«هذا الفيلم مبني علي قصة حقيقية، ولكن كتمت عليها الصحافة والإعلام وكذلك الكنيسة والدولة حتي لا تثار مثل تلك الفضائح حول رجال الدين، وكأنهم المنزهون عن الخطأ» أربعة أيام تفصلنا عن حفل إعلان جوائز الأوسكار2016. الحدث الأكبر الذي ينتظره المئات من صناع الأفلام والملايين من عشاقها. أبرز الأفلام المرشحة هي: « Bridge of spies» « Mad Max: Fury Road» «The revenant «« Spotlight». «The Martin» « The big short»Room» «Brooklyn». أنا شخصيا كنت محظوظة بمشاهدة ثلاثة من تلك الأفلام الثمانية ومحظوظة جدا لأن الثلاثة تصادف أنها من أروع وأهم ما رأيت من أفلام السينما العالمية. الأول The revenant وهو الفيلم المبهر الذي ستظل بعض مشاهده وعلي قمتها مشهد الدب وهو يعتدي علي ليونارد دي كابريو محفوظة في ذاكرة السينما العالمية كما قال بطل الفيلم، ومعه حق فهو مشهد صعب ودقيق ومهما قلنا عن مستوي التقنيات التكنولوجية العالية في إخراجه، فإن الإبداع البشري يظل ماثلا أمامنا كمشاهدين عشنا أجواء الفيلم بل توحدنا مع أبطاله وأحداثه المبنية علي قصة حقيقية، مخرج عبقري، مصور عبقري، البطل الأول عبقري، حتي الممثلون الذين أدوا أدوارًا مساعدة كانوا مبهرين في الأداء. الماكيير طبعا مبدع إبداعاً فذاً. الفيلم كله من وجهة نظري يستحق أن يحصد عددا محترما من جوائز الأوسكار لعام 2016. فهكذا تكون الأفلام السينمائية التي تقدم جديدًا، ممتعًا، مبهرًا للملايين من عشاق السينما. ليونارد دي كابريو آن الأوان ليحصل علي جائزة الأوسكار التي تأخرت عليه طويلا. الثاني Spotlight وهو فيلم جريء، يناقش قضية مهمة، بأسلوب غير مسبوق، وهي التقديس الذي يضفيه الناس علي رجال الدين( كهنة الكنيسة الكاثوليكية في الفيلم) وضرورة إعادة النظر في تلك الهالة التي تجعل منهم أنصاف آلهة رغم أنهم بشر بينهم الصالح والفاسد، لهم أخطاؤهم مهما كان ورعهم، ويجب أن نتعامل معهم علي هذا الأساس. الفيلم يدور حول مجموعة من الصحفيين تقوم بتحقيقات معمقة عن قضايا تجذب الناس، وتربطهم بها باعتبارها تتناول موضوعات حصرية، ليست موضوعات عادية أو تحقيقات وحوارات تتداولها الصحف والبرامج بشكل عام. بل هي أشبه بالغوص العميق في جذور قضية من القضايا المسكوت عنها، ومحاولة الوصول إلي الحقائق المخفية، والمستندات الخطيرة التي من الصعب جدا الوصول إليها، هذا القسم الذي يتكون من أربعة محررين إسمه « Spotlight». يكتشف هذا القسم قضية فساد كبري في الكنيسة مستمرة منذ ثلاثين عاما وهي اعتداء بعض الكهنة علي الأطفال الذين يذهبون للصلاة والاعتراف. وهذا الفيلم مبني علي قصة حقيقية حدثت بالفعل، ولكن كتمت عليها الصحافة والإعلام وكذلك الكنيسة والدولة حتي لا تثار مثل تلك الفضائح حول رجال الدين، وكأنهم المنزهون عن الخطأ. تلك كانت الأفلام الرائعة التي حظيت بمشاهدتها وأرشحها لكم جميعا بكل ثقة، ولكن سمعت بكل أسف أن فيلم «Spotlight» لن يعرض في مصر لأنه يتناول السلطة الدينية ! وإذا كان هذا هو رأي المسئولين عن الرقابة عندنا فقل علي الفكر والثقافة السلام ! الثالث هو Bridge of spies ويدور حول محامٍ من نيويورك متخصص في