التشغيل الرسمي قريبا.. تفاصيل تطوير خط سكك حديد "الفردان - بئر العبد"    أحمد موسى: زيارة الرئيس السيسي لمركز قيادة الدولة الإستراتيجي «رسالة مهمة»    النفط يسجل مكاسب أسبوعية وسط مخاوف الإمدادات بالشرق الأوسط    رصف الطرق الحيوية بمدينة البلينا جنوب سوهاج    «الفرصة الأخيرة اليوم».. طريقة حساب فاتورة الغاز لشهر «أبريل 2024»    انطلاق مسيرة ضخمة تضامنا مع غزة من أمام مبنى البرلمان البريطاني    إدخال 4000 شاحنة مساعدات لغزة من معبر رفح منذ أول أبريل    الزمالك يفوز على طلائع الجيش ويتأهل لنهائي كأس مصر للطائرة رجال    لمكافحة الفساد.. ختام فعاليات ورش عمل سفراء ضد الفساد بجنوب سيناء    مسعود يتابع الاختبار الشفوي لطلبة التمريض بالشرقية    أسستها السويسرية إيفلين بوريه، قصة مدرسة الفخار بقرية تونس في الفيوم (فيديو)    وسط حشد جماهيري كبير.. أحمد سعد يشعل أجواء حفله بولاية هيوستن الأمريكية|صور    مدبولى يشارك فى المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض نيابة عن الرئيس السيسى    حزب "المصريين" يُكرم هيئة الإسعاف في البحر الأحمر لجهودهم الاستثنائية    تعرف على أفضل 10 مطربين عرب بالقرن ال 21 .. أبرزهم الهضبة ونانسي والفلسطيني محمد عساف (صور وتفاصيل)    توقعات عبير فؤاد لمباراة الزمالك ودريمز.. مفاجأة ل«زيزو» وتحذير ل«فتوح»    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    استهداف إسرائيلي لمحيط مستشفى ميس الجبل بجنوب لبنان    طارق يحيى مازحا: سيد عبد الحفيظ كان بيخبي الكور    المصريون يسيطرون على جوائز بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية للرجال والسيدات 2024 PSA    سؤال برلماني عن أسباب عدم إنهاء الحكومة خطة تخفيف الأحمال    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    بالفيديو .. بسبب حلقة العرافة.. انهيار ميار البيبلاوي بسبب داعية إسلامي شهير اتهمها بالزنا "تفاصيل"    ناهد السباعي: عالجنا السحر في «محارب» كما جاء في القرآن (فيديو)    بعد جريمة طفل شبرا الخيمة.. خبير بأمن معلومات يحذر من ال"دارك ويب"    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    الرضيعة الضحية .. تفاصيل جديدة في جريمة مدينة نصر    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قطاع الأمن الاقتصادي يواصل حملات ضبط المخالفات والظواهر السلبية المؤثرة على مرافق مترو الأنفاق والسكة الحديد    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    أبو الغيط من بغداد: جريمة الإبادة في غزة ألقت عبئا ثقيلا لا يمكن تحمله    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
في وداع بطرس غالي : بروفايل من نيويورك التسعينيات...

انما كيف تمكنا هو ورفيقة عمره ليا ان يعبقا هذا البيت بدفء خصوصية لا تعرفها تلك البيوت الجاهزة الملحقة ببعض المناصب الرسمية تفتقد الطابع الشخصي الحميم..
أصعب ما واجهته عندما شرعت الكتابة عن لمحات من سنوات الخصب الحافلة لهذا المصري المتفرد علي ذروة التألق بنيويورك كانت الحيرة بين الكثير الذي يضوي بين أرشيف الذاكرة يصعب معه أن تختار.. لدي ما يستدعي التنويه من ملاحظة عمومية انما بالغة الأهمية عن اختيار المساعدين.. الاختيار يتوقف عليه نتيجة عمل أي مسؤول في موقعه ان سلبا أو ايجابا.. لذا د. بطرس كالعهد به حكيم ومحنك ققد أصاب بعين ثاقبة في اختياره ايامها لدبلوماسية شابة فذة اسمها فايزة أبو النجا جاء بها إلي نيويورك لتدير مكتبه أمينا عاما للأمم المتحدة فكانت نعم الساعد الأيمن له.. ليس هذا من تداعي خواطر فقط انما لأبين كيف استفدت من ذلك توفيقا بين اقامتي بواشنطن ومتابعتي عن كثب له في نيويورك.. المسافة علي متسع ذراع يعني بالطائرة 45 دقيقة فقط لا أقطعها الا عند اللزوم قوي.. بالهاتف في آخر النهار أصل إلي بغيتي من ساعده الأيمن لأحصل علي ما أريد الاستفسار عنه فما افتقدت ثقتها يوما ولا من جهتها خذلتني.
