د. محمد صابر عرب خلال حواره مع » اخبار اليوم« تغيير قيادات الثقافة ضرورة وليس تطهيرا ً أكد د. محمد صابر عرب وزير الثقافة أنه يؤمن بحرية الابداع بلا حدود ودون فرض اي قيود ادارية اوقانونية وهذا نابع من ثقافته وتكوينه الشخصي ورؤيته الاجتماعية ويري انه لا يجب ملاحقة المبدعين بأية إجراءات تحد من حريتهم وأن المجتمع وحده من يملك محاسبة المبدع؛ وقال انه يرفض تماما التجاوزات والاهانات التي توجه للمبدعين ويطالبهم باللجوء للقضاء ضد المتجاوزين واشار الي ان السينما تأتي علي قائمة اهتمامات وزارة الثقافة لاعادتها لدورها الطبيعي في التنوير وقال ان الوزارة لم تختطف مهرجان القاهرة السينمائي لانه في الاساس ملكها ولن يتم التراجع عن دعم المهرجانات التي تنظمها منظمات المجتمع المدني ولكن لن يكون دعما نقديا.. وتصريحات اخري يكشفها وزير الثقافة في حواره مع أخبار اليوم لم نختطف مهرجان القاهرة السينمائي لانه ملك للوزارة من 25 عاما بداية قلت لوزير الثقافة: اعلنت منذ توليك وزارة الثقافة انك تحترم حرية الفن والابداع ولكن جاءت تصريحاتك الاخيرة تثير جدلا في الاوساط الثقافية الفنية بسبب تناقضها مع ما أعلنته من قبل.. بما تفسر هذا التناقض؟ بداية أؤكد للجميع من خلال "أخبار اليوم " أن ما أثير خلال الفترة الماضية من تصريحات تم أخذها من سياقها الطبيعي بمعني أن هناك جمل تم أخذها من حديث لي وتم تأويلها وتركيبها بطريقة معينة.. ولكن أؤكد لللجميع انه بحكم تكويني وشخصيتي ورؤيتي وثقافتي الاجتماعية والسياسية ضد فكرة فرض اي قيود علي الابداع ومع الحرية بل ان لقائي بالسيد رئيس الجمهورية الاسبوع الماضي مع المثقفين والمبدعين والفنانين وكنت من المتحدثين في هذا اللقاء وخاطبت رئيس الجمهورية بكل احترام قائلا " الثقافة والفن يجب أن يعملا بعيدا عن الاجراءات الادارية والقانونية" بمعني يجب ألا يتم ملاحقة المبدعين والفنانين والمثقفين باجراءات تحد من حريته وأن الذي يجب ان يحد من هذه الحرية المجتمع ؛ من خلال تقبله للعمل الجيد وسوف يرفض العمل الردئ فيجب ان نترك محاسبة المبدعين للمجتمع لا للاجراءات الادارية او القانونية ؛ هذه هي طبيعتي وثقافتي فلا يمكن أن أقول انني ضد الابداع ولا الحرية ولا حتي الاعتقاد ؛ فأنا مع حرية الاعتقاد والرأي والفكر دون اجراءات تحول دون ممارسة هذه الحرية ولكن حينما ينشر هنا او هناك كلام مأخوذ من سياقه او يعاد ترتيبه بمعني مختلف لا يعبر عن رأيي ارفضه ؛ فأنا اؤمن بالحرية تماما ليس حرية الابداع فقط بل ايضا أؤمن بحرية الاعتقاد ويقول المولي عز وجل " من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر " وما هو الدور الذي يمكن أن يكون لوزارة الثقافة لحماية الفنانين والمبدعين من الهجمات التي يتعرضون لها والتي تصل لحد البذاءات؟ نحن في دولة تنشد الحرية وهي دولة ديمقراطية قانونية رشيدة، ولابد أن يكون القانون والقضاء هو الفيصل في هذا والذين يتجاوزون ويحدثون ضجيجا اعلاميا ويقولون كلاما مسيئا لرموزنا الثقافية والفنية يجب ان يجرموا وفق القانون واعتقد ان قانون الاجراءات الجنائية يجرم مثل هذه الامور وليس هناك وسيلة اخري لحماية الابداع والمبدعين غير القضاء.. والفنان والمبدع لا يجب أن يهان ومن يحدث معه ذلك فليلجأ للقضاء، وانا علي المستوي الشخصي أرفض التجاوز ضد اي شخص وخاصة في مسألة التكفير والبذاءات التي تخرج للاساءه الي فنان بذاته فضلا عن ان الاسلام نفسه يرفض ذلك واقول للذين يتحدثون باسم الاسلام ويصدر منهم ذلك أن الاسلام يرفض ذلك فهو دين التسامح فاذا كان هذا الدين الحنيف يخاطب الكافرين بالتسامح فمن الاولي ان يخاطب المسلمين بعضهم البعض بالتسامح لا البذاءات فذا كان المتجاوز من رجاء الدين فهذا يضاعف الخطا. السينمائيون يتهمون وزارة الثقافة بمحاربة السينما والدليل أزمة مهرجان القاهرة وإلغاء الدعم عن المهرجانات الاخري؟ عندما توليت وزارة الثقافة وجدت أن الوزارة اسندت تنظيم ثلاثة مهرجانات لمنظمات المجتمع المدني ومنهم مهرجان القاهرة السينمائي الذي كانت تديره وزارة الثقافة لاكثر من 52عاما فرحبت بالفكرة وقلت ما المانع من قيام منظمات المجتمع المدني بادارة المهرجانات في وقت ننشد فيه مشاركة منظمات المجتمع المدني في النشاط الثقافي والسينمائي ولكن ما حدث انني فوجئت بدعوي قضائية وحكم من المحكمة يقول ان اجراءات اسناد مهرجان القاهرة لهذه الجمعية الاهلية غير قانوني ومخالف للقواعد فقمت بدراسة الامر اثر صدور الحكم مع غرفة صناعة السينما والسينمائيين المهتمين بالمهرجان وتوصلنا في النهاية الي انه لا يمكن الالتفاف علي الحكم الصادر ومخالفة القانون، ثم جاء الحكم الثاني مؤيدا للحكم الاول وقلت للجميع ان المهرجان سوف يضيع وسيتم سحب الصفة الدولية منه وطلبت منهم العمل تحت لواء الدولة المصرية "وزارة الثقافة " ونعمل بقواعد جديدة وشفافة ونقوم بعملية ترشيد في ظل الحالة الاقتصادية لمصر فرفضوا ما طلبته منهم وخرجوا من مكتبي ليقولوا اننا اخذنا المهرجان منهم؟ فكيف نأخذ مهرجانا هو في الاساس كانت تديره وتشرف عليه الوزارة طوال ربع قرن؟ نحن ما نقوم به هو انقاذ للمهرجان ولسمعته الدولية ونتمني أن يمر المهرجان بسلام هذا العام ويمكن خلال السنوات القادمة نضع ضوابط جديدة لادارة المهرجان من خلال منظمات المجتمع المدني ونطرح المهرجان علي الجمعيات ومن يتقدم بمشروع متكامل لتنفيذ المهرجان حسب القانون واللوائح ونري فيه توفر الشروط سوف يتم اسناد المهرجان له وزارة الثقافة متهمة بمخالفتها للقواعد التي وضعها المركز القومي للسينما بشأن دعم المهرجانات وتراجعت عن تقديم الدعم لماذا؟ ليس تراجعا ولكن خلال الفترة الاخيرة فوجئنا بعدد كبير من منظمات المجتمع المدني تطلق عددا من المهرجانات الجديدة وتتوجه لوزارة الثقافة للحصول علي الدعم المادي الكامل او الكبير.. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل نحن نعمل بمنطق المجتمع المدني؟ أم بمنطق الحكومة؟ اذا كنا نعمل بمنطق منظمات المجتمع المدني فلابد أن نتوجه للمجتمع المدني والدولي ليدعم مثل هذه المهرجانات فلا يجوز ان نحمل موزانة الدولة وهي تمر بظروف اقتصادية صعبة لا تجد فيها مرتبات العاملين.. صحيح ان المهرجانات مهمة ولكن لابد ان يتحمل المجتمع مسئولية والمنظمات والجمعيات الاهلية التي تريد اقامة مهرجانات عليها ان تتحمل مسئوليتها في توفير الدعم والانفاق علي المهرجانات ويكون دورنا كوزارة تقديم الدعم الادبي والمالي في شكل حجز فنادق او تسهيلات في تذاكر الطيران ولكن دفع اموال نقدية فهذا لا يجوز ؛ كل امكانيات الوزارة من مسارح وقاعات وفرق والاوبرا بكل امكانياتها هي الدعم التي يمكن ان نقدمه ولكن لائحة المركز القومي للسينما تقول دعما نقديا؟ هذه اللوائح وضعت في ظروف كنا نأمل فيها ان تتجاوز مصر ازمتها الاقتصادية وهذا لم يحدث حتي الآن، كما ان الوزارة كانت تحصل علي عائد 01٪ من عائدات الاثار التي انفصلت عن الثقافة مؤخرا وبالتالي صندوق التنمية الثقافة التي كانت توضع فيه هذه الاموال للانفاق علي مثل هذه الانشطة اصبح خاليا ولا يمكن ان اتوجه للدولة في ظل هذه الظروف لاطلب دعما لاربع او خمس مهرجانات مرة واحدة.. اضف الي ذلك هناك مهرجانات تضع ميزانيات مبالغ فيها ومبالغ يستحيل لوزارة الثقافة ان تدفعها انا كوزارة اساهم بالقدر الذي استطيع فاذا لم استطع فلا حرج والي اين وصلت أزمة مهرجان الاقصر للسينما الاوربية ؟ تم حل الازمة وعقدنا لقاءات مع المسئولين عن المهرجان وتوصلنا لحلول كثيرة فقد دفعنا جزءا من الدعم نقديا وجزءا اخر في شكل اقامات في الفنادق ؛ كما تحملنا مطبوعات المهرجان باكملها، وقامت وزارة السياحة بتحمل جزء من الميزانية ولكن البعض يري ان التضييق علي ظهور المهرجانات كان مجاملة للتيار الديني؟ هذا الكلام غير حقيقي بالمرة.. فنحن لسنا ضد دعم المهرجانات ولن نجامل احدا ولكن يجب ان يعلم الجميع ان البلد تمر بمرحلة خطيرة ولا تستطيع الدولة تمويل المهرجانات القديمة فكيف تمول مهرجانات جديدة انا اتمني ان يولد مهرجان جديد كل شهر ولكن يكون ذلك في ظل ظروف اقتصادية جديدة وجيدة البعض يتهم وزير الثقافة بدعم الفنون الاخري ويتخذ موقفا من السينما ؟ لا يوجد اي موقف تجاة السينما وادعمها بكل ما اوتيت من قوة .. فأنا من الجيل الذي يعرف تاريخ السينما المصرية من خلال متابعتي كمشاهد ومثقف واعرف قيمة السينما جيدا كما اعرف جيدا الازمة التي تعاني منها هذه الصناعة لذلك كانت السينما اول الملفات التي بدأت بدراستها وتوجهت لوزارة التعاون الدولي ابان تولي السيدة فايزة ابو النجا وزارة التعاون الدولي وطلبت منه العمل علي دعم السينما من خلال الوزارة وكيف نستطيع ان نحول السينما من انتاج فردي يتعرض للمكسب والخسارة الي صناعة حقيقية وكيف نعيد للسينما الانتاج الحقيقي وهناك وعد من وزارة التعاون الدولي بمساعدتنا في هذا الملف الكبير لتعود الي سابق عهدها في تشكيل الوعي والتنوير وكيف تري ما قاله مرشح الرئاسة السابق حازم ابو اسماعيل بوقف الانتاج الثقافي والفني لمدة عام وتحويل ميزانيته لدعم الاقتصاد المصري؟ مع تقديرا للرجل فهو لا يعرف موزانة وزارة الثقافة بشكل حقيقي والتي يستنفذ ما يتجاوز08٪ من ميزانيتها في الاجور و02٪ فقط للنشاط الثقافي، هو ذكر ان ميزانية الثقافة اربعة مليارات جنيه وهذا المبلغ غير حقيقي بالمرة وأقول لمن يردد هذا الكلام أنه اذا ارادت مصر ان تخرج من الازمة التي تعيشها او تحدث تنمية في كل المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فلابد ان تكون الثقافة هي البنية الاساسية التي تدفع المجتمع للامان لان الثقافة مهمتها احداث الوعي في المجتمع ولا توجد تنمية حقيقية بدون وعي البعض وصف التغييرات الاخيرة في قيادات وزارة الثقافة بحركة التطهير .. بم تسميها؟ التغييرات للقيادات الثقافية ضرورة والمجتمعات التي لا تتغير تعد قياداتها مجتمعات ميتة، وفكرة التغيير فكرة استراتيجية تستهدف دماء جديدة وروحا وتجارب ورؤي وافكار من اجل الحياة وهذه سمة المجتمعات الحية والمتحركة وترك الناس في مناصبهم لفترات طويلة هذا يكون ضد التقدم. خلال الثورة وما تلاها من فترة انتقالية ظهر واضحا ان الشعب المصري تنقصه ثقافة الاختلاف في الرأي هل هناك دور لوزارة الثقافة لتنمية هذا النوع من الثقافة بين افراد المجتمع؟ لو درسنا التاريخ جيدا سنجد أن الشعب المصري دائما تظهر عبقريته في لحظة ما، فاحيانا يبدو ان ما يصفق للنظام ليس تقديرا لهذا النظام وانما سخرية منه وفي لحظة فارقة يظهر بشكل مختلف يهب ويثور واذا نظرنا لتاريخ الثورات نجد ان قبل ثورة 9191 بأيام من ينظر لهذا الشعب لا يمكن ان يتخيل ان يصنع ثورة وايضا في ثوراته خلال الثلاثينات والاربعينيات والخمسينيات ووصولا الي ثورة 52 يناير وما حدث فيها ان الشعب استطاع الحصول علي حريته فجاة بعد ان تعرض عبر سنوات طويلة للضغوط والظلم والقهر .. ولكن الشيء الذي خفي علي الجميع ان الحصول علي الحرية شيئ وممارستها شئ آخر لذلك حدث الصدام بين الحرية الممارسة لها بالمعني السياسي والاجتماعي والديني واذا نظرنا في حدث في دول مماثلة حدثت فيها ثورات سواء في اوربا الشرقية او جنوب شرق اسيا نري انه يسود هذه الثورات حالة من الخلاف والاختلاف والحراك ومع الوقت تعود الامور لطبيعتها، ويجب علينا خلال الفترة القادمة ان نتحاور كجماعة وطنية ومثقفين وفنانين واصحاب المهن المختلفة ونترك الاختلاف ونصل لحوار مشترك من اجل الوطن والدولة المصرية، كما يجب علينا ان نقضي تماما علي فكر التخوين الذي يمارس في التعامل مع الجميع علي انهم شرفاء الي ان يثبت العكس هذه الارضية لابد ان تكون اساسية من اجل العبور لبر الامان وكيف نجعل الثقافة المصرية المرآة التي يجب ن تعكس تطلعات المصريين نحو المستقبل؟ اذا لم تكن الثقافة قادرة علي خدمة الواقع والمستقبل وتشكيل الوعي تكون سراب، نحن نسعي لثقافة بمفرداتها المختلفة فلابد للادب والفن والابداع والحكي ان يخدم المجتمع ولابد ان تصنع حراكا نتقبل من خلاله بعضنا البعض ولابد ان تكون الثقافة في خدمة التنمية والتعليم وخدمة الدولة هي جزء اساسي من التنمية فمثلا مشروع تنمية سيناء لابد ان تكون الثقافة جزء اساسي ومحوري فلا يعقل ان اقيم تنمية حقيقية في سيناء ونسبة الأمية فيها عالية جدا