قبل أن أبدأ، لابد أن نعترف أن القضية السكانية ترتبط ارتباطاً مباشراً بالقضايا الاقتصادية وقضايا التنمية ليس في مصر وحدها بل في كل دول العالم، ففي دول مثل ماليزيا والصين والهند وغيرها، نالت القضية السكانية اهتماما واسعاً حتي استطاعت هذه الدول الوصول إلي ما هي فيه الآن، ولا بد أن نعترف أن الأسرة الصغيرة علي الأقل في الوقت الراهن الذي يشهد أزمات اقتصادية وتنموية متعددة ضرورة حتمية لضمان مستوي أفضل للمواطنين وحتي تستطيع الدولة أن توفر لهم مستوي معيشة لائقا ومناسبا، ولهذا جاءت المبادرة الرائعة من المجلس القومي للسكان ووزارة الصحة والسكان، وبدعم قوي من مجلس الوزراء، إعلان اليوم القومي الأول للسكان في مصر، وليتم الاحتفال به في 31 يوليو من كل عام لدعم القضية السكانية والمتابعة الدورية والتقييم خلال العام فيما يتعلق بالمنظومة السكانية والملف السكاني في مصر والتي تضعه الدولة علي قمة أولوياتها، اختيار اليوم الأخير من شهر يوليو لإعلان اليوم السنوي القومي للسكان لم يأت من فراغ، فشهر يوليو يشهد الاحتفال بثورة يوليو المجيدة وذكري تأميم قناة السويس، والقضية السكانية هي قضية ثورة، ثورة تنموية، فالإنسان والتنمية وجهان لعملة واحدة، والنهوض بالأسرة المصرية لمعيشة أفضل بالقطع يرتبط بقضايا التنمية، ولهذا ارتأي كل من السيدة النشيطة د. مايسة شوقي نائب وزير السحة والسكان والمشرفة علي المجلسين، القومي للسكان والطفولة والأمومة ومعها د. طارق طارق توفيق مقرر المجلس القومي للسكان، ود. عماد راضي وزير الصحة والسكان، أن يضعوا القضية السكانية علي رأس اهتماماتهم التنموية لارتباطها المباشر بكل القضايا والمشكلات الحياتية، وبدعم قوي من د. شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء، والذي حضر ووزراء المجلس ليؤكدوا علي المشاركة القوية في حل القضية السكانية التي بدأت تأخذ منحي آخر للتنفيذ يختلف عن بداياتها منذ ستينيات القرن الماضي التي ركزت علي الزيادة السكانية دون التركيز علي علي العلاقة الوثيقة بين السكان وقضايا التنمية، قد يقول قائل إن السكان هم ثروة مصر الحقيقية وقوتها الناعمة، نعم هذا حقيقي ولكن علي أن يكونوا قادرين فعلاً علي العمل والإنتاج لتحقيق أهداف التنمية وهو ما اتضح في الاستراتيجية القومية لسكان 2014 التي تهدف إلي تحقيق التوازن بين معدل النمو السكاني ومعدل النمو الاقتصادي بالإضافة إلي تحسين الخصائص السكانية للمواطنين بما يمكنهم من المساهمة الإيجابية في تنمية الوطن، ولهذا يجب التركيز علي خفض معدلات المواليد من 2،9 مليون مولود لعام 2014 إلي 2 مليون فقط خلال 2020 2030، وتقليل معدل الخصوبة الكلي من 35 طفلاً لكل 10 سيدات كما هو الآن إلي 24 طفلاً فقط، لقد زاد هذا المعدل من 2008 إلي 2014 من 30 إلي 35 طفلاً لكل 10 سيدات، وهو معدل يعوق كل خطط التنمية التي ننشدها، وهو ما يعني عدم الإلتزام بالإحتياجات الأساسية للمواطنين بدون إستثمارات كبيرة، فلننتظر جميعاً حتي تؤتي الاستثمارات نتائجها كما فعلت الدول المتقدمة، لنتعاون جميعاً لتحقيق حلم أسرة صغيرة تساوي حياة أفضل معيشياً وتعليمياً وصحياً.. إلخ، فماذا ننتظر بعد أن وصل التعداد إلي أكثر من 90 مليون نسمة، في ظل تناقص الرقعة الزراعية وانخفاض منسوب مياه النيل..! ونهاية، لم تكن سعادتي بإطلاق اليوم القومي للسكان بقدر سعادتي بما شاهدته من مشاركة وتكاتف من كل الوزارات وجهات الدولة في الاهتمام الجاد لمواجهة وحل القضايا السكانية والاقتصادية والتنموية، وما علينا إلا الاقتناع والمشاركة حتي نتخطي كل المشكلات التي تحاصرنا.