أحمدى نجاد بعد فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية ، وهو الحدث الذي كان يتابعه العالم كله ، ينظر الكثيرون باهتمام إلي عدد من القضايا والملفات وعلاقات مصر بجيرانها في المنطقة، لا سيما أن الرئيس الخامس للجمهورية كان عضوا بارزا في جماعة الأخوان المسلمين، أقدم حركات المعارضة السياسية في مصر والدول العربية. أبرز هذه القضايا والتي تعتبر ذات حساسية شديدة هي الملف الإيراني. كان نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك دائما ما كان يتجنب إقامة علاقات مع الجمهورية الإيرانية الإسلامية التي يرأسها الآن أحمدي نجاد، بل كان يتخوف منها ويعتبرها عنصرا مزعزعا لاستقرار الشرق الأوسط . وكانت طهران قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع القاهرة في 1980 بعد الثورة الإسلامية احتجاجا علي توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل في 1979. وتأزمت الأمور أكثر بين البلدين بعد اغتيال الرئيس السادات عام 1981. ولكن وصول الدكتور مرسي، أول رئيس ذات خلفية إسلامية لكرسي الرئاسة في مصر أسعد إيران وجعلها تتطلع لتعاون أكثر مع مصر. فقد قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية ان الإعلام الإيراني أعرب عن تفاؤله الشديد عقب وصول د. محمد مرسي إلي كرسي الرئاسة في مصر، موضحة أن جميع وسائل الإعلام في طهران أكدت أن وصول الجماعة للسلطة سوف يؤدي إلي تحسن كبير في العلاقات بين البلدين، وأن اهتمام الإيرانيين بالتطورات التي شهدتها مصر يعكس تطلع الدولة الفارسية لعلاقات قوية مع القاهرة. ولكن يري كثير من المراقبين والمحللين أن قيام القاهرة بإقامة علاقات مع طهران علي أساس تحقيق توازن استراتيجي جديد في المنطقة من شأنه أن يثير قلق العديد من الدول ، فالولاياتالمتحدة ستري أن القاهرة تخلت عنها وارتمت في أحضان إيران وروسيا والصين والقوي المعارضة للمارد الأمريكي وبالتالي ستنقلب موازين القوي في المنطقة . كما أن ذلك سيثير مخاوف إسرائيل، المرعوبة أساسا من وصول مرسي لسدة الحكم في مصر، بالإضافة إلي دول الخليج العربية التي ستخشي من التمدد الشيعي في المنطقة والذي كانت مصر تقف له بالمرصاد إبان عهد الرئيس السابق مبارك. ويري الباحث السياسي ديفيد ميناشري المتخصص في الشأن الإيراني بصحيفة "جيروزاليم بوست"أن النظام الإيراني بعد الإطاحة بنظام مبارك حاول ان يروج بأن الثورة الإسلامية التي شهدتها طهران عام 1979 قد ألهمت ثورة 25 يناير التي أطاحت بمبارك ونظامه. وأضاف أن الأولوية لدي النظام الإسلامي في إيران تتمثل في الظهور كقوي إقليمية كبيرة تضاهي القوي الأخري كمصر وتركيا.وأكد ميناشري أنه سيكون هناك تحديات كبيرة أمام إقامة علاقات بين القاهرةوطهران أهمها رفض الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية إقامة علاقات طبيعية بين الجانبين، بالإضافة إلي إسرائيل التي سوف تسعي بشكل مباشر وبشكل غير مباشر للتأثير علي جماعة الإخوان المسلمين.وقد تحاول هذه القوي مغازلة جماعة السلفيين علي حساب الاخوان المسلمين ، خاصة بعد الاتهامات التي أطلقها حزب النور السلفي للدولة الفارسية بالسعي إلي نشر المذهب الشيعي بمصر. ويقول نذير حسين، الأستاذ المساعد بقسم العلاقات الدولية بجامعة كويد عزام الباكستانية ان تقليص العلاقات مع إسرائيل ودعم العلاقات مع إيران من شأنه أن يخلق حالة من الاحباط لدي الامريكان والاسرائيليين . وعلي الرغم من أن مرسي لا يتمتع في الوقت الحالي بالخبرة السياسية الخارجية ، إلا أنه من المتوقع أن يخلق نوعا من التوازنات مع هذه القوي حتي لا يتم التدخل في الشئون المصرية مثلما كان يحدث إبان حكم مبارك . وإذا كان البعض يرون ضرورة في تعزيز العلاقات مع ايران ، المقطوعة منذ أكثر من 30 عاما ، إلا أن تلك العلاقات يجب أن تتسق مع مكانة مصر التي سوف تسعي بالتأكيد خلال عهدها الجديد إلي خلق تحالفات جديدة مع أنظمة تؤمن بالعمل المشترك والمصالح المشتركة وبما يليق بمصر وتاريخها الطويل.ولكن سيظل ملف العلاقات المصرية الإيرانية أشبه بالسير علي حافة السكين ولن يتم إرضاء كل القوي الدولية.