لعنة أخناتون أصابت كل من ساهم في فيلم «المومياء» الذي ظل شادي عبدالسلام يعد له لمدة 10 سنوات فمات «شادي» والفنان أحمد مرعي والفنان صلاح مرعي والمنتج محمد سالم بمرض السرطان اللعين. يستحق الراحل المبدع شادي عبد السلام أن يوضع اسمه ضمن المخرجين العباقرة. والحقيقة أنه من الصعب أن تجد فنانا يعشق الحضارة الفرعونية مثلما عشقها شادي الذي استطاع من خلال إخراج فيلم روائي واحد فقط وهو المومياء أن يحصد العديد من الجوائز العالمية؛ بل ويغزو بفيلمه السوق العالمية وهو أول فيلم مصري يعرض في كل دول العالم. وأتذكر وأنا طالب دكتوراه بجامعة بنسلفانيا وكان محمد غنيم وقتها هو الملحق الثقافي بالمركز الثقافي؛ وكان يرسل نسخ هذا الفيلم ليعرض بالجامعات؛ وكنت أذهب لعمل لقاء مع الطلاب والأساتذة في كل مرة بعد عرض الفيلم والرد علي أسئلة الحاضرين.يدور فيلم المومياء حول عائلة عبد الرسول التي تقطن بالقرنة بالأقصر وقصة كشفها لخبيئة المومياوات بالدير البحري عام 1871؛ وكيف دخلوا إلي الخبيئة التي كان يوجد بها كنوز الفراعنة من مومياوات ملوك الدولة الحديثة وتوابيت وتماثيل هي بحق من كنوز الحضارة المصرية القديمة.. وكان تشاجر أفراد العائلة هو السبب الرئيسي في الكشف عن الخبيئة بعد عشر سنوات من كشفها. قامت مصلحة الآثار بعد الكشف عن سر الخبيئة بنقل المومياوات في مركب إلي القاهرة؛ وعند وصول المومياوات إلي محطة رسوم بولاق لم يوافق مفتش الجمارك علي دخول المومياوات لعدم وجود اسم أو بند لديه لتسجيلها وتحصيل رسوم العبور المفروضة علي البضائع في ذلك الوقت.. وبعد سجال وافق علي دخولها تحت بند سمك مملح. لا يمكن نسيان ذلك المشهد الخالد البديع الذي صوره شادي عبد السلام لنساء القرنة وهم يتشحون بالسواد يبكون وينتحبون لحظة خروج توابيت وأجساد أجدادهم الفراعنة لتغادر الأقصر كما لو كانت جنازة لفقيد مات لتوه وليس من أربعة آلاف سنة؟! أما دور نادية لطفي العبقري في المومياء فكان السبب في وصولها للعالمية.. ومازلت مصراً علي ضرورة أن تقوم بتسجيل ذكرياتها عن المومياء ومع شادي عبد السلام لكي نحفظ هذا التاريخ المهم.. وكذلك ذكرياتها عن الأيام الأخيرة في حياة شادي ورعايتها له حتي لحظة وفاته. ظل شادي عبد السلام يعد لرائعة أخري عبارة عن فيلم يدور حول أخناتون الفرعون المصري الذي نادي بالوحدانية ورفض عبادة آلهة متعددة محطماً تقاليد آلاف السنين في خطوة لم تتكرر في التاريخ المصري القديم. ظل شادي يعد لهذا الفيلم علي مدار عشر سنوات؛ يدرس كل كبيرة وصغيرة عن حياة أخناتون؛ وكان علي الفنان العظيم أنسي أبو سيف أن يقوم بتصميم وإعداد ملابس هذه الفترة خاصة ملابس الملكة التي كان من المقرر أن تقوم نادية لطفي بدورها. وكان الفنان الراحل صلاح مرعي مكلفا بعمل الديكورات والنحات العبقري محمود مبروك بعمل المنحوتات من التماثيل والمعابد. ويبدو أن لعنة أخناتون أصابت العمل ليموت كل من شادي عبد السلام والفنان أحمد مرعي والفنان صلاح مرعي والمنتج محمد سالم بمرض السرطان اللعين. أقدم عظيم الشكر للدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية لحفاظه علي تراث شادي عبد السلام داخل المكتبة في المعرض الدائم لشادي عبد السلام. ولكننا ما زلنا نعاني من مشكلة تحتاج لتدخل حلمي النمنم وزير الثقافة للحفاظ علي فيلم المومياء من الضياع؛ حيث استطاع د. مجدي عبد الرحمن ترميم نجاتيف الفيلم لكنه غير محفوظ بطريقة آمنه؛ الأمر الذي سوف يؤثر علي القيمة الفنية للفيلم وضياعه كارثة بكل المقاييس.. كما أتمني أن يكلف أصدقاء شادي سواء أنسي أبو سيف أو محمود مبروك بإحياء مشروع أخناتون وأن يتم تكريمهما مع الفنانة العظيمة نادية لطفي.