في مثل هذا اليوم الخامس من أكتوبر منذ اثنين وأربعين عاما كانت مصر تقف علي أعتاب مرحلة جديدة، فاصلة وحاسمة في تاريخها وواقعها ومستقبلها،...، بل وفاصلة أيضا في واقع ومستقبل المنطقة العربية والشرق أوسطية، التي تقع فيها مصر موقع القلب الرابض في نقطة الوصل ومركز الاتصال بين شطري العالم العربي الممتد علي قارتي أفريقيا وآسيا بين المحيط الأطلسي والخليج العربي. في هذا التوقيت صباح الخامس من أكتوبر 1973، كانت مصر علي موعد مع الزمن كي تغير الواقع الإقليمي في المنطقة كلها، وكانت أيضا علي مرمي حجر من البدء في تغيير موازين القوي في هذه المنطقة من العالم. كانت مصر لا تفصلها سوي ساعات قلائل لا تزيد علي أربع وعشرين ساعة فقط عن أخطر لحظة في تاريخها المعاصر، لحظة فارقة في مسار الأمة ومستقبل الوطن، تتحدي فيها الواقع المر الذي فرضته هزيمة الخامس من يونيو 1967، وتعبر منها فوق القناة لتزيل العدوان وتمسح عار الهزيمة وتعيد كرامتها وحرية أراضيها. في صبيحة هذا اليوم منذ اثنين وأربعين عاما كانت ساعة الصفر قد تحددت في الثانية من بعد ظهر اليوم التالي السادس من أكتوبر 1973، باعتبارها ساعة الحسم والمصير لشعب رفض الاستسلام للهزيمة، وجيش وطني شجاع قرر خوض معركة الكرامة والشرف واسترداد الأرض، وتلقين العدو درسا قاسيا لا يمكن أن ينساه علي مر السنين والأعوام. وإذا كنا اليوم نعيش أحداثا جساما في ظل ما نخوضه من مواجهة حاسمة وشرسة مع عصابات التطرف والإرهاب، التي تسعي لهدم الدولة وتدمير الوطن لخدمة مخططات مشبوهة،...، فلابد أن نؤمن بقدرة مصر وشعبها علي الانتصار في هذه المعركة بإذن الله، كما انتصرنا في معركة أكتوبر من قبل، طالما بقي الشعب والجيش يدا واحدة وصفاً واحداً وعلي قلب رجل واحد.