للفرح خصوصية لدي الناس .. وله مظاهر شتي .. لكنها تتناغم بأنها تؤدي إلي طريقة واحدة في التعبير عن الفرح والسرور .. كمسلمين لدينا عيدان ..الفطر والأضحي .. يعم بهما السرور علينا .. حيث تتحول طقوس ومظاهر العيد إلي مهرجان دائم من الفرح .. وأبرز أشكاله تعظيم دور التراحم الاجتماعي بين الناس. عندما كنا صغارا .. كنا نشعر بفرحة العيد ولهفة قدومه .. كنت أنتظره في البلكونة منذ الليل .. فبمجرد الإعلان عن ثبوت هلال عيد الفطر .. أو مع تكبيرات عيد الأضحي .. تتقافز المخيلة بالتمني والحصول علي أقصي لحظات السعادة علي أنفسنا. فللأطفال حظ أوفر بالعيد .. حيث يمارسون الألعاب المختلفة والتجوال في المتنزهات والحدائق والمجمعات التي تحوي ألعابهم .. كما يقرب العيد بين الأهل والأصدقاء والأقارب ويجسد روح الأخوة .. ويعيد العلاقات التي شابها نوع من الانقطاع والخصام بين الناس .. فمن منا لا يتمني أن تكون كل أيامنا أعيادا حتي لا نترك مجالا للحقد والضغينة بين البشر. لا تنس عزيزي القارئ وأنت شاب كل المواقف التي مررت بها صغيرا .. ففرحة العيد عارمة لدي الصغار .. فللعيد فرحة يعيشها المسلمون بعد رمضان تكون بمثابة الهدية التي يحصل عليها الصائمون من ثواب وحسنات. كم هو جميل ارتداء الملابس الجديدة .. لكن الأحلي من كل ذلك العيدية .. التي كنت أنتظرها متلهفة من أمي وأبي والأعمام والخالات.. كنت أجمع النقود التي أفوز بها في هذا اليوم السعيد لشراء الحلوي والدومة والبمب .. وروايات أجاثا كريستي وميكي جيب .. المهم ألا أبقي في حوزتي من العيدية شيئا! أما أطفال اليوم فينفقون العيدية في الألعاب الكومبيوترية العنيفة .. البلاي إستيشن والجيم بوي .. أوالتزلج بالسكوتر .. والتجوال في الطرقات.. نتحسر دائما في دواخلنا الفرحة التي سرقت منا ونحن كبارا .. بتنا لا نستلذ بقدوم العيد .. ولا نفرح بلقياه كالسابق .. حتي أن لياليه باتت تنسحب فقط علي اللمة العائلية التي تحدث بالإكراه أحيانا !.. الأحداث التي تدور حولنا .. من صراعات وحروب وكوارث في العالم وفي الدول الشقيقة .. وخاصة التي تجمعنا بها روابط .. تجعلنا نستعيد بؤس حياتنا .. مهمومين بمن حولنا .. ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية التي أصبحت جزءا من تفكيرنا. بأي حال .. عدت يا عيد فأهلا بك .. وقد صرت نشيدا يوميا علي شفاهنا الذابلة.