"يا من تذهب ستعود.. يا من تنام سوف تنهض..يا من تمضي سوف تبعث.. فالمجد لك، للسماء وشموخها.. للبحار وعمقها "... عبارة كتبها المخرج الراحل "شادي عبد السلام" في مقدمة فيلمه "المومياء"، الذي انجزه منذ ما يقرب من اربعين عاما ذ وعرض في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي والذي قام بإهداء دورته الثالثة والثلاثين لاسم "شادي عبد السلام" - لكن في الحقيقة هي تعبر عنه وعن رائعته السينمائية "المومياء" والتي باتت اشبه بأسطورة الفراعنة أو القدماء المصريين، الذين حملوا سر بناء الدولة والاهرامات الثلاثة والمعابد، وبالتالي فإن "المومياء" يكاد يكون واحدا من تلك الاسرار، التي القي فيه "شادي عبد السلام" بسحره علي السينما المصرية.. وفيلم "المومياء" الذي يعتبر اهم الافلام العربية والمصرية والتي قدمت في تاريخ السينما، والذي يعالج فيه قضية الهوية والحفاظ علي التراث الحضاري لمصر، وهو ما كان يراه "شادي عبد السلام" من ان الحضارة المصرية تجربة إنسانية وفكرية عميقة تستحق أن تدرس..ولكن ليست الحضارة المصرية فقط التي تستحق ذلك، بل فيلمه ايضا، والذي وحده وضع السينما المصرية في مصاف سينما العالم، وضمن اهم مائة فيلم في العالم، وربما كان من اهم الاسباب التي ساهمت في اعادة عرض فيلم "المومياء" بعد قيام مؤسسة سينما العالم التي يرأسها السينمائي الامريكي "مارتن سكوسيزي" بترميم نيجاتيف الفيلم بتكلفة تعدت ال 250 الف دولار، بعد ان ظل مفقودًا لسنوات طويلة حسب شهادة "محمد كامل القليوبي" عن الفيلم -عقب عرض الفيلم منذ ايام في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي-، والذي وصف رحلة البحث وجمع النيجاتيف من جانب السينمائيين والمتخصصين كانت اشبه بالتنقيب عن الاثار، حيث عرض للمرة الاولي - بعد ترميمه- في مهرجان كان السينمائي في دورته الماضية.. عرض فيلم النسخة المرممة لفيلم "المومياء" كانت بمثابة اعادة الروح للسينما المصرية، خاصة ان الفيلم بات وكأنه انجز منذ فترة ليست بعيدة، وقد تملكنا شعور من انه عقب انتهاء عرض الفيلم في قاعة سينما جودنيوز - مساء الاثنين الماضي- سوف يصعد ابطال ونجوم الفيلم والسينما ذانذاك- "احمد مرعي" و"نادية لطفي" و "زوزو الحكيم" وصناع الفيلم وفي مقدمتهم "شادي عبد السلام" كمخرج وكاتب سيناريو وحوار ومصمم ملابس الفيلم، ومهندس الديكور والمناظر "صلاح مرعي" وانسي ابوسيف" ومدير التصوير "عبد العزيز فهمي" علي خشبة المسرح، مثلما يحدث الان في الافلام المصرية، وذلك من جودة الصورة التي ظهر عليها الفيلم..ورغم ذلك فقد كان هناك بعض ممن ساهموا في صناعة الفيلم كل منهم ادلي بشهادته عنه، فمثلا "صلاح مرعي" الذي عمل منسق مناظر في فيلم "المومياء" قال: إن شادي عبد السلام بدأ في كتابة فيلم "المومياء" عام 1969، وظل خمسة أعوام في مرحلة الكتابة إلي أن أنجزه عام 1969، وقد بدأت فكرة الفيلم عقب اكتشاف مومياوات الدير البحري، وهو ما لفت انتباه "عبدالسلام"، وبدأ يكتب السيناريو مرات عديدة، فقد كان دائما مشغولاً بفكرة تواصل الحضارة، كما ان الحكايات عن نقل المومياوات من مكانها والتفاف الأهالي حولها وكأنهم يشيعون جنازة مثلما ظهر في مشهد نهاية الفيلم كموكب جنائزي كانت السبب الرئيسي في ظهوره للنور.. أما الناقد "مصطفي درويش" الذي كان وقتها رئيسا للرقابة علي المصنفات الفنية، فقد روي شهادته عن فيلم "المومياء" الذي واجه مشاكل وعقبات كثيرة، خاصة فيما يتعلق بالانتاج، فقد كان هناك تخوف من جانب شركة السينما المنتجة للفيلم، من حدوث خسائر فادحة خاصة وإن شركته كانت متعثرة ماديا، هو ما جعل "عبد الرازق حسن" رئيس مجلس ادارة الشركة" يطلب من الرقيب آنذاك عدم الموافقة علي سيناريو الفيلم لأنه يراه ضد القومية العربية، فقد رفض "درويش" المبدأ واخبر رئيس الشركة انه يقوم بترقيب الفيلم من زاويتين سواء ضد النظام العام أو حسن الآداب، ورغم ذلك فقد تحمس له "ثروت عكاشة" وزير الثقافة آنذاك، وخرج الفيلم للنور رغم تكلفته الباهظة في ذلك الوقت 90 - ألف جنيه - لكنه عرض في مصر بعد خمسة اعوام من عرضه في اوروبا.. وقد فتح عرض فيلم "المومياء" باب الحديث عن مشروع فيلم "أخناتون" الذي توفي "شادي عبد السلام" قبل ان يجد تمويلا له لإنجازه، رغم انه كان مشروعًا سينمائيا مكتملاً لاينقصه الا بدء التصوير وقتها ذاي بداية الثمانينات -، لكن وزير الثقافة "فاروق حسني" الذي ساهم بشكل كبير في اعادة ترميم "المومياء" من خلال وزارة الثقافة والمركز القومي للسينما، اخبرنا في تصريح خاص لروز اليوسف انه يبحث حاليا استكمال مشروع فيلم "أخناتون" مع مهندس الديكور "صلاح مرعي" ويبحثون عن مخرج سينمائي يمتلك أدوات تؤهله لإخراج الفيلم، اضافة الي ان "أخناتون" يحتاج الي ميزانية ضخمة.