صلاح عيسي بعد 60 عاماً من ثورة يوليو وقيام ثورة يناير مازالت هناك اسئلة حائرة تبحث عن إجابة. ماذا تحقق من يوليو وما اخطائها وانجازاتها؟ وما الفرق بين الثورتين وهل ثورة يناير هي امتداد لثورة يوليو. ام استكمال لمبادئها في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. «أخبار اليوم» طرحت الاسئلة علي عدد من المفكرين ورؤساء الاحزاب السياسية وكان هذا التحقيق يري مصطفي الجندي عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الثورة مستمرة أن ثورة 32 يوليو و 52 يناير مرتبطتان ببعض ارتباطا شديدا . فثورة يوليو قام بها الجيش وايدها الشعب اما ثورة يناير قام بها الشعب وحماها الجيش.. ويضيف من المفارقات العجيبة التي شهدها ميدان التحرير هو رفع الثوار لصورة الراحل الزعيم عبدالناصر وهي بمثابة احياء لمبادئ العدالة الاجتماعية التي قامت من اجلها ثورة يوليو.. ويضيف لقد ذاق الشعب المصري مكتسبات من ثورة يوليو اهمها انجازات اقتصادية واجتماعية حيث قضت علي الاقطاع و أممت التجارة والصناعة وألغت الفوارق بين الشعب المصري حيث تم اعادة توزيع الثروات علي الشعب كما قضت علي السيطرة الرأسمالية في مجالات الانتاج الزراعي والصناعي.. ويضيف ان الشعب المصري عاني من الظلم والاستعباد وفقدان العدالة الاجتماعية وكانت الفجوة شاسعة للغاية بين طبقات المجتمع مما اثر بشكل سلبي علي العلاقات بينها وكانت الغالبية العظمي من المصريين يشعرون بالمهانة بسبب سيطرة حفنة قليلة من كبار الاقطاعيين علي الاراضي الزراعية في مصر ومعانة الفلاحون من سطوتهم فكان الاقطاعيون يملكون الارض ومن عليها. واقتصر التعليم علي الاغنياء في ظل نظام فاسد يتولاه الملك فاروق وحاشيته الفاسدة التي كانت تنفق ببذخ شديد علي حفلاته وهنا وفي ظل جشع الملك وحاشيته وفساد الحكم والاحزاب وفضيحة الاسلحة الفاسدة وحريق القاهرة وقمع المظاهرات الطلابية التي تطالب بالاستقلال انطلق الضباط الاحرار تملؤهم القوة والشجاعة وحب الوطن ليأخذوا بيد الشعب من عصر الظلم إلي ثورة وطنية.. وفي نفس السياق يقول الجندي ان الثورة تعني اعادة توزيع الثروات علي الشعب وتحقيق العدل والمساواة ومحاسبة من أخطأ.. وعن ثورة يناير يقول: إن انجازاتها لم يتحقق الكثير منها بعد علي العكس عاني الشعب من فقدان الأمن والوقود وضرب مثلا انه اثناء حملته الانتخابية لانتخابات مجلس الشعب سأله فلاح بسيط ما حزبك؟ أجاب: «عن حزب الثورة مستمرة» قال له الفلاح: «سأنتخبك.. تعرف يابني لو أن عبدالناصر والضباط الاحرار عادوا إلي ثكناتهم كانت لن تتحقق أهداف ثورة يوليو لذلك سأنتخب حزب الثورة مستمرة حتي تكتمل أهداف الثورة».. ويؤكد الجندي ان خير الثورة لن يصل للناس حتي يصل الثوار إلي سدة الحكم.. واشار ان انجازات ثورة يوليو عظيمة واخطاءها عظيمة ايضا واهمها هو عدم تحقيق الديمقراطية فلقد تم اقصاء جميع الاحزاب السياسية واتبع سياسية ا لحزب الاوحد حيث استأثر مجلس قيادة الثورة بالحكم الا ان ما يبرر ذلك هو حالة الحروب التي كانت تخوضها البلاد وهي حرب الجلاء 65 وحرب 76 و حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر 37 ووقت الحروب لابد ان تلتف الدولة حول حزب واحد وكيان علي العكس من عصر مبارك الذي استأثر حزبه هو الحزب