سمىر عبدالقادر رغم أن يوم العاشر من رمضان الذي يذكرنا بيوم النصر العظيم قد مضي عليه عدة أيام، إلا إنني أدعو كل مصري بل وكل عربي أن يتجه إلي السماء في هذا الشهر المبارك ويقرأ الفاتحة علي روح القائد والزعيم والبطل محمد أنور السادات ويدعو الله عز وجل أن يرحمه ويدخله فسيح جناته جزاء ما قدمه لأمته وشعبه. في هذا اليوم.. يوم السادات، وهو يستحق ان يطلق عليه اسمه لأنه صاحبه وصانعه، وبفضله أصبح يوما تاريخيا تحتفل به مصر والأمة العربية وتذكره شعوب الدنيا.. في هذا اليوم عبرنا قناة السويس.. وأدهشنا العالم بأسره، وأذهلنا قواده العسكريين الذين اجمعوا علي أن اقتحام خط بارليف معجزة استطاع الجيش المصري أن يحققها بشجاعة واتقان.. ولم يكن هذا العبور مجرد عبور لحصن حربي منيع.. وإنما كان ايضا عبورا إلي العزة والكرامة.. إلي الاستقرار والأمان.. إلي الرخاء والسلام.. إن كل حبة رمل في صحراء سيناء مدينة لهذا القائد العظيم بتحريرها واستردادها وإعادتها إلي الوطن، ولولا العبور لما قامت في تلك الصحراء حضارة جديدة يتحدث عنها العالم.. وتجذب إليها ملايين السائحين. ان مصر قبل العبور، كانت تعاني من أزمات لا حصر لها.. أزمة في الموارد.. وفي الغذاء.. وفي الأمن وفي الاستقرار.. كانت حرب الاستنزاف التي اردنا بها إضعاف قوة العدو العسكرية وتحطيم روحه المعنوية، تستحوذ علي معظم إيراداتنا.. ولم يكن احد يعلم في ذاك الوقت ان تلك الحرب كان هدف السادات منها التمهيد لحرب التحرير الكبري. خلال هذه الفترة السوداء التي سبقت العبور، كان الجيش والشعب في حالة نفسية يرثي لها.. الجيش كان ثائرا لكرامته وكرامة وطنه، ويطالب باستعجال الهجوم علي العدو، وإعلان حرب التحرير مهما كانت التضحيات.. والشعب كان غاضبا من الغلاء الشديد، ومطالبة الحكومة له بربط الاحزمة علي البطون.. وكان هو ايضا قد نفد صبره، يريد الخروج من هذه المحنة بأقصي سرعة، دون التفكير فيما قد يقع من خسائر في الاموال والارواح. ولكن السادات بحكمته واتزانه، لم يستجب لتلك الرغبات، لانه يعلم ان ساعة الصفر لم تحن بعد.. وكان في كل مناسبة يحاول تهدئة افراد الجيش والشعب، ويعدهم باستعادة الارض وتحرير كل شبر فيها في القريب العاجل، ولم يتخيل احد انه كان يخطط لهذا اليوم العظيم.. يوم العبور.. وانه اتخذ فعلا القرار التاريخي، وحدد المكان والزمان في كتمان شديد، وسرية تامة. ان مصر بعد هذا العبور العظيم قد تغير وجهها.. اقيمت المجتمعات العمرانية الجديدة في سيناء، وتم تعميرها في سرعة مذهلة.. تحقق الامن والاستقرار.. تدفقت رؤوس الاموال الاجنبية سعيا وراء الاستثمار الهادئ.. تضاعفت فرص العمل امام الشباب.. ارتفع مستوي معيشة الشعب.. وأخيرا دخلت مصر عصر الفضاء والاقمار الصناعية.. هكذا اصبحت مصر وهكذا بدأت المسيرة بعد العبور نحو التقدم والحضارة.. إنني أدعو شباب ثورة يناير المجيدة ان يتخذوا من هذا النصر العظيم العبرة والقدوة في الكفاح والاصرار والتضحية في سبيل الوطن، وان يؤمنوا انه لا وجود لكلمة مستحيل ما دامت هناك إرادة وعزم ووطنية صادقة.