سجل الموت للمعديات النيلية حافل بمئات الجثث التي تقدم من حين لآخر «وجبة شهية» لاسماك النيل، هذه الحوادث اعتاد المصريون عليها واصبحنا من حين لآخر نستيقظ علي خبر غرق احدي المعديات النيليلة وتتصدر صور الضحايا ما نشيتات الصحف، هذه الكوارث يروح ضحيتها ابرياء، ، يدفعون ارواحهم ثمنا لفساد ضمائر المسئولين واصحاب المعديات .. وهذا الامر جد خطير ويحتاج لتدخل عاجل من الدولة لوقف نزيف الدماء في مياه النيل .. ناقشنا الخبراء في كيفية « حقن « دماء المصريين واصلاح هذه المنظومة « الخربة « .. في البداية يقول الدكتور أحمد الشامي الخبير في شئون النقل البحري والنهري، إن الآلية التي تشرف علي النقل النهري في مصر غير واضحة .. ويبقي السؤال .. هل هي مسئولية النقل أم المسطحات أم المحليات ؟.. واضاف ان الوضع القائم ان هناك شيوعا في المسئولية ولابد ان تحدد من المسئول حتي يمكن مواجهة الأزمة، لان اهم اسباب هذه الحوادث هوتعدد الجهات المسئولة عن هذه المعديات، لافتاً إلي أن دور الهيئة العامة للنقل النهري، يقتصر فقط علي إصدار التراخيص وليس لديها سلطة لعمل دور رقابي، لأن ذلك مهمة شرطة النقل والمواصلات، ولابد من توافر معدات السلامة علي كل مركب. مشيرا إلي أن أسباب الحوادث ترجع لقلة ضمير اصحاب المعديات والمراكب، واضاف أنه لا توجد متابعة ولا رقابة من الهيئة العامة للنقل النهري ولا من شرطة المسطحات علي المعديات، إضافة إلي قلة وعي المواطنين انفسهم، مشيرا إلي ضرورة أن تتضمن المعدية أبسط وسائل الحماية المدنية، وهي مطفأة حريق وعوامل إنقاذ، وعواكس الأضواء. وتابع الشامي، أن منظومة النيل ليست فقط للنقل النهري أوالفنادق العائمة والمطاعم ولكنها تساهم في حركة التجارة الداخلية في الدولة نفسها وفي أي دولة محترمة، ففي هولندا النقل الداخلي للبضائع 35 % منه في الانهار و25 % ركابا، لأنها وسيلة ارخص . وأضاف أن دور شرطة المسطحات هومنع المخالفات كما يفعل المرور بالظبط، ولا بد من وجود وحدة تحكم مزودة بأجهزة لاسلكية ومبان وأجهزة الوحدات النهرية مع وجود ممرات للملاحة النهرية بأضواء حتي تعمل ليل نهار ومراقبة دورية، مشيرا إلي أن الدولة تعمل في التطوير منذ التسعينيات ولكن بلا جدوي، حيث مازالت الجهات المسئولة عن نهر النيل تعمل في جزر منفصلة ولا بد من وجود منظومة متكاملة. وأضاف ان الحل يتضمن عدة محاور اهمها منع المعديات ذات العمر الافتراضي اكبر من 10 سنوات من العمل بمجري النيل، واخضاع جميع المعديات لبرامج صيانة دقيقة في برنامج الاحلال ووضع شروط ومواصفات جديدة للمعديات فيما يخص السيارات إضافة إلي منع انتقال الركاب من خلالها وعمل خطوط اتوبيس نقل نهري، وطالب بضرورة وجود رقابة صارمة علي تشغيل الوحدات النهرية، وأن يتم منح التراخيص لمزاولة التشغيل، طبقاً للواقع، مع المتابعة المستمرة من شرطة المسطحات المائية علي المراسي، ولا بد من مرور مستمر لشرطة المسطحات، للتأكد من ترخيص الوحدات، ووجود فني بحري، وميكانيكيين، وريس، ومساعدين مطابقين للبيانات الصادرة للترخيص، مع وضع عناصر من شرطة المسطحات بالمراسي لمراقبة الحمولات للمراكب وأوزانها.
حمولة زائدة وشدد علي ضرورة أن تكون هذه المعديات مبنية وفقا للمواصفات ولها تراخيص وهذا غير موجود اصلا ومن المفترض أن يتم ترخيصها كل عام مثل السيارات بالضبط حتي يتم فحصها والتأكد من سلامتها للنقل، ولا بد أن يكون قائدها مدربا، وحائزا علي رخصة للقيادة طبقا لنوع المركبة التي يقودها، وأن تحدث متابعة لصيانة المعديات وتدريب السائقين، مشيرا إلي أن الموضوع يحتاج إلي التعامل معه كمنظومة كاملة. وأضاف أن من بين الأسباب : عشوائية المراسي النهرية نتيجة لعدم تحديد أماكن للمراسي وعدم وجود رقابة من قبل الهيئة لمتابعة أعمال التشغيل اليومي، إضافة إلي عدم توافر الحد الأدني من معلومات ملاحية للعاملين بالقطاع عن حجم الحمولة الخاصة بالمراكب والمعديات، غياب تام لوسائل الإنقاذ النهري، وعشوائية الملاحة عبر النهر وعدم تنظيم للحركة من قبل الهيئة، كما يجب تطهير المجري النهري من القاهرة للإسكندرية للاستفادة القسوي من حركة الملاحة، كما يجب وضع علامات بحرية وشامندورات تعمل علي مدي اليوم لضمان استمرارية الملاحة،وبالتالي فإن استخدام النقل النهري سيخفف العبء علي الطرق وأيضا تكلفة النقل التي قد تصل لملايين الجنيهات.
تشريع جديد ومن جانبه اضاف الدكتور قدري ابوحسين خبير الادارة المحلية ان القانون المنظم للنقل النهري مضي عليه اكثر من 50عاما، فالأمر يحتاج الي اصدار قانون جديد يتناسب مع الوضع الحالي .. والمسئولية مشتركة بين الجميع والمحليات جزء منها. واضاف انه علي الرغم من تكرار حوادث غرق المعديات والمركبات النيلية بسبب المخالفات الجسيمة من قائدي هذه الوحدات النهرية من حيث عدم صلاحيتها للملاحة أوانتهاء تراخيصها أوعدم وجود أطواق نجاة كافية وعدم سلامة الإجراءات الملاحية، مازالت مصر تعمل بالقوانين التي عفا عليها الزمن حتي الآن، والتي تفرض غرامات هزيلة علي هذه المخالفات، لا تتخطي بضع الجنيهات، الأمر الذي جعل أصحاب هذه الوحدات النهرية يقترفون ما شاءوا من الأخطاء ويعرضون حياة المئات للخطر لعدم وجود رادع لهم.