كان الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريجان، وهو جمهوري يميني متطرف، يصف سلفه الرئيس الديموقراطي جيمي كارتر بأنه "شيوعي" لأنه كان يتعامل بدبلوماسية مع الأنظمة المعادية للولايات المتحدة خاصة في امريكا اللاتينية ولانه لم يعلن الحرب علي إيران رداً علي اقتحام الإيرانيين للسفارة الامريكية في طهران بعد ثورة الخوميني. ورغم ان ريجان ممثل سابق كان معروفاً بخفة دمه بالإضافة الي حبه لتناول الكحوليات حتي خلال توليه منصب الرئاسة إلا أن وصفه لرئيس مثل كارتر، وهو اشد رؤساء امريكا تديناً، بأنه شيوعي لايمكن استيعابه إلا في إطار نكتة سخيفة لممثل فاشل او هلوسة مخمور لا يعي ما يقوله. وربما إندفع ريجان نحو هذا الرأي نتيجة خلافه الأساسي مع كارتر حول كيفية تعامل الولاياتالمتحدة مع الأنظمة والدول التي ترفض الخضوع لها. كان كارتر يري ان كل الخلافات يمكن حلها بالحوار حتي مع الشيوعيين الحمر وانه لا يمكن قتل الناس لمجرد انهم يساريون Better red than dead. وجاء ريجان ليعكس هذه المقولة ويؤكد ان قتل هؤلاء اليساريين الحمر هو الخيار الأفضل Better dead than red! نفس المشكلة تقريباً تتكرر الأن مع الرئيس الديموقراطي باراك اوباما الذي يتهمه اليمين الجمهوري المتطرف بأنه "مسلم" وبأنه منحاز للشعوب الملونه التي تهدد المصالح الأمريكية وللعرب والمسلمين لمجرد انه يتمهل قبل توجيه ضربه عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية. ويتجاهل اليمين المتطرف في الولاياتالمتحدة الكثير من الحقائق التي تؤكد ان اوباما، رغم كلماته المعسولة، لا يختلف كثيرأ عن بقية رؤساء أمريكا سواء كانوا ديموقراطيين او جمهوريين في حرصهم علي مصالح بلادهم وعدوانيتهم ضد بقية شعوب العالم خاصة التي تتمسك بإستقلالها ومصالحها. والفارق الوحيد ربما يكون هو اللغة الهادئة والدبلوماسية التي يستخدمها اوباما والوعود التي يطلقها دون ان تتحقق مثل وعده بالعمل علي وقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. تجاهل اليمين الأمريكي المتطرف حرص اوباما الشديد علي عدم المساس بإسرائيل وحربه الوحشية ضد افغانستان وتأكيده علي سحب القوات الامريكية من العراق والذي كان الهدف الوحيد له هو انقاذ امريكا من المستنقع العراقي. والحقيقة ان اتهام اوباما بأنه مسلم ولا يهتم بالمصالح الامريكية لا يختلف كثيراً عن اتهام كارتر بأنه شيوعي .. فالهدف واحد في الحالتين وهو تحقيق مصالح سياسية وبالتحديد في الانتخابات الأمريكية سواء في التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر القادم او انتخابات الرئاسة القادمة التي يستعد لها الحزب الجمهوري بكل شراسة من الآن.. واذا كانت اكاذيب اليمين الجمهوري قد نجحت في الإطاحة بكارتر ليخلفه ريجان في البيت الأبيض فإن السؤال المنطقي يصبح هو .. هل ينجح المتطرفون الأمريكيون في القضاء علي اسطورة اوباما وطرده من الرئاسة بعد فترة واحدة وحرمانه من اي فرصة للبقاء 4 سنوات اخري في البيت الأبيض؟ الإجابة الحاسمة علي هذا السؤال سيعرفها الجميع بالتأكيد بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة عام 2012.