كل شيء في النوبة له طعم مختلف، حيث الأطعمة لها تاريخ وذكريات تستحق أن تروي، وعيش «السناسن» احد هذه الأطعمة التي يحافظ عليها النوبيون في بيوتهم، لأنه بالإضافة الي طعمه المميز، يحمل لهم عبق تاريخ النوبة القديمة التي يتوارثها الأجيال يحملونها في قلوبهم. وينتشر عيش «السناسن» بالقري النوبية التي تتحدث اللهجة «الكنزية» ، بينما يشتهر باسم «الشدي » داخل القري النوبية التي تتحدث اللهجة « الفاجيكية» ، وفي كلتا الحالتين فهو يعد بنفس الطريقة وله نفس المذاق المميز. وتقول الحاجة أم عبد الرحمن أن هذا النوع من المخبوزات ورثه النوبيون عن أجدادهم الذين سكنوا النوبة القديمة قبل بناء السد العالي، حيث لم يكن متوفرا حينها العيش المصري، فكانوا يستخدمون الدقيق والمياه لخبزه بشكل رقيق علي صاجة من الحديد . وتضيف أنه حاليا لصناعة «السناسن» يتم خلط الدقيق الأبيض الخام ، مع دقيق شامي يجلبونه من مدينة دراو وكمية مناسبة من المياه والخميرة ، وتركه ليخمر مدة نصف ساعة ، ثم يتم إشعال « الشعلة « ووضع «الدوكة « عليها ليتم فرد طبقات رقيقة من العجين عليه ويترك لثواني قليلة ثم يقلب ويرفع من علي الدوكة ليتم تطبيقه وتغليفه سريعا خشية من جفافه في الهواء . وفي أغلب المنازل النوبية يستبدل النوبيون العيش المصري بعيش «السناسن» ، كما أنه يتم عمل «الفتة » به ، بينما يفضله الأطفال باللبن سواء كوجبة إفطار او عشاء، إلا أن أكله مع الإتر يعد من أشهر الوجات في النوبة والمحببة لقلوب كافة الكبار ، وعندها تضطر ربة المنزل إلي خبزه سميك قليلا وحينها يسمي «الكابد». ويعد السناسن أيضا من أشهر المخبوزات التي تقدم للسائح داخل القري النوبية السياحية والتي تمثل له أحد خصائص النوبة التي لا يجدها في أي مكان آخر . أميرة شعبان