كتاب "أئمة الخفاء في الأديان" للكاتبة الصحفية ثناء رستم نائب رئيس تحرير آخر ساعة تتناول فيه سيرة من استطاعوا التأثير في الآخرين بأفعالهم وأقوالهم ومازالوا يحكمون العالم من قبورهم! خمس سنوات قالت لي ثناء إنها أمضتهم في جمع معلومات كتاب أقصي طموحه يسعي لتأمل أشخاص استثنائيين ؛ كان لهم الدور المهم والفريد في تحويل مجري التاريخ ، وعواطف ومعتقدات البشر الدينية والأخلاقية .. أما البحث عن مشاعرهم وأحلامهم ونقاط قوتهم وضعفهم وغاياتهم فهو هدف العمل الذي استطاع أن يجمعهم رغم اختلاف المكان والزمان حول صفات واحدة تمثلت في العبقرية ، والموهبة، والإصرار، وقوة نفسية مكنتهم من الاستمرار في مشاريعهم.. في مقدمة الكتاب تنفي المؤلفة كونها القاضي علي تصرفاتهم في الوقت الذي تعترف فيه أنها قامت برصد حركاتهم التي أوصلتهم إلي قمة كلمة أطلقوها فصارت سلطانا يحكم اتباعهم ورعاياهم .. وكأن الكلمة أقوي من الجيوش والأسلحة وذهب الملوك، وسطوة السلاطين.. وكأنهم ينصحوننا: " لا تقاوموا الكلمة إلا بالكلمة"! ثلاثة عشر شخصية اختارت الكاتبة أن يكونوا النموذج لأئمة الخفاء في الإسلام: إبليس، الخوارج، عبد الله بن ميمون القداح، الحسن بن الصباح، هاشم بن حكيم، حسن البنا، صالح سرية، طه السماوي، شكري مصطفي، عبد السلام فرج، شوقي الشيخ، مجدي الصفتي.. ومن المسيحية جاءت ب أريوس، ونسطور، ووليم ميلر، وجوزيف سميث، وتشارلز راسل، وراسبوتين، وديفيد كورش، وديفيد جورج.. واكتفت من الديانة اليهودية بالسامري وشبتاي تسفي وعنان بن داوود. اندهاشي من الكتاب الصادر عن دار "افاق العربية" يأتي لكونه مفسرا للحظة آنية راهنت الكاتبة علي أن تقرأها وفقا لمعطيات الماضي لتكشف الغطاء عن سر أفعال غير منطقية - تحدث في عالمنا العربي ويشعر الكثيرون أنها تنم عن تعصب جماعات لا تعمل وفق أدوات العقل، وهي مستمرة في الإخلاص لرأي (بعينه) تثق فيمن يقوله دون أن تُعمل الفكر فيما تذهب إليه، خاصة أن "الجزاء هنا غالبا ليس له علاقة بالدنيا وإنما سيفوز التابع بالجنة التي سيجد فيها كل ما لم يستطع تحقيقه في الدنيا"(!). تلقي ثناء الضوء في مقدمة كتابها علي "الإمام" ال قادر علي خلق جزاء خاص لا تباعه، وقد تكون جنته علي الأرض، وليس في السماء، أما الأمر الشديد الغرابة فهو أن "الإمام" صاحب الدين أو المذهب أو الجماعة يهدم دين جماعته مستخدما في ذلك الدين أيضا، فمن أجل إحكام سيطرته علي أتباعه لابد أن يبتكر لهم دينا جديدا ويروج له مستخدما نفس أدوات الأنبياء والرسل الحقيقيين، الذين نشروا رسالاتهم بدعوة من الله وتلقوا الوحي عن طريق الملائكة تؤكد الكاتبة علي أن كل مبتكري المذاهب والأديان يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء وتجد تفسيرا لهذه النوعية من الذكاء في العصر الحديث لدي "هوارد جاردنر" عالم الأنثروبولوجي الذي درس عبقرية شكسبير من خلال نظريته "الذكاءات المتعددة" ووجد أن أهم الصفات التي تعبر عن صاحب الذكاء اللفظي أو اللغوي أن يكون يمتلك مخزونا ضخما من الحصيلة اللغوية والكلمات، فشكسبير علي سبيل المثال استخدم في مؤلفاته ما يزيد علي 25 ألف كلمة مختلفة!