مراحل تسوية الفول فى المستوقد «تصوير: أحمد حسن» الفول هو الطبق الذي يعشقه الأغنياء الفقراء علي حد سواء طوال أيام العام،والطبق الرئيسي لجميع المصريين علي موائد السحور،وتزداد كثافة الاقبال عليه خاصة في شهر رمضان الكريم،باعتباره «مسمار البطن»،الذي يعين الصائم علي تحمل مشاق الصيام من بداية الفجر وحتي أذان المغرب،وأبدع المصريون في طرق تحضيره،وتأهيله للأكل بأكثر من طريقة،وكل واحدة ألذ من الأخري. ذهبنا إلي أقدم مستوقد في مصر والموجود بحارة مرجوش بمنطقة باب الشعرية،والملاصق لأحد أشهر الحمامات الشعبية التي تحمل نفس الاسم، ويعتبر آخر المستوقدات البلدي التي تقوم بعمل الفول المدمس في مصر بالطريقة اليدوية،والتي تحولت مع مرور الزمن إلي مجرد أطلال لا يعرف عنها شيء سوي كبار السن،الذين عاصروا فترات ازدهار طهي الفول المدمس في المستوقد قديماً،والذي كان يتم طهيه علي كميات من القمامة والزبالة،أو أي اشياء يتم إلقاؤها في الشوارع مثل كاوتش السيارات والاخشاب وغيرهم. كانت بداية الرحلة أن مشينا في ممر طويل داخل المستوقد،تبلغ مساحته 10 أمتار وعرضه مترين وينتهي بغرفة تعج بالأخشاب والتي تستخدم في عملية الطهي وبعض القدر النحاسية والاستانلس التي عفا عليها الزمن،أما جدرانه فكانت متهالكة لما رأته من حوادث الزمن فتحولت إلي اللون الأسود بنفس لون الأرضية التي اكتست بالفحم المحترق،وهناك تجد حاملات من الحديد ترتكز علي أرضية الممر وعليها ثلاثة قدور من الفول يتم تجهيزهم للسحور وأسفلهم «وابور الجاز» الذي يقاد باستخدام الشرائط. ويقول لنا عم «محمد أحمد»50 سنة صاحب مستوقد الفول ان الحال لم يعد كما كان قديما في أيام والده المعلم « أحمد» أشهر صانعي الفول المدمس في مصر،ويستكمل كلامه وهو يقوم بدحرجة قدرة الفول ثقيلة الوزن علي الأرض من الحجرة إلي الموقد لثقل وزنها،ويوضح أن حركة العمل زمان لم تنقطع عن المستوقد ليلا أو نهارا، وكان يتم ضخ «11 قدرة» فول يومياً للمحال التجارية والمنازل،كما كان يتم توزيع الفول علي أكبر المطاعم والفنادق في مصر،ويصمت ثم يقول: «لا يتعدي عدد القدور حالياً ثلاثة قدر فقط وتزيد إلي تسعة في شهر رمضان الكريم،ويشير إلي أن السبب هو أن المطاعم والفنادق تقوم بتسوية الفول في مطابخها الخاصة علي غاز الأنابيب البوتاجاز،في حين انه يعمل بمفرده وبدون صنايعية معه،لخفض التكاليف،ويقوم بعمل كل شيء بنفسه،ويمسح المعلم محمد حبات العرق من علي جبهته ويشير إلي أنه يقوم بتجهيز قدر الفول وطهيها من الساعة الثانية عشرة ظهراً إلي الساعة الثامنة مساء،ثم يستعد لمجئ البائعين لتجهيز الفول لوجبة السحور. ويحدثنا عم «أحمد» عن سر جمال أطباق الفول،ويحددها في طريقة التسوية علي نار هادئة،فهي علي حد قوله سر مهنته بالإضافة إلي وضع كميات قليلة من الحمص بخلاف ما يضعه أصحاب المطاعم من فول وعدس وأرز فقط، كما أن هناك بعض الباعة يستخدمون الفول المستورد لرخص ثمنه وسعر الكيلو منه 4 جنيهات وتكون فيه بعض المرارة بعكس الفول البلدي الذي يتميز بمذاقه الجيد، ويستخدم الفول البلدي قليل من الباعة لان سعره يصل إلي 12 أو14 جنيها. ويشرح لنا عم محمد مراحل تسوية الفول المدمس في الوقت الحالي،والتي تتم عن طريق حرق كميات كبيرة من الخشب وكاوتش السيارات الملقاة في الشوارع التي يجمعها من الشارع،ويضعها أسفل « قدر» الفول،وتتم بعد الغليان عملية التسوية علي النيران الهادئة ل «وابور الجاز» لأن نيرانه الهادئة تساعد علي تسوية حبات الفول بشكل جيد وتعطيه الطعم المميز ويقوم بتقليب كل المكونات معا لتمتزج معا ويغطي القدرة بالغطاء ويضع فوقها قالبا من الطوب الاحمر لاحكام الغلق ومقاومة ضغط البخار الساخن. ويشير عم محمد إلي أن طهي الفول قديماً كان له طريقة مختلفة،حيث كان يتم حرق كميات كبيرة من القمامة والزبالة الملقاة في الشوارع لتسخين مياه حمام مرجوش البلدي الملاصق للمستوقد فتتحول القمامة إلي تراب أحمر نتيجة ارتفاع درجة الحرارة،ويوضع قدر الفول أعلي التراب المحترق لمدة 6 ساعات،مما يساعد علي تدميس الفول بطريقة سريعة وأوضح أن الفول كان له مذاق خاص،ولكن هذه المهنة أصبحت من المهن المنقرضة،ولم تعد مربحة ويقول: كل ما أتقاضاه مقابل تسوية قدرة الفول الصغيرة هو 15جنيهاً،و الكبيرة تسويتها 20 جنيهاً فقط لا غير.