بداية (فانتاستك )...
جاء واشنطن ذلك اليوم من عام 1991 المصري المرشح للمنصب الدولي الأعلي ويومها ما كان مؤازرا من دول كبري معه سوي فرنسا وربما الصين.. بواقعية فرصة الفوز بدت وقتها ضئيلة في منافسة تسعة من المنافسين مع ذلك بقي الاصرار مع تحسس لأمل... مع مجيئه يومها كان معه رسالة مكتوبة ومغلقة من الرئيس مبارك إلي الرئيس بوش الأب كان الواضح ضمنيا أن هدفه اتاحة فرصة لقاء لمبعوثه مع بوش فقد يتحمس لتزكيته لو قابله بنحو مباشر.. لكن البيت الابيض رتب المقابلة مع جنرال سكوكروفت مستشار الأمن القومي بمكتبه ليدخل بوش خلال اللقاء وكأنها مصادفة فيجلس معهما ويتلقي الخطاب وهو ما حدث وجلس لعشرين دقيقة وانصرف... وصف لنا د. بطرس يومها اللقاء ببساطة آسرة قال كان ودودا إلي حد أن خيل لي كأنه يعتذر عن موقفه مني ويعزيني !
أما فرحة الفوز فكانت جارفة انما انظروا كيف تصرف هو حيال البرود المبدئي حياله من واشنطن رسميا واعلاميا فلم يسارع بزيارة واشنطن كما المتوقع بل أرجأ فلم يزورها الا بعد مضي عدة أشهر في منصبه بعدما أثبت وجوده فتألق خلالها وعلا نجمه بسرعة غير متوقعة لحد أن شهدت له الصحافة الامريكية التي ظلت متحفظة معه تكاد تتجاهله في البداية ولكن الحرارة دبت بقوة في تعليقاتهم جعلت تقديمه من واشنطن بوست عند مجيئه بأنه « الرجل الذي ولد لهذا المنصب «.. بدأ زيارته بافطار مع جيمس بيكر، غداء مع بوش، لقاء مشترك بالكونجرس مع لجنتي الشؤون الخارجية ثم محاضرا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.. اليوم التالي صندوق النقد الدولي والبنك أعقبهما بلقاء الصحافة الأمريكية والعالمية علي غداء أقيم بنادي الصحافة القومي مما يدعي اليه رؤساء الدول وزعماء العالم ولم يكن بالقاعة يومها موضعا لقدم والفكر المصري ممثلا في د. بطرس يحاسب نفسه أمامهم عن فترة لم تتعد 135 يوما قضاها حتي ذلك الوقت في المنصب الدولي.. قدم ما يشبه كشف الحساب عن بداية خصبة جعلتني أتذكر جملة الرئيس الامريكي بوش وهو يودعه بعد غداء اليوم السابق بالبيت موجها قوله لنا ونحن بانتظاره قال مشيا اليه يا لها من بداية فانتاستك (خيالية)!!
إدارجي دولي درجة أولي..!
اذا تساءلت ما عساه قد أنجزه خلال تلك الفترة البسيطة ؟ اقول لك استطاع أن يقدم علي ما لم يقدم عليه غيره : قصقص أجنحة البيروقراطية التي طالت ونمت وفردت بل فرشت فأعاقت انطلاق الامانة العامة للأمم المتحدة.. ! تحرك بسرعة منذ الأسابيع الثمانية الأولي فقام بتقليم الفروع وتشذيب الأغصان المتشابكة وأفسح المجال أمام الرؤية وبدأ بالوظائف العليا التي استشرت كالأخطبوط علي مر السنين.. وجد نحو 28 أمينا مساعدا كل يرفع تقريرا إلي الأمين العام ! أعاد تنظيم الأمور بتقسيم العمل لثمانية أقسام لكل منها مساعدا أي اختصر العدد من 28 إلي 8 فقط، مضيفا اليهم اثنين بدرجة أمين عام أحدهما للمقر الاوروبي بجنيف والآخر في عاصمة النمسا.. كان الاصلاح الاداري باعادة ترتيب المنظمة الدولية أولي الخطوات في رأسه خصوصا لما كان يراه مناسبا للدور الجديد لعصر المنظمة الدولية فيما بعد الحرب الباردة... أيامها كتبت عنه نيويورك تايمز وواشنطن بوست تحقيقات حول الايقاع السريع في العمل والرؤية الخلاقة التي لفتت الانظار اليه بكل التقدير.. لكن لم يخلو الامر بالطبع من مشاعر مختلطة لدي العالم الثالث كما كا يطلق أيامها علي الدول النامية ممن كانوا يعولون علي بما هو أبعد بكثير عن الواقعية من حيث حدود ما يفرضه عليه المنصب من شروط الالتزام.