الوطني بالحكم وتم اقصاء كل الاحزاب الاخري.. وشدد الجندي علي ضرورة توحد كل القوي والاحزاب السياسية الوليدة الناشئة مثل حزب الدستور وحملة حمدين والاشتراكيين واليساريين تحت حزب واحد وكيان ثوري وعلق لا اقصد الاحزاب الكرتونية لكني اقصد الاحزاب الناشئة واذا الم يفعلوا ذلك اتهمهم بصفة شخصية بأنهم خانوا الشعب و سلموه لكيان واحد وهو حزب الحرية والعدالة واعادوا انتاج نظام مبارك من جديد.. ويضيف الجندي ان صراع الاحزاب السياسية يعمل علي تداول السلطة وتحقيق مبادئ واهداف الثورة. ويري د.ايهاب الخولي القيادي بحزب الاصلاح والتنمية ان و جه الارتباط بين الثورتين هو الدافع الوطني الا ان القضية في الماضي كانت تدور حول الاستقلال الوطني والدستور وكان الهدف هو تحرير الوطن من المستعمر وكان هدفا واضحا التف حوله كل المصريين.. ولم يكن هناك تداول حقيقي للسلطة وقد قضت ثورة يوليو علي الاقطاع والاستعمار واطاحت بالملك وكانت هناك مشاهد نادرة لخروج الضباط في الشارع بعد إعلان الثورة وترحيب الشعب بهم، وجلاء القوات الاجنبية من البلاد، والعدوان الثلاثي، وهزيمة يونيو 7691، وقرار التنحي، والعودة بإرادة الشعب، وبناء الجيش وكلها انجازات تحسب لثورة يوليو وللزعيم الراحل عبدالناصر كما أكد انه لولا مجانية التعليم ما كان الطبقة الوسطي وهي الغالبية الكاسحة من الشعب المصري قد وصلوا إلي مناصب حالية كالطب والهندسة والصحافة التدريس فقد كانت مقصورة علي اولاد البشوات والملوك والطبقة الغنية من المجتمع وتلك تعد من النتائج الاجتماعية للثورة اما علي المستوي العربي فقد اعلت من دور مصر كرائدة للتحرر في العالم الثالث في عهد عبدالناصر، وتوضح دوره في استقلال الجزائر، وتحرر اليمن من التخلف وانطلاق افريقيا نحو الاستقلال.. وثورة يوليو تتشابه إلي حد كبير مع ثورة يناير في تلك النتائج واولها اعادة مصر إلي دورها القيادي في العالم العربي وعودة المحبة والالفة بينها وبين افريقيا ودول حوض النيل خاصة فقد تم اعادة فتح ملف النيل من جديد وهو من اهم انجازات الثورة علي المستوي العربي اما علي المستوي المحلي فأهم انجازات الثورة محليا هو خلع مبارك ونظامه.. واعادة الوحدة بين مسلمي مصر واقباطها وهو ما افتقدته الامة في الفترة الماضية وقد تجلي ذلك في مشاهد يحمي فيها الاقباط المسلمين اثناء الصلاة والعكس.. اقامة انتخابات حرة ونزيهة.. ولكن علينا الانتظار بعض الوقت حتي تتحقق الاهداف الرئيسية للثورة وهي العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.. ويؤكد الخولي علي ان لكل ثورة عيوبها وتتشابه ثورة يوليو مع ثورة يناير في ذلك.. ففي الاولي كان غياب الديموقراطية هو الهدف الذي لم يتحقق وهو ذات الخط الذي نهج عليه ثوار يوليو فالزعيم عبدالناصر ورفاقه قاموا بإدارة شئون البلاد منفردين وكما قاموا بإقصاء كل الاحزاب وهو تقريبا نفس الطريق والخطأ الذي تسلكه ثورة يناير فهناك سعي حثيث لاستحواذ فصيل سياسي واحد علي المناصب القيادية بالدولة ويظهر ذلك في سعي الاخوان المسلمين للسيطرة علي مجلسي الشعب والشوري والدستور القادم ولكن لابد ان يعوا ان الدستور ليس ملكا لفصيل معين لكنه حلم كل المصريين الحقيقي منذ عام 2591 وحتي الان.. فنحن نحتاج لدستور يساوي بين المواطنين ويتعامل