عجبت أن يقترح أحد المهندسين الاستشاريين المحكمين في السعودية بوضع مجموعة بن لادن السعودية تحت التصفية ورقابة الدولة باعتبارها المقاول المسئول عن واقعة سقوط رافعة الحرم المكي مع تعيين مدير مالي يدير المجموعة إلي أن تكتمل جميع ما لديها من مشاريع ثم تعلن التصفية.. مطلبه غريب لا يتسم بالحيدة ولا المنطق.. فكيف نهدم صرحا عملاقا هو جزء من تاريخ المملكة في الداخل والخارج؟.. - أنا شخصيا كمسلم ما كنت أتوقع أن يكون هذا المقترح لواحد في جهة حكومية المفترض أن يكون محايدا في حين أن قرار التصفية من اختصاص القضاء ولا يجوز لخبير أو محكم تناوله علي الهواء.. نحن في مصر نفهم أن القضية طالما أنها أصبحت أمام القضاء لاتعليق ولا اقتراحات والمفروض أن نحني رءوسنا إحتراما للقضاء لأن أحكامه من نابع ضميره وليست بلسان حال المتفلسفين. - لكن من الواضح أن هناك أيادي خفية ظالمة تحاول إثارة الرأي العام داخل المملكة ضد بن لادن.. ثم ما هي جريمته حتي يشهر به، مع أن أبناء بن لادن هم خدام لوطنهم، وقد عاهدوا الله أن يكونوا امتدادا لوالدهم المغفور له المعلم محمد بن لادن في تفانيه للوطن الأم فقد كان رحمه الله يسعي أن تكون المملكة في قمة الحضارة المعمارية من خلال حرصه علي اختيار أعلي الكفاءات بين المهندسين المصريين ليعملوا معه في المملكة، فاختار الصفوة من عباقرة المهندسين في الهندسة الإنشائية والمعمارية وعملوا معه في التوسعة السعودية الأولي في الحرم النبوي الشريف في عهد المغفور له مؤسس المملكة «طيب الله ثراه الملك عبد العزيز آل سعود».. أبناء بن لادن أخذوا علي أنفسهم عهدا أن يعملوا لا بحثا عن مجد أو شهرة فقد كانت نصيحة أخيهم الأكبر بكر بن لادن «الظهور يقسم الظهور» أي أن الشهرة تقسم ظهر صاحبها لذلك كانوا بعيدين عن الأضواء، معتبرين أن عملهم في الحرمين هو تكليف من الشعب وليس تشريفا لهم.. وهنا أذكر رواية رواها لي المرحوم الشيخ عمر كردي والذي كان القنصل العام لسفارة المملكة في القاهرة في فترة حرب الخليج.. فقد قال لي إن بكر بن لادن حصل علي تأشيرة مفتوحة لمئات من المصريين واستطاع أن يقيم جسرا جويا بين مصر والسعودية بتصريح خاص حيث كان الطيران في تلك الفترة موقوفا بسبب العمليات العسكرية، وقد قام مكتبه في القاهرة بتنفيذ ما يقرب من 8000 تأشيرة لعمال مصريين، اشتغل بعضهم في إقامة منصات للصواريخ علي الحدود السعودية وبعضهم في حماية بئر زمزم بعد أن سحب علي عبد الله صالح العمالة اليمنية وتهديد صدام بتلويث «زمزم».. وكان هدف بكر بن لادن أن يعزز موقف بلاده في كشف إدعاءات صدام الكاذبة بأن العمل في الحرم توقف، وفي افتتاح مشروع توسعة المسجد النبوي وجه الملك فهد الشكر لمجموعة بن لادن علي عملهم أثناء المجهود الحربي الذي ساهم في نجاح المملكة في تحرير الكويت.. - السؤال هنا.. هل ترضيكم المذبحة التي تجري الآن في مشاريع بن لادن؟.. إنهم مضطرون لتصفية أكثر من 300 ألف من العمالة « فنيين ومهندسيين» بسبب جفاف السيولة النقدية وسحب معظم المشاريع منها، لكم أن تتخيلوا الخبرة الهائلة التي تمثل عمالة الدول الإسلامية والتي ساهمت في مشاريع التنمية في السعودية تعود إلي بلادها بغير إرادتها.. والله عيب في حق المملكة وفي حق شعبها الأصيل أن تنهال معاول الهدم علي بنيان عريق مثل مجموعة بن لادن السعودية.. نحن في مصر نسعد ببصمات بن لادن علي المشاريع العملاقة التي حققوها علي أرضنا «الممر الرئيسي في مطار القاهرة.. تطوير صالات الركاب.. القطار المعلق الذي يربط صالات الترانزيت بأجنحة المطار الذي أصبح واحدا من بين عشرة مطارات في العالم.. ثم مطار شرم الشيخ ومطار الغردقة».. - لقد كان بن لادن نافذة نور للمئات من الموردين السعوديين في جميع مواد البناء والتشييد.. لقد تجمدت تجارتهم بسبب الحرب الرخيصة التي يشنها الحاقدون عليه.. ثم من يدرينا أن تكون حادثة الرافعة عملا من أعمال الإرهاب الخسيسة علي أساس أنه في الأيام التي سبقت الحج استهدف عددا من بيوت الله.. فليس بالضرورة أن يستخدم في هذه الواقعة متفجرات فقد استخدم بعض العقول قام بغسل أدمغتها بعد أن تسلل إلي وحدة تشغيل الرافعات.. كل شئ جائز ومحتمل عمله طالما أن تقرير الفنيين أكد مسئولية مشغل الرافعة.. مؤكد أن أجهزة البحث لن تتوقف عن البحث لأنه من الظلم بسبب حادث فردي أو بسبب القدر أن نهدم هذا الصرح بأيدينا بعد عمل دام أكثر من 80 عاما في الحرمين بلا حوادث.. ومن يقرأ الأحداث يري أننا منذ شهور كنا شهود عيان علي القدر وهو يحصد أرواح ما يزيد علي الثلاثة آلاف حاج في واقعة واحدة وهي ازدحام «مني» هل نتهم المرور أو الأمن بالتقصير ورجاله عيونه لم تر النوم في خدمة ضيوف الرحمن.. علي أي حال اتركوا القضاء يقول كلمته، وكونوا سندا للحق والله لن يخذل مظلوما.. نسأله أن تبقي المملكة بحكامها الأجلاء وشعبها العظيم في شموخ..