مائة مليون لغم يا جبارين !!
عندما عرف د. بطرس بالأرقام أن مالا يقل عن مائة مليون شتلة متفجرة مزروعة بين أنحاء 63 دولة منكوبة بتلك المزارع الفتاكة منها العلمين أخصب اراضي مصر قاطبة وسلة الخبز علي عهد الامبراطورية الرومانية.. لو بذات الهمة زرعتم مائة مليون شجرة أو نبتة خضراء يا جبارين !! انشغل تفكيره بتلك القضية المنسية خصوصا وما لا يقل عن نصف مليون نبتة شيطانية منها تزرع بين الصراعات كل عام.. رأي أن دوافع المسؤولية الانسانية تحتم عليه أن يتصدي ويتبني هذه القضية مسلطا عليها الأضواء لعل وعسي يتحرك الضمير الدولي فيصحو لها.. ما أزعجه أكثر ان تتقدم تكنولوجيا صناعة الألغام بينما تكنولوجيا تحسسها واستشعارها فازالتها لا يطرأ عليها تقدم يذكر !! الألغام الحديثة معظمها يصنع من مادة البلاستك بينما المعدن قليل وهذا ما يصعب اكثر وسائل كشفها بالأجهزة فالجيل الجديد من الالغام يحتوي فتائل الكترونية تجعل العثور عليها ونزعها مسألة أشد حتي مما سبق.. لذا نزع أو ابطال اللغم الواحد يكلف عشرة أضعاف زرعه أو دفنه في الارض !! لهذا تبني هذا الملف وجغل الامم المتحدة تمول العديد من برامج نزع الالغام واقتلاعها كجزء من عمليات السلام لكنها عمليات بالغة التكاليف... من اجل هذا سعي د. بطرس لمعالجة هذه القضية عند اعادة النظر في اتفاقية الأسلحة التقليدية عام 1995 محاولا بجهد اقناع الدول أن تدرج موضوع الألغام من الوجهة القانونية والاخلاقية مع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.. لتوصم وتحرم في أذهان وضمائر الرأي العام العالمي تمهيدا لاتخاذ موقف حازم ازائها.. كان يهدف القيام بحملة توعية دولية تحث الدول الكبري علي ابرام اتفاقية حظر انتاج أو صناعة الألغام أو تخزينها أو الاتجار فيها والامتناع عن استخدامها بتاتا !! كانت هذه قضية تبناها د. بطرس إلي جانب سائر المشاكل والصراعات المنازعات.. قضية نبيلة لو قدر له مدة ثانية لحققها ولاستحق عليها جائزة نوبل !
