ظهر عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية المخلوع، علي الساحة السياسية، بعد غياب منذ إلقائه بيان تخلي مبارك عن إدارة شئون البلاد في 11 فبراير 2011، ولكن هذه المرة كان الظهور في ثوب المرشح لمنصب رئيس مصر.. وأثار هذا الترشح علامات استفهام كثيرة لدي المواطن المصري البسيط، وصحبها استنكار شديد للقوي السياسية علي اختلاف فصائلها وتوجهاتها، كما أصاب القوي الثورية بقلق علي ثورتهم في 25 يناير.. وانتابهم استشعار عارم بأن الثورة المضادة قررت المواجهة علي الأرض، وأعدت عدتها للعودة إلي أحوال وأوضاع ما قبل الثورة، ظنا من القائمين علي الثورة المضادة أن الوقت قد حان وبات مناسبا للانقضاض علي ثورة الشعب الذي نهض من أجل الخلاص من النظام الفاسد الذي نهب ثرواته، وفرض عليه حكما زاده سطوة تسلط وعبودية، وركض علي أنفاس هذا الشعب، سالبا منه حقه الأصيل في الحرية والكرامة. ورغم كل ذلك وغيره الكثير مما عاناه الشعب، إلا أن ترشح عمر سليمان كما يستشعره الكثيرون قد يحمل شبهة اتهام بمحاولة جني ثمار الثورة المضادة، التي لم تغب عن مشهد محاولة كبح جماح ثورة الشعب، وليس ذلك محض تخمينات أو طروحات يغيب عنها الدليل، ولكن يؤكده ما يعانيه الشعب من إثارة لأزمات متلاحقة، وما تنتظره أرواح شهداء شباب ثورة مصر وجراح أبنائها، من إحقاق الحق والقصاص لهم . ولكن سرعان ما كشفت النوايا، بما تردد من اتهامات للإخوان المسلمين بإرسالهم رسالة تهديد باغتيال عمر سليمان، وتلتها تصريحات بأن المرشح نائب الرئيس المخلوع سيفتح الصندوق الأسود.. ولم لا؟!.. ألم يكن مديراً للمخابرات لأكثر من ثمانية عشر عاما من حكم مبارك.. والتساؤل الذي يفرض نفسه الآن علي لسان الشعب المصري هو: "أليست الصناديق السوداء التي تمتلكها المخابرات المصرية هي حق لنا جميعا كمصريين، من منطلق خصوصيتها بشأن الحفاظ علي الأمن القومي للبلاد، أم أنها ملك لمن كان يتولي رئاسة هذا الجهاز الوطني، الذي نجله ونقدر رجاله لدورهم المميز في حماية الوطن؟.. ويزداد التساؤل وضوحا: "هل من حق عمر سليمان الاستئثار بفتح الصندوق الأسود، ليكون زاده الرئيسي في دعايته الانتخابية للوصول لكرسي رئاسة الجمهورية؟! وإذا كان عمر سليمان باعتباره كان مديراً للمخابرات المصرية، يري أن ما لديه من صندوق أسود يحمل معلومات تفيد في تصحيح مسارات مستقبل مصر، وتحتم عليه قناعاته الوطنية الكشف عما بداخله، فإنني اتفق مع عامة الشعب ممن يبحثون عن حقائق الأمور التي تهدينا إلي الخيارات الأفضل لمن هو الأجدر برئاسة مصر في تلك المرحلة الحاسمة من تاريخها.. ومن هذا المنطلق أضم صوتي للمخلصين أبناء هذا الوطن وما أكثرهم وأدعو عمر سليمان للخروج من سباق الرئاسة، والإفصاح عما يحويه الصندوق الأسود، من منطلق الواجب الوطني والقومي، وسدادا للدين الذي يحمله كل منا في عنقه لمصر الحبيبة.. وقتها يكون عمر سليمان قد سجل لنفسه تاريخا من نور، وبرأ نفسه من الاتهامات الموجهة إليه من المشاركة فيما ارتكبه النظام الفاسد من جريمة في حق هذا الشعب. إننا الآن نعيش أياما فاصلة في تاريخ مصر، نبحث فيها عن صندوق أبيض يحمل لمصر الخير والبناء المخلص للمستقبل، ويريد الشعب صلاح الأحوال وصدق العمل والنوايا.. ولا يريدها الشعب مباراة كرة قدم يتناقل لاعبوها مقدرات الوطن بين أقدامهم ليحققوا أهدافا قاصرة علي فوز فصيل لما يريد بمنأي عن إعلاء مصلحة مصر والمصريين، وهو ما لا يرتضيه أي منا.. وتحيا مصر.