مها عبدالفتاح هذا الموضوع موجه الي اهل الاعتصامات والفتونة الكدابة. أهل الغفوة والغفلة ممن يستهدفون اعادة مصر ألف عام للوراء ان كانوا يفقهون أو حتي يقرأون... التاريخ ينبئنا بان السلاح المستجد علي الساحة يؤدي لتغيير قواعد "لعبة الحرب" بكاملها ان جاز التعبير.. وكانها حروب افتراضية أشبه بألعاب رياضة عقلية ولكنها قاتلة. ساحة الحرب دخلها عمليا من صنوف القتال جديد، والمسافات انمحت وتحولت لما يشبه العاب الفيديو أكثر منها واقع حياة ... طائرة بدون طيار وتترقب في أعلي الأعالي تتابع هدفا علي الارض والكاميرا تدور وتنقل المشاهد كاملة لمن يجلسون بعيدا آلاف الاميال ..ثم يصدر التوجيه فينطلق الصاروخ من الطائرة بدون طيار ليصيب الهدف في مقتل.. أشهر من أعلنوا صراحة عن اصطياده بهذه الطريقة كان "أبومصعب الزرقاوي" احد قيادات القاعدة وتم اصطياده بهذا النحو في العراق.. في فبراير الماضي وقع أوباما قانونا يفتح فضاء الولاياتالمتحدة أمام طائرات الدرونز فقامت قيامة نشطاء الحريات الشخصية والخصوصية ... والشهر الماضي أزيح الستار عن موافقة الكونجرس فتح السموات الامريكية أمام طائرات درونز وهو ما جعل نشطاء الحريات الشخصية يشيطون غضبا ورفعوا قضايا علي الحكومة الامريكية فالخشية أن يتمكن "الاخ الاكبر" كما يسمونه في امريكا ذلك الذي نسميه هنا في مصر (باللهو الخفي) من اختراق حياة المواطن الشخصية وكما زاول ويزاول علي مستوي الكون، يتعسس ويتجسس ويغتال ويدمر حسب الاحوال، الا ان مزاولته هذا في الداخل فهذه مسالة اخري! من هنا عقدت مؤخرا في مركز "وودروويلسون الدولي" بواشنطن اول مناقشة علنية للبرنامج الاكثر سرية بين جميع برامج العسكرية الامريكية .. واحفظ هذا الاسم جيدا: درون drone الطائرة بدون طيار والجمع (درونز) وخلال المناقشة اعترف المسئول الاول عن مقاومة الارهاب بأن الولاياتالمتحدة تقوم بعمليات هجومية قتالية تستخدم فيها الطائرات بدون طيار، وهذا هو الاعتراف الرسمي الاول من نوعه رغم أن الفعل يجري بانتظام منذ خمس او ست سنوات.. ولأن هذا المسئول قد وجد نفسه أقرب لموقع الدفاع فقد شرع درعا لعله يقيه الهجوم فوصف اللعبة بأنها اخلاقية وقانونية وحكيمة ايضا! فهذه طائرات لا تهاجم غير من يشكلون تهديدا لامريكا بالتالي فهي هدف قانوني ومشروع ثم تحاشي الاسترسال في التفاصيل... محطة (سي بي اس) قدمت تحقيقا متكاملا عن الموضوع من خلال برنامجها 60 دقيقة تبين منه ان هذه طائرات ترتفع في الفضاء لمسافة ميلين فوق اي ما يوازي نحو عشرة آلاف قدم فوق الارض ومن هذا الارتفاع تدور الكاميرا وتصور ما ينتقل الي الشاشات البعيدة أولا بأول .. فالجزئية الاهم في تلك الطائرة هي الكاميرا وثمنها وحدها يبلغ مليون دولار.. فهي العين المفتوحة التي تري وتراقب وتنقل ما تراه دون ان يدري المستهدف وهنا يكمن السحر الحقيقي لهذا الاختراع ! كاميرا تصور وتنقل الي القيادة علي بعد مئات أوآلاف الاميال كل ما يجري في الموقع المستهدف بدقة ووضوح. فهذه (الدرونز) تدار وتوجه بواسطة