مع ابنائه علي قاعدة وطنية تساوي بين جموع الشعب ومشروع يوليو كان حلم تحقيق الدولة الوطنية هو الهدف في المقام الاول اما الان فهناك بعض التيارات التي تحاول ان تهدم ذلك وتحاول جعلها دولة اسلامية ويعتبر ذلك الفرق الواضح بين الثورتين ويشير ان ثورة يوليو استطاعت تحقيق بعض المكاسب الاجتماعية ولكنها فشلت في وضع نظام سياسي ديموقراطي سليم. ويتفق باسل عادل القيادي بحزب المصريين الاحرار وعضو مجلس الشعب السابق ان ارتباط دور الجيش في الثورتين لا يمكن انكاره ففي يوليو كان الجيش هو شرارة اطلاق الثورة والتف حوله الشعب اما في ثورة 52 يناير كان دور ويضيف ان ثورة يوليو لها انجازات وعليها اخطاء فقد حققت انجازا هو الاتفاق الوطني بين جموع الشعب ومشاريع اقتصادية كبيرة كالسد العالي واقامة التحرر والقطاع علي الاحتلال والاقطاع واقامة حياة ديموقراطية سليمة وارساء مبادئ الحرية والعدالة والمساواة كان من اهم اهداف الثورة و لكن اهم اخطائها هو عدم اقامة حياة ديموقراطية سليمة وعدم القضاء علي الفساد والاحتكار وعلي صعيد انجازات ثورة يناير اكد باسل ان ازاحة النظام السابق يعد من اهم الانجازات فلم يكن اشد المتفائلين يستطيع ان يتنبأ بذلك وكان الفرق بين الثورتين هو محاكمة رئيس الجمهورية واولاده وهو امر لم نشهده من قبل فإعلاء قيم المحاسبة والمسألة من القيم البارزة التي اكتسبناها واعتقد ان اعلاء العدالة الاجتماعية والكرامة هو اهم مكتسبات ثورة يوليو فاسم الزعيم عبدالناصر مرتبط في ذهون المصريين جميعا بالكرامة.. وقال الكاتب الصحفي والمؤرخ صلاح عيسي، بالرغم من ان هناك 06 عاما فاصلة بين ثورة 52 يناير وثورة 32 يوليو إلا ان هناك صلة وثيقة وامتدادا لبعضها البعض فثورة يوليو هي امتداد لثورة 91 محاولة استكمال ما عجزت عنه وايضاً تصحيح ما جاء بها من اخطاء وثورة 91 ايضا جاءت امتدادا لثورة عرابي. وأكد عيسي ان الثورة الوطنية الديمقراطية قد بدأت في مصر منذ عام 8981 اثناء مواجهة الشعب للحملة الفرنسية.. واوضح عيسي ان ثورة يناير تعد استكمالا لما عجزت عنه ثورة 25 وتصحيح ما جاءت به من اخطاء واهمها عجزها عن تحقيق الديمقراطية كذلك شكل الحكم الذي تم بدمج كل السلطات في السلطة التنفيذية ثم دمجها في شكل الرئيس.. فمنذ ثورة يوليو اختفت الاحزاب والغي البرلمان واصبحت السلطة في يد رئيس الجمهورية فقط ويعد هذا هدما لما قامت به الثورة والتي كانت من اهم اهدافها اقامة دولة ديمقراطية سليمة.. وهي المرحلة التي نمر بها الان ومن هنا جاءت ثورة 52 يناير حيث من اهم اهدافها في انها سوف تقضي علي صيغة الحكم التسلطي الذي ساد في ظل ثورة 32 يوليو. ولكن سعيد كامل رئيس حزب الجبهة الديمراطية له رأي آخر وهو أن ثورة يوليو لم تكن كثورة يناير وليس هناك امتداد بين الثورتين فالجيش في ثورة يوليو هو من قام بالثورة والشعب التف حولهم فتحولت إلي ثورة. ولكن في ثورة يناير الشعب هو من قام بها و الجيش أيدها، فهي انتفاضة شعبية ضد نظام حكم فاسد. وأضاف كامل إلي أن ثورة يناير بدأت من القاعدة حيث كان الشعب هو المحرك الاساسي لها ولكن ثورة 32 يوليو كان المحرك الاساسي لهاهم مجموعة من الضباط الاحرار ولم تكن مقدماتها مثل ما رأيناه في ثورة يناير من اعتصامات واحتجاجات وتظاهرات ولكنها