من المؤكد أن كثيرا من المسئولين يريدون ان تكون شهادة الثانوية العامة هي البعبع المخيف للاسرة المصرية، لتظل العائلة في قلق دائما خوفا علي مستقبل ابنائهم.. لإلهاءالناس عن متاعبهم الحقيقية، من الارتقاع المتزايد للأسعار مع قلة الدخول الشهرية.. وانتشار الأمراض. ويبدو أن هناك اتفاقا غير مكتوب يجب تنفيذه بدقة، والله أعلم بما تخفيه الصدور، أو صفقة غير معلنة، ليظل اصحاب مراكز الدروس الخصوصية المسماة: «بالسناتر» ليواصلوا جهودهم في تخريب المدارس الحكومية، ليبقوا في رخاء ونعيم، يشاطرهم في هذه المغانم أباطرة الدروس الخصوصية من المعلمين الذين غابت ضمائرهم، وهجروا مدارسهم الحكومية ويتقاضون مرتبات شهرية من عرق العامل والفلاح وهي مرتبات لا بأس بها، وتركوا مدارسهم تنعق فيها البوم والغربان، ونسي المعلمون رسالتهم السامية في تنشئة النش، وحثهم علي الاجتهاد، وترسيخ مكارم الاخلاق وأن يساعدوهم في بداية حياتهم علي الطريق الصحيح لتحصيل العلم بجدية لتحصين الوطن وتخليصه من براثن التخلف والشعوذة، والسحر والخرافات وسيطرة العشوائيات. ومن غريب الشعارات ان نطالب الناس البسطاء، الذين لاحول لهم ولا قوة بالكد والجدية والانتاج وجودته، حتي ترسخ قيم الانتماء وإعلاء شأن الوطنية في النفوس، والقلوب والعقول، وتناسي هؤلاء قول الله سبحانه وتعالي: كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون. ومن العجب ان نسمع من وقت لآخر عن رحلات مكوكية لوزراء التعليم، العالي، والعام إلي بلاد العالم، شرقا وغربا، ودائما وجهتهم امريكا وانجلترا وكندا وفرنسا واستراليا واليابان والصين، والي دول النمور الاسيوية يصاحبهم وفود من المحاسيب والاصدقاء لمشاهدة تجارب الدول المتقدمة في تطوير التعليم.. لنقلها الي بلادنا، مع انهم اول من يعلمون علم اليقين ان لكل دولة ظروفها الخاصة بها وامكانياتها المادية وثقافاتها التي تختلف من دولة إلي اخري، وما يصلح في تلك البلاد لا يصلح بالضرورة لمثل مجتمعاتنا.. وما ان يعود الاشاوس من الوزراء والمحاسيب إلي ارض الوطن، الا ويغادرونه للقيام بنفس الجولات.. ولا حسيب ولا رقيب، واصبح الرأي العام يطلق عليهم تهكما ان هؤلاء في زيارة رسمية لجمهورية مصر العربية الشقيقة أو الصديقة، وكل النفقات علي حساب دافعي الضرائب من الفقراء المطحونين! أيها المسئولون بالله عليكم قولوا للشعب ماذا استفادت مصر من رحلاتكم المكوكية العابثة. إن طريق تطوير التعليم ليس في حاجة الي الصخب الكاذب. مطلوب فقط اناس عندهم ضمير وطني مع توفير الاعتمادات المالية الكافية لإحلال وتجديد وبناء مدارس جديدة تتناسب مع الزيادة السكانية وتقليل كثافة الفصول، ومواكبة المناهج الحديثة وتنحية المناهج القديمة، واتباع اساليب جديدة بدلا من الحفظ والتلقين، والعودة الي مدارس تربي العقل والفكر معا. اننا في حاجة إلي مسئولين كبار لديهم رؤية حقيقية مستقبلية للتعليم ودورة في بناءالشخصية المتكاملة علميا وأخلاقيا، فاذا توافرت كل هذه المقومات، تحقق للمجتمع التعليم الجيد.. ويصبح بحق قاطرة التقدم، بعيدا عن التعليم المغشوش الذي لا ينتج إلا التخلف ويجعلنا في ذيل الدول الساعية إلي التقدم. كما ان التعليم لا يرتبط بزمن، إنما التطوير عملية يومية مستمرة إذا أردنا النجاح والفلاح في قادم الايام. والحديث موصول.