خبراء وأجهزة اتصالات وكاميرات وشاشات متابعة وآليات فنية وبتكنولوجيا عالية لتصيب أهدافها في مواقع تبعد بآلاف الاميال... لنحاول ان نفهم اذن كيف يغيرون من وجه حروب المستقبل حتي لنستعد بالقليل لما هو آت ... فان عصر المقاتل الطيار يتلاشي والقتال بالريموت كونترول بدأ والعملية ذاتها صارت اقرب الي الملهاة .. فهذه طائرات يمكنها أن تلبد في مكانها بالاجواء العليا لمدد تصل الي 24 ساعة متصلة لامرئية ولامحسوسة.. أما حكم القانون والمباديء لاخلاقية ومثل هذه الامور التي تبدو كأنها تنتمي لعصور سابقة فلا محل لها الآن لأن عوامل السرية والحساب والعقاب تكاد تكون معدومة في مثل هذه الملاعب ...فعندما تمت اول عملية اغتيال عن بعد منذ نحو خمس أو ست سنوات ذهل من ذهل وأصبح حدثا مثيرا فتن به العسكريون الامريكيون كأكثر أسلحة المستقبل أمانا وضمانا واعفاء من مسئوليات الخسارة وعواقب أي حساب حتي الأقلها ضررا تلك التي تسميي بالاخلاقيات أو الضمير! في البداية كان المفهوم عن هذه النوعية من طائرات انها تقتصر علي ضرب الارهاب المسلح، فاذا وجد من يدعي غير ذلك فهو كاذب.. ثم اتضح أن من يدعون اقتصارها علي الارهاب المسلح هم الكاذبون، لأن هذه تكنولوجيا تهاجم الحياة العادية كل يوم فتصيب بين من تصيب عشرات المدنيين في دول لم تعلن عليها أمريكا الحرب. ويجري استخدام الدرونز بكثافة في افغانستان وباكستان وليبيا والعراق والصومال واليمن وتدار من جيبوتي وغيرها ... هذه الطائرات تتطور بانتاجها لاحجام ومقاسات حسب الطلب: تريدها في حجم الطائرة العادية ام في حجم العصفور؟ عندما كنت اشارك في مؤتمر بماليزيا يناير الماضي استمعت الي شخصية امريكية معروفة ومحترمة (بروفسور سكوت طومسون ) معلنا من المنصة في معرض حديثه أن طائرات (الدرونز) ستكون في حجم جسم الفراشة الطايرة .. بمعني امكان ادخالها للبيوت من نافذة مفتوحة اوشق في جدارفتنقل ربما صوت وصورة ما يحدث بالداخل الي من يجلسون في مكاتبهم علي الناحية الاخري من المدينة أو علي بعد مئات الاميال! في سبتمبر الماضي نشرت واشنطون بوست عنوانا عريضا يقول بالنص - نقلا عن رسميين أمريكيين - ان الولاياتالمتحدة تقيم قواعد سرية للطائرات بدون طيار في أفريقيا وشبه الجزيرة العربية. وجاء في الخبر أن مسئولين في البنتاجون والمخابرات المركزية يشنون حملات شديدة الوطأة في الصومال واليمن ضد من ينتسبون الي منظمة القاعدة وذكرت أن بعض تلك القواعد الجديدة ستقام في اثيوبيا وجزيرة سيشل. الطائرة كلها علي بعضها لا يزيد ثمن انتاجها علي 11 مليون دولار انما التكنولوجيا هي التي قد لا تقدر بثمن علي الاقل حتي الآن... هذه تكنولوجيا ما عاد بالامكان تحجيمها او وقف نموها فالجني خرج من القمقم ولن يستطيع ان يعيده احد ! تكنولوجيا خطيرة وتؤدي الي تساؤلات ما كانت لتخطر علي البال ..قبل ان ننهي لايفوتنا للعلم أن نخطر كل من بيدهم الامر أن امريكا تنتج حاليا درونز صغيرة لزوم البوليس ومطاردة البلطجية والمجرمين ومن علي شاكلتهم اللهم آمين...