القضايا المتعلقة بالتأمينات يُدعي جيمس دونوفان (يجسد شخصيته توم هانكس) يُختار من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) للدفاع عن شخص يُشتبه في أنه جاسوس للاتحاد السوفيتي، يُدعي رودلف آيبل (يجسد دوره الممثل مارك رايلانس). وآيبل هو رسام تلاحقه السلطات الأمريكية حتي اعتقاله داخل شقته، ويُزج به في السجن. ورغم أنه لا يوجد من يري أن آيبل بريء، فإن دونوفان يري أن فيه جانبا إنسانيا، بينما تحتاج السلطات الأمريكية لأن تُظهرشكليا أن هذا المتهم ينال محاكمة عادلة. يبذل دونوفان جهدا كبيرا لكي يحظي موكله بتلك المحاكمة العادلة فعليا. أغرب فيلم في العالم الإثنين : قرأت للناقد الفني الأستاذ طارق الشناوي نقدا عن فيلم شاهده في مهرجان السينما في برلين الذي سافر لمتابعته اوائل هذا الشهر، الفيلم فلبيني مدته ثماني ساعات ودقيقتان بالضبط ! وعرفت من طارق انه ليس الأطول في تاريخ السينما العالمية، بل إنه الثامن من حيث الترتيب في موسوعة جينيس السينمائية ! يقول طارق الشناوي في مقاله إن الفيلم يستحق جائزة الدب الذهبي في المهرجان، ولا تستطيع أن تشاهده إلا في ثماني ساعات ودقيقتين، تتوسطهما استراحة قصيرة. والله شئ عجيب، لكنه مثير للفضول خاصة عند عشاق السينما من أمثالي، وغالبا لن تجازف دور العرض المصرية بتلك المغامرة المحفوفة باحتمالات الفشل التجاري وانصراف الناس من امام شباك التذاكر.إيه يبقي لازم ننتظر لما ينزل DVD عشان نشوفه ! ليبراليون.. ولكن الثلاثاء: أعجبني تحليل الدكتور قدري حفني في لقاء مع يوسف الحسيني في برنامج « السادة المحترمون». فقد انتقد حالة الإقصاء التي نمارسها نحن الليبراليين دون أن نحس لغيرنا ممن يتبنون رأيا مخالفا لآرائنا، أو يتخذون منهجا غير منهجنا. و ضرب مثلا بما نفعله جميعا الآن مع كل من ينتمي إلي جماعة الإخوان، لكنه لم يمارس عنفا، فقط كان والآن لم يعد بعد الأحداث المتلاحقة، والتي كشفت عن مخطط ارهابي دولي تقوده تلك الجماعة. يقول الدكتور قدري إننا نتكلم في أحاديثنا الخاصة عن كوننا ديمقراطيين، نؤمن بالرأي والرأي الآخر، لكننا في أول احتكاك مع الواقع نناقض أنفسنا ونصنف الناس بمنطق إقصائي. و أوضح الكتور قدري حفني رؤيته قائلا: أنا اعجبني جدا في فض اعتصام رابعة فكرة «الممر الآمن» أي أن الذي يريد أن يخرج دون أن يضره أحد يمكنه ذلك، وفعلا خرجت أسر كثيرة من الممر الآمن. وهذا ما أتمني أن نمارسه مع من يعيش بيننا الآن وكان في يوم من الأيام إخوانيا ثم عدل عن موقفه وآثر أن يحيا في سلام، أو كان متعاطفا مع الإخوان ثم توقف عن ذلك بعد ما حدث منهم. أليس من الأفضل أن تحتوي الدولة هؤلاء بدلا من إقصائهم ؟ خاصة أنهم مواطنون مصريون يعيشون في هذا البلد، فلماذا الانشقاق والإقصاء؟ طبعا لا يستطيع أحد أن يصنف دكتور قدري حفني باعتباره إخوانيا أو متعاطفا مع الإخوان، لكنه يريد أن يقول رأيا حكيما، منطقيا، من أجل الأصلح للبلد والشعب. الحقيقة، جعلني كلام الدكتور قدري أراجع نفسي، وطريقة تعاملي مع هؤلاء الذين ينتمون بشكل مباشر أو غير مباشر إلي الإخوان، فوجدتني اعترف أنني أفعلها ! نعم أنا لا أفضل التعامل معهم حتي لو كانوا ناسا عاديين لم يرتكبوا أي فعل اجرامي، بل كانوا فقط متعاطفين أو منتمين بالفكر الديني أكثر من السياسي إليهم. كلام معقول خاصة أنه حدد شروطا ثلاثة لاحتواء من ينتمي لهذه الفئة : ألا يكون قد شارك في أي عملية إرهابية، ألا يكون متصلا بالتنظيم الدولي بأي شكل، ألا يكون عضوا في التنظيم السري. والله كلام معقول جدا لكن من يبدأ وكيف؟ تلك هي المشكلة ! طرائف وفضائح الأربعاء: غريب جدا ما يحدث الآن في مصر، وما تتناقله وسائل الإعلام الغربية عنا، وكأننا نبرع في أن نقدم لهم مادة إعلامية مليئة بالسخرية السوداء عن أنفسنا ! طفل عمره أربع سنوات مطلوب ضبطه وإحضاره، ملاحق أمنيا بتهمة قطع طريق القاهرةالفيوم وإضرام النار في المنشآت العامة علي الطريق. ما هذا العبث ؟ ولماذا لا نصحح الأخطاء بسرعة إذا قلنا أن هناك بالفعل خطأ وهو المؤكد في تلك الحالة بالذات، لماذا لا نتفادي السقوط في بئرمن العجز عند مواجهة أصغر المشاكل ؟ فقد قيل إن هناك تشابها في الأسماء، لماذا لم يصحح فورا بدلا من البطء الشديد في معالجة الأمور البسيطة حتي تصبح كبيرة وتشوه صورتنا في الخارج ؟ حوادث كهذه تذهلني، وتجعلني أتساءل : ألا يوجد مسئول يتصرف بحكمة وسرعة في هذا البلد ! مفترية أم مفتري عليها؟ الشرطة المصرية الآن في أزمة، لابد أن يعترف قياداتها بذلك، فلا يجب أن ندفن رؤوسنا في الرمال، ثلاثة حوادث متتابعة في أقل من شهر، طرف رئيسي فيها هم أمناء الشرطة، الأولي عندما اعتدي أمناء شرطة علي أطباء مستشفي المطرية، ثم مقتل مواطن علي يد أمين شرطة بسلاح ميري، ثم القبض علي سبعة أمناء شرطة في مدينة الإنتاج الإعلامي وهم في طريقهم إلي برنامج وائل الإبراشي «العاشرة مساء». كل البرامج تقريبا فتحت ملف «أمناء الشرطة» البعض يوجه لهم سهاما حادة ويصف ممارساتهم بالبلطجة واستغلال السلطة، بل إساءتها، وقمع المواطن بدلا من حمايته. والبعض الآخر من ضباط وأمناء ينفون عن أنفسهم ذلك الإتهام ويقولون إنهم يعيشون ظروفا صعبة، لا يحتملها بشر، ويكابدون ظروفا وضغوطا رهيبة تتمثل في العمل المتواصل لست عشرة ساعة يوميا، وإلغاء الأجازات في معظم الأوقات بسبب الظروف التي يمر بها البلد. والأمناء الشرفاء غاضبون من تلك الوصمة التي لصقت بهم. ويقولون إن الكثير منا يفكر في ترك الخدمة والبحث عن عمل آخر يعيد له كرامته واعتباره. واضح أن مسألة إعادة هيكلة وزارة الداخلية لم تحدث حتي الآن، وقد كان ذلك مطلبا ملحا للشعب كله أثناء وبعد 25 يناير 2011. تضحيات رجال الشرطة مقدرة ومعروفة وشهداء الشرطة سوف يظلون علي عرش قلوبنا ولكن هل نسمح لقلة منحرفة من رجال الشرطة أن تدنس الثوب الأبيض للتضحيات العظيمة لشهداء الشرطة؟. الموقف يحتاج مواجهة شاملة من السيد مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، شئ جميل أن يقابل أسرة سائق التاكسي المقتول علي أيدي أمين الشرطة، لكن هذا مع احترامي لا يكفي.المطلوب تطهير ذاتي صارم وله معايير سيادة الوزير. مطلوب اقتلاع الجذور الضارة وليس تهذيب الأوراق الذابلة، فلم تعد الحلول المسكنة تجدي، الموضوع أكبر من ذلك وإذا لم نتمكن من ترتيب البيت الأمني من الداخل، لن يستطيع المواطن المصري أن يشعر أبدا بالأمان. أليس كذلك سيادة الوزير؟ مصطفي أمين الخميس: كم أفتقدك وكم يفتقدك قراؤك.. كنا ننتظر سطورك كل صباح كما ينتظر الظمآن رشفة المياه الباردة تخفف عنه جفاف الحياة وقسوتها. واعتدنا أن نبدأ قراءة «الأخبار» من الصفحة الأخيرة قبل أن نقلبها لنتعرف علي أهم الأخبار والأحداث. كنت الشحنة المليئة بالحب والصدق والأمل للملايين من قرائك، مهما اشتدت المحن وتعثرت الخطي، وكنت نبض الوطن وصوت الشعب، نقرأ لك فنري أنفسنا، أشياء نحسها وآراء تتشكل داخلنا، وآلام نريد أن نصرخ من فرط قسوتها. كنت دائما المعبر عن الناس، لسان حالهم، آه والله يا «مصطفي بيه» كنت كذلك، ولم يستطع كاتب أن يملأ مكانك حتي الآن ولا أظنه سوف يأتي، ليس تشاؤما، أو تقليلا من قيمة العشرات من كتابنا القديرين، فلكل منهم قرائه ومحبيه. لكنك لست كاتبا فحسب أستاذي العزيز، أنت ملهم، محرك، محفز علي فعل العمل والوطنية، مشجع علي شحذ الهمم، وتفجير الموهبة، وتحمل الصعاب مهما كانت في سبيل الوصول إلي الهدف. أنت - أستاذي العزيز- التجسيد الحقيقي لمعني القدوة، المثل الأعلي، الrole model . أنت أول من جعلت للحب عيدا في مصر وأشركت القراء معك في اختيار موعده وجاءت معظم الآراء مؤيدة لأن يكون يوم 4 نوفمبر. وهكذا ولد عيد الحب المصري الذي كان له تأثير وقبول رائع عند الغالبية العظمي من القراء. خاصة عندما اقترنت الدعوي بإحياء مشاعر الحب علي اختلاف صوره وأشكاله وعلي رأس كل تلك الصور والأشكال حب الوطن، الإتقان في العمل، مساعدة غير القادرين من خلال باب جديد انضم إلي أبوابك الإنسانية التي حظيت بها علي الريادة في الصحافة الإنسانية في مصر. أسست باب «لست وحدك» وكلفتني برئاسته كأكبر تكريم لي وكنت لا أزال محررة صغيرة تتلمس طريقها في بلاط صاحبة الجلالة. كان هدف الباب هو البحث عن أصحاب المآسي الإنسانية الذين يحتاجون لمن يقف إلي جانبهم، ويشعرهم أن هناك من يشعر بهم ويساهم في حل مشاكلهم ويفتح أمامهم باب الأمل. كنت كاتبا قديرا وإنسانا استثنائيا بكل المقاييس. كنت تؤمن بالحب، وتري أن قصة إنشاء «أخبار اليوم» هي نفسها قصة حب. أحببت الصحافة أنت وشقيقك التوءم «علي أمين» فصنعتما المستحيل حتي تحققا حلمكما، وولدت «أخبار اليوم» عملاقة منذ يومها الأول وحققت طفرة في شكل الخبر والصورة والكاريكاتير.كما أدخلت القصة الإنسانية التي تربط الناس بجريدتهم وتخلق جسرا من المحبة بينها وبينهم. لقد تعلمنا المعني الحقيقي للحب منك أستاذي العزيز. والآن أشعر أكثر من أي وقت مضي بافتقادك، فالناس في حاجة إلي رسول جديد يعلمهم الحب، بعدما تحولت القلوب إلي الحجارة أو أشد قسوة وانحسرت مساحات التعاطف والتسامح بين البشر، الناس الآن تحتفل بعيد الحب الأمريكاني «الفلانتين داي» ويشترون الدباديب والقلوب الحمراء البلاستيكية. إنهم يحتفلون بالحب ولا يعيشونه ! لا يهزهم عطر ورده قرنفل أو بلدي. وردة بحق وحقيقي، بل يركضون إلي محال الهدايا التي تكسب آلاف الجنيهات في هذا اليوم لشراء دمي صماء بلا روح ! أين أنت يا «مصطفي بيه» لتبث القلوب معني الحب الحقيقي وروحه ؟!