من الطبيعي أن تكون هناك رؤي متفاوتة حول قضية الطاقة النووية، مثل أي قضية أخري، ومن المنطقي أيضاً أن يتباري المؤيد أو المتحمس، كما الرافض أو المتحفظ في الدفع بالحيثيات والحجج، لدعم وجهة نظره، لكن بما انه قُضي الأمر، وتم توقيع عقد تنفيذ محطة الضبعة مع روسيا، فإن الهم الاساسي والجهد الرئيسي لابد أن ينصب علي كيفية تعظيم عوائد اتفاق الضبعة، والكف عن التشكيك في مخاطر امتلاك محطة نووية، أو الاستمرار في المفاضلة بين الطاقة النووية وغيرها كالطاقة الشمسية مثلا. جانب من المشكلة يرتبط بطريقة تفكير تعتمد علي ثنائية «أما.. أو»، وهؤلاء لايعالجون بعض القضايا من زاوية إمكانية الجمع بين عدة بدائل في ذات الوقت، في شكل «حزمة» أو «سلة». وفق هذا المنظور؛ فإنه إلي جانب توليد الكهرباء من الطاقة النووية، يمكن تبني مشروعات عملاقة لتوليدها من الطاقة الشمسية، والمائية، والرياح.. إلخ، تماما كما نشهد في تجارب العديد من الدول. ثم إن اللجوء إلي فزاعة احتمال وقوع كارثة بشعة تنشر الخراب، ويصعب السيطرة عليها، أو استيعاب تداعياتها الخطيرة مردود عليه بأن الجيل الثالث الذي تنتمي إليه مفاعلات الضبعة هو الأحدث والأكثرأماناً، وما حدث في تشيرنوبل قبل اكثر من 30 عاما لم يتكرر، والقياس عليه فاسد. يبقي الأهم متمثلاً في امتلاكنا المعرفة العملية لا النظرية فحسب، لاسيما أن ثمة خيطاً رفيعاً بين الاستخدام السلمي والعسكري في المجال النووي، والأمة التي تركب قطار المعرفة النووية المتكاملة لاتستوي مع غيرها ممن تفصلهم عن «السبنسة» أميال.