السعدني وطوغان علي وجه الخصوص لم يفترقا عن هذا الرجل طوال سنوات حياتهم لم يفرقهم سوي السجون والمنافي والموت رحمهم الله جميعا بعد ما جري علي مواقع التناحر والفضائيات والصحف والمجلات بشأن جزيرة تيران وصنافير.. قررت أن أعود الي الماضي الجميل والا أهرش نافوخي بهذا الموضوع وأن اكتب عن اثنين من أهل الجيزة لا تستطيع أي محافظة أخري ان تدعي ملكيتها اليها وهما عمي الجميل زكريا الحجاوي وابويا الذي ليس له مثيل السعدني الكبير.. وقد كان بيت زكريا الحجاوي مفتوحا لأصحاب المواهب من أهل الجيزة وعلي هذا الأساس وجد العم طوغان والسعدني الكبير طريقهما الي منزل الحجاوي في احدي حواري الجيزة حيث كان يسكن فوق أشهر محل سمك في الجيزة في هذا هذا الزمان الحاج «محسن».. وقد نصح الحجاوي السعدني بعد أول لقاء أن يقرأ الف ليلة وليلة ومن خلال حكاوي السعدني اتفتحت اسرار وترددت اسماء وبلاد وحوادث وحكايات وتاريخ اشبه بموسوعة متحركة فقد استطاع الحجاوي ان يرتفع باصحاب هذه المواهب وينمي مواهبهم ثم يتركهم بعد ذلك ليصنعوا مستقبلهم وبعد ان تحقق النجاح لم يستطع هؤلاء التلاميذ ان يبتعدوا عن زكريا الحجاوي بل أصبحوا اكثر التصاقا به.. والسعدني وطوغان علي وجه الخصوص لم يفترقا عن هذا الرجل طوال سنوات حياتهم لم يفرقهم سوي السجون والمنافي والموت رحمهم الله جميعا.. وللحجاوي أثر خطير داخل السعدني فهو الحكاء الأعظم صاحب المفردات التي أخذ منها الرئيس السادات رحمه الله فقد كان أحد تلاميذ زكريا الحجاوي. . وقد كان الحجاوي ساخرا وفيلسوفا وحكاء في ذات الوقت لا مثيل له.. وسنتوقف مع عمي الكبير زكريا الحجاوي لنستمع الاجيال التي لم يسعدها الحظ بمعرفة سخرية الحجاوي فقد اتصل ذات مساء بالسعدني الكبير وطلب منه أن يمر عليه لأمر ضروري. . ولما كان السعدني مشغولا لشوشته في هذا اليوم فقد صارحه الحجاوي بأنها قد تكون المرة الأخيرة التي يلقي فيها نظرة عليه.. هنا ترك السعدني كل مشاغله وذهب من فوره إلي الرجل الذي شعر أنه لعب في حياته دورالأم وصعد إلي بيت زكريا الذي كان في قلب الجيزة وبصوت متهدج.. قال الحجاوي: أنا بأموت يا سعدني يا تلحقني.. يا ما تلحقنيش.. فعرض السعدني أن يتوجه لإحضار طبيب.. ولكن الحجاوي .. قال بلهجة آمرة أنا.. ح أقوم البس وأخرج معاك يا محمود.. وانتظر السعدني في غرفة الضيوف حتي ارتدي العم زكريا ملابسه كاملة.. وهبطا معا ليركبا سيارة السعدني الفولكس الزرقاء.. واشار الحجاوي علي السعدني بالطريق التي عليه أن يسلكها حتي بلغا مكانا مهجورا في حواري الجيزة.. ونظر السعدني إلي الحجاوي وقال أنت جاي تتعالج هنا.. ولم ينطق الحجاوي بكلمة ولكنه أشار للسعدني بأن يتبعه . وبالفعل دخل الحجاوي إلي عيادة طبيب بيطري.. وهنا اكتسي وجه السعدني بالدهشة.. وأخذ الطبيب البيطري زكريا الحجاوي بالمراحب الحارة وتبادلا بعض الاحاديث .. ثم تمدد العم زكريا علي كنبة بجوار مكتب الدكتور وكشف عليه الاخير ثم كتب له دواء علي روشتة الطبيب البيطري وتبادلا حديثا وديا وغادر زكريا ومعه السعدني. . الذي ضرب كفا بكف.. وهو يقول انت اتجننت يا عم زكريا؟!.. فنظر الحجاوي للسعدني والدهشة من نصيبه هذه المرة وقال.. أزاي يا ابني!! فقال السعدني .. حد في الدنيا يروح يكشف عند دكتور بهايم فإذا بالحجاوي يرتدي ثوب المحامي ويدافع عن نفسه قائلا.. هو البيطري ده مش بيعالج الحمير.. وأجاب السعدني.. أه .. ويسأل الحجاوي. . طيب وهو الحمار بيقول للدكتور هو إيه اللي بيوجعه.. فقال السعدني. . لا.. فأجاب الحجاوي خلاص يبقي هو ده الدكتور اللي يعرف المرض الحقيقي يا سعدني. فضحك السعدني من أعماقه.. أو من أمعائه كما كان يحلو له أن يصف قوة ومصدر الضحكة.. المهم أن عم زكريا اشتري الدواء وشفي بأمر ربي بعد ذلك بيومين فقط لا غير واتصل بالسعدني ليبشره بنجاته من المهالك .. وهو يقول له.. احنا بكرة معزومين عند «فلان الفلاني» وكان من نجوم المجتمع المحملي رجل ثري ألمعي وشهير ويعيش بمفرده بعد أن فقد زوجته من زمان بعيد وكان أكبر في العمر من زكريا الحجاوي وبالتأكيد من الولد الشقي. وللحكاية بقية.