في بيت الأمين العام
2 شارع ساتون بليس. مدخل بيت بلا حديقة ولا سور والباب بسيط صغير وعادي لا يوحي بخيال ولا بأدني بذخ، مثله في ذلك مثل معظم البيوت الراقية في الغرب، المظهر الخارجي للبيوت لا يوحي بمخبرها في الداخل انما الحديقة ففي الخلفية وتشبه بدع رسم زخرفي لكنها شركة مع جيران 12 شقة في البنايتين المجاورتين.. تري الحديقة ومن ورائها من بعيد نهر هدسون يراه الجالس علي مائدة الطعام قبالته ولولا الكوبري المشابه لذاك في سان فرانسسكو لتخيلت وكأني أشهد من بعيد نهر النيل.. هذا البيت ذو الطوابق الثلاثة بناه أحد كبار الماليين في نيويورك في عشرينيات القرن الماضي في أعقاب الحرب العالمية الاولي، ثم وهبه الأحفاد لمنظمة الامم المتحدة فلا يبعد عن مبناها الا ثلاث دقائق بالسيارة.. أهم سمات البيت من الداخل حوائط البهو المكسوة بالخشب الثمين والسلم الخشبي العريض يحملك من أسفل الدار حيث المطبخ ومكاتب الحرس إلي الطابق الاول حيث الصالون الرئيسي والصالونات الأخري الملحقة ثم حجرة الطعام المطلة علي الحديقة وهذه علي فكرة مرتفعة عن مستوي الشارع بحيث لا يري المارة في الشارع الخلفي الحديقة ولا من فيها.. الطابق الثاني مخصص لساكني الدار اما الطابق الثالث فيشمل ثلاث حجرات مخصصة للضيوف بملحقاتها.. انما كيف تمكنا هو ورفيقة عمره ليا ان يعبقا هذا البيت بدفء الخصوصية تفتقدها تلك المنازل الجاهزة التي تلحق ببعض المناصب الرسمية لا تعرف بالطابع الشخصي الحميم.. لكن لديهم كل ركن من تلك الدار حمل بصماتهما.. أحسب أنها تلك المجموعات من أشيائهما الخاصة جمعاها سويا من كل المدن والعصور فكلاهما يعشق الأنتيك ومقتنياتهما تعود لعصور وعهود من الجريكو رومان والقبطي والاسلامي فاطمي ومملوكي وعثماني وأندلسي ومن أعماق أفريقيا غير آسيويات متناثرة علي المناضد والجدران والرفوف وفي الدواليب الزجاجية وحيث يترامي البصر... ثم مجموعات الطيور المتناثرة تلك بمختلف الأنواع والأحجام والأشكال من فضة ونحاس وبرونز كلها تعاود إلي « الأيام الحلوة « بتعبير د. بطرس عندما كان أستاذا بالجامعة ويكتب في السياسة الدولية والاقتصاد وكان « البال رايق والوقت به متسع للسفر والفرجة والشراء والهوايات «.. لكن أغرب مجموعاته في دوايات الحبر وريش الكتابة والمقلمات (جمع مقلمة ) وتلك كلها من عهد الامبراطورية العثمانلية وقد صفت بطريقة شبه هندسية علي منضدة تثير الانتباه وعلي طريقة حزر فزر دي تطلع ايه ودي ودي ؟؟ بعد كل هذا يبقي من تقاليد متاحف نيويورك ان تعير هذا البيت بعضا من لوحاتهم الفنية النادرة لتعلق علي جدرانه كمعرض شبه دائم امام الضيوف لوحات بعشرات الملايين فلا غرابة اذن أن تكون الحراسة الامريكية مشددة علي مدار 24 ساعة ان لم يكن حرصا علي سكان الدار ليكن صونا لما في الدار.. لاحظنت أن د. بطرس لم يأت بمقتنياته الفرعونية فقال لي القوانين المصرية تمنع خروجها.. ولا أتي بالسفرجي حسن الذي يخدمهما منذ سنوات طويلة تركاه يرعي بيتهما في الجيزة.. أما خدمة هذه الدار فقد أوكلاها لثلاث : طباخة من هندوراس مع شقيقة لها تتولي نظافة البيت. الطباخة متزوجة من (البتلر والفاليه ) وهو من البرتغال ومهمته استقبال الضيوف من الباب وتقديم المرطبات وتقديم الطعام في الوجبات وخدمة صاحب الدار.. عندما زارتهما مارجريت أولبرايت وكانت ترأس الوفد الامريكي لدي الأمم المتحدة لم تملك الا ان شهقت اعجابا بالبيت وما يحتويه وقالت في نوبة..... نقول ايه ؟؟ قالتها في نوبة صراحة كان ممكن أن اكون انا ساكنة هذه الدار « !!