اخذت خمس سنوات لكي يتم تنفيذها وكان لها قيادة ظاهرة عكس ثورة يناير التي لم تكن لها قيادة ظاهرة فقد اعطي الجيش هذه القيادة وكان الجيش همه الاساسي هو تسليم السلطة لمن قام بالثورة وهم الشعب فالجيش ليس صاحب الثورة وكان هذا من ابرز اخطاء ثورة 52 يناير، فنحن لم نفهم ثورة يناير حتي الان بالشكل الصحيح. فالشعب كان يري ان تحقيق مطالبه واهدافه مسئولية من في يده السلطة و لكن نري ان هذا مفهوم خطأ.. فكان علي القوي الشعبية التي قامت بالثورة ان تقوم ببناء قيادة تعبر عن مطالبها. وفي الناحية الاخري نجد ان الجيش قد تفهم هذه المعادلة وقام بحماية البلد في هذه الفترة حتي قام بتسليم السلطة حيث انه لم يرغب في الاستمرار في السلطة. وقال عبدالغفار شكر رئيس حزب التحالف الاشتراكي ان ثورة يوليو ليس لها اي علاقة بثورة يناير فكل ثورة لها ظروف سياسية واجتماعية خاصة بها رغم ان نضال الشعب المصري متواصل ولكن كل ثورة لها مشاكل واسباب أدت إلي قيامها. فثورة يوليو قامت من اجل بناء حياة ديمقراطية سليمة واقامة عدالة اجتماعية و ايضا من اجل الاستقلال الوطني ولكنه ثورة يناير كانت لها اهداف اخري وهي اسقاط نظام الحكم الفاسد. واشار عبدالغفار ان كل ثورة هي حدث تاريخي مستقل بذاته عن الاحداث التاريخية الاخري ثورة 32 يوليو مستقلة تاريخيا عن ثورة 91 وثورة 52 يناير مستقلة عن ثورة يوليو. والمقارنات الشكلية التي نراها الان بين الثورتين ليس لها اي معني. ويري عبدالقادر شهيب رئيس مجلس ادارة دار الهلال السابق: ان الثورة يناير هي استكمال وليست امتدادا لثورة يوليو ولعدة اسباب أولها: ان ثورة يناير فجرها الشعب وحمتها القوات المسلحة اما ثورة يوليو فهي انقلاب عسكري قام به مجموعة من الضباط الاحرار والتف حولهم الشعب فتحولت إلي ثورة. ثانيا: ان ثورة يوليو كان لها اهدافها الخاصة وهي تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية في حين ان من ابرز اهدافها التي لم تستطع رغما عنها تحقيقها هي اقامة دولة ديمقراطية سليمة ومن هنا جاءت ثورة 52 يناير فقد قامت من اجل تحقيق مالم تستطع ثورة يوليو تحقيقه وهي الديمقراطية فقد استطاع شعب مصر العظيم القضاء علي النظام الفاسد واقامة الحياة الديمقراطية والحرية. ورغم انه ثورة 52 يناير قد رفعت شعار والعدالة الاجتماعية إلي أن دفها الاساسي هو تحقيق ما عجزت عنه ثورة يوليو ولهذا تعد ثورة يناير استكمالا لثورة يوليو. يقول الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع ان ثورة يوليو لها انجازات عظيمة ونجاحات كبيرة ولكن الخطأ الاساسي بها هو عدم اقامة حياة ديمقراطية حقيقية وإقصاء الرأي والحريات ومن يخالف عبدالناصر فهو ضد ثورة يوليو وضده ولابد من القضاء عليه ويعتبر من الخصوم السياسيين فهو قيادة منفردة. وأما بالنسبة لثورة 52 يناير فهي قد تمت عن طريق شباب الانترنت والذين دعوا إلي الثورة لم ير أحدهم الآخر ولم يعرف بعضهم الاخر فهي افتقدت إلي القيادة وانها كانت غائبة وغير موجودة وبالتالي استحوذ عليها بعض التيارات ذات المرجعية الدينية والتي هي الآن تريد أن تأخذ كل شئ معها وأن الثورة لم تحقق غير قدر قليل من مطالبها وان تيارات الأسلام السياسي الآن في مصر تذهب بها إلي طريق ونفق مظلم لا يعلم مداه غير الله..