر من إلمامة سريعة بحياة فقيد المسرح المصري وأهم إنجازاته، التي تتطلب جهدا أكبر بكثير للإحاطة بها، لعلنا نقوي علي بدله ذات يوم قريب.. وإلي أن يتحقق ذلك لا نملك إلا أن ندعو الله أن يرحمه بقدر ما خدم بلاده وفنها، ويلهمنا الصبر علي حرماننا منه، ويعوض المسرح المصري عن خسارته الفادحة بفقده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.