كيف كان يدير أوقاته
كان لزاما ان يكون بيته واحة وسط مشاق العمل ثم ان ليا رفيقة العمر هي خير من يوفر له مثل هذا الاحساس فلا غرابة ان بفضل دوما خطف ساعتين من نهاره ليأتي في الساعة الواحدة والنصف ظهرا يتناول غداءه معها في البيت مع أن لديه في الأمم المتحدة اكثر من مطعما فاخر لكن نظامه ليومي لم يتغير عام.. يستيقظ في السابعة صباحا ويبدأ اتصالاته الدولية ليلحق باليوم الذي يسبق توقيته بخمس وست وسبع ساعات ما بين نيويورك وقارتي أوروبا وأفريقيا، لذا تجد ساعة معصمه مقسمي لقسمين وقت لنصف الكرة الشمالي والآخر للجنوبي.. العاشرة يكون بمكتبه في المبني الزجاجي حتي الواحدة والنصف يعود للغداء بالبيت بعدها يتمدد بملابسه كاملة لمدة ساعة قبلما يعاود لمكتبه في الثالثة والنصف فيظل حتي الثامنة والنصف مساء بعدها يعود للبيت ليتناول عشاءا خفيفا ثم يواصل في حجرته قراءة الملفات والبرقيات والتقارير حتي منتصف اللييل... هكذا قضي السنوات الخمس في نيويورك لم ير تقريبا خلالها شيئا من مجتمعاتها أو مسرحياتها الموسيقية ولا جوانبها الثقافية الفنية، ليس غير دعوات منزلية يقيمانها في المنزل من حين لآخر.. سألته عن الحكاية التي تروجها عنه باربرا وولترز عندما أقتعته ذات مساء بمشاهدة مسرحية موسيقية فما أن انقضي الفصل الاول الا وراح في نوم عميق...
هبوب العاصفة أمريكيا اسرائيليا!
سبق العاصفة بنحو عام احتفالية اليوبيل الذهيي لانشاء منظمة الأم المتحدة في 26 يونيو 1995 الذي شهد ذروة تألقه فقد كان أشبه بالعريس يوم تلك الزفة الدولية التي حضرها 140 رئيس دولة بزوجاتهم ويومها أمطره الرئيس كلنتون يومها بسيل من الاطراء والثناء عليه في كلمته بنحو ما أحسب احدا قد ناله من رئيس دولة مثل أمريكا من قبل.. ولا من بعد ! العجيب أنني عندما حاولت الرجوع لنص هذا الخطاب من خلال محرك البحث جوجل لم أجد غير مقتطفات منه تخلو تماما من اي اطراء او مديح وانهمر يومها من كلنتنون علي بطرس غالي ومواهبه وخصاله وقدراته الخ... اما في أبريل 1996 فقد انقلب كل شيء رأسا علي عقب بهبوب تلك العاصفة العاتية الحمقاء ازاء ما حدث منه ولم يكن أكثر من اداء مسؤوليته دون اعتبار لغضب اسرائيل وواشنطون.. موقفه القاطع في الاصرار علي اجراء تحقيق في المجزرة الاسرائيلية في قانا بجنوب لبنان دون الاخذ بما تعللت به اسرائيل اثار زوبعة فلما جاء التحقيق يكذب اسرائيل أصر علي تقديمه لمجلس الامن فقامت القيامة في اسرائيل وواشنطون وقادت السيدة اولبرايت وزيرة الخارجية بكل مخزونها من ( نفسنة ) حملتها منذ عهدها بالأمم المتحدة، ووراءها الكتيبة اياها المجندة دوما من اسرائيل لصحفيين وكتاب، واستقرت الجوقة علي ان يكون الانتقام المواتي ليس غير أن يعملوا علي منع فوزه بمدة ثانية ولو بأي طريقة.. لم يجدوا غير الترويج بكبر سنه والتعلل بذلك.. فاذابشبكة سي ان ان وهي في اوجها ايامها تدعوه في عطلة نهاية الأسبوع باستوديوهاتها بجورجيا بحضور تد تيرنر مؤسسها، ليتلقي بطرس غالي نحو بضع عشرة سؤالا من مراسلي الشبكة حول العالم شرقا وغربا.. كان تقديري الشخصي وكنت أتابع البرنامج من واشنطن أن المسألة كلها لو كانت معاينة لشخص بطرس غالي ولياقته وامكانياته الذهنية والمعنوية، اذن فقد جاءته الفرصة لتشهد الملايين لأول مرة علي الطبيعة أي امين عام هووعلي اي مستوي.. كيف يجيب ويرد ويعرض بمنطق وذاكرة حادة مالكا لتفاصيل التفاصيل في كافة المشاكل والأزمات والقضايا الدولية متنقلا بسلاسة ويسر بين الاحداث من بوسنة لجنوب افريقيا للشرق الأوسط لرواندا الخ للبرتغال الخ... باختصار لم تجدأمريكا بجلال قدرها من سلاح يسعفها ضد بطرس غالي غير الفيتو ! اي مسخرة من دولة كبري لوسيلة تلجأ اليها ضد شخص بذاته، وأي مجد له وفخار يسجل في تاريخه لو علموا لتراجعوا ولتحملوا وجوده لمدة أخري...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.