«حركة الكون كله بأحداثها ووقائعها مقدرة مدبرة فكل ما في الوجود خاضع للقدرة الإلهية» انا كل شيء خلقناه بقدر» ان قدر الله وراء كل حادث وكل نشأة وكل مصير وكل خطوة وكل تبديل او تغيير نجد فيها قدرة الله الشامل الدقيق العميق.. ويعلمنا الله في القرآن الكريم ان كل شيء بقدر ليسلموا الامر لصاحب الامر وتطمئن قلوب البشر وتستريح لكي يسيروا مع قدر الله.. وتكلمة لقدرة الله في خلقه نجد ان افواه الاسود والنمور والذئاب والضباع وكل الحيوانات الكاسرة لا غذاء لها إلا ما تفترسه من كائنات لابد من مهاجمتها والتغلب عليها لهذا فلها انياب قاطعة واسنان حادة واضراس صلبة ولما كانت في هجومها تستعمل عضلاتها فلأرجلها عضلات قوية سلحت بأظافر ومخالب حادة وحوت معدتها الاحماض والانزيمات الهاضمة للحوم والعظام اما الحيوانات المستأنسة التي تعيش علي المراعي فهي تختلف فزودت اجهزتها بما يتناسب مع البيئة فأفواهها واسعة نسبيا وليس بها من الانياب والاضراس الصلبة وبدلا منها توجد الاسنان فهي تأكل الحشائش والنباتات بسرعة وتبتلعها دفعة واحدة وقد اوجدت العناية الخالقة لهذا الصنف اعجب اجهزة الهضم فالطعام الذي تأكله ينزل إلي الكرش وهو مخزن له فاذا انتهي عمل الحيوان اليومي وجلس للراحة يذهب الطعام الذي أكله المخزن في الكرش ليرجع إلي الفم فيمضغه ثانيا مضغا جيدا ويذهب الطعام إلي اماكن وكلها اعدت لحماية الحيوان ويقول العلم ان عملية الاجترار ضرورية اذ ان العشب من النباتات عسرة الهضم وتحتاج لهضمه إلي وقت طويل فلو لم يكن مجترا وبمعدته مخزن فاض لضاع وقت طويل قبل ان يحصل الحيوان علي كفايته من الغذاء.. ونجد الطيور الجارحة كالبوم والحدأة ذات منقار مقوس حاد علي شكل خطاف لتمزيق اللحوم بينما الاوز والبط بها مناقير عريضة منبسطة كالمغرفة توائم البحث عن الغذاء في الطين والماء اما الدجاج والحمام وباقي الطيور فتلتقط الحب من الارض فمناقيرها قصيرة مدببة لتؤدي هذا الغرض بينما منقار البجعة طويل طولا ملحوظا ويمتد اسفله كيس يشبه الجراب ليكون كشبكة الصياد اذا ان السمك هو غذاء البجعة الرئيسي ونجد ان الجهاز الهضمي للطير غريب وعجيب فلم يعط اسنانا فقد خلقت له حوصلة وقانصة تهضم الطعام. ويطول الكلام عن هذه المعجزات ومنها الاميبا وهي كائن حي دقيق الحجم يعيش في البرك والمستنقعات ولا تري بالعين اطلاقا ويتغير شكلها بتغير الظروف واذا وجدت غذاء لها امسكت به بزائدة مزودة بها وتفرز عليها عصارة هاضمة فتتغذي بالمفيد منه وهي تتنفس من كل جسمها بأخذ الاكسجين من الماء وهذا الكائن يعيش ويتحرك ويتغذي ويتنفس ويخرج فضلاته فاذا تم نموه انقسم إلي قسمين ليكون كل قسم حيوانا آخر. ان الامر اعظم من هذا كله كما يقول الدكتور عبدالله شحاتة في كتابه تفسير القرآن الكريم فإن حركة الكون كله بأحداثها ووقائعها وتياراتها مقدرة مدبرة صغيرها وكبيرها وكل حركة في التاريخ ككل انفعال في نفس فرد ككل نفس يخرج من صدر انسان، ان هذا النفس مقدر في وقته ومكانه ومقدر في ظروفه كلها مرتبط بنظام الوجود وحركة الكون وهذه النملة السارية وهذه الذبابة الطائرة وهذه الخلية السابحة في الماء وهذه الاجرام والنجوم الهائلة. كل شيء في الحياة مقدر في الزمان وفي المكان وفي المقدار وفي الصورة تتناسق مطلق بتقدير العزيز القدير فكل ما في الوجود خاضع للقدرة الإلهية الحكيمة.