خروج الاقتصاد المصري من عباءة الدولار الأمريكي، يحتاج للإعتماد علي سلة عملات متكاملة، يكون الدولار جزءاً منها، وليس علي رأسها، وممكن تحقيقه سواء بوقف الاستيراد من أمريكا، أو بتحصيل رسوم قناة السويس بعملات أخري مع الدولار. هل يري خبراء البنوك والسياسات المالية أن الاقتصاد المصري يمكن أن يخرج من عباءة الدولار، أم أن الدولار سيظل دائماً ورانا.. ورانا؟ د.صلاح جودة الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد السياسي، يقول المفترض أن يكون لدينا احتياطي نقدي من سلة عملات لها وزن نسبي لكل عملة، فلو أننا نستورد من أمريكا 04٪ من حجم وارداتنا، يجب أن يكون الاحتياطي النقدي لدينا من الدولار يساوي 04٪ من حجم الاحتياطي النقدي العام، المفترض أن يبلغ الاحتياطي النقدي باليورو 03٪ من حجم الاحتياطي النقدي، وهكذا يتم توزيع العملات وفقاً لوزنها النسبي. هيمنة الدولار ويري د.صلاح جودة أنني لو حصلت إيرادات قناة السويس بعملات مختلفة بنسبة ثابتة يكون نصيب الدولار فيها 07٪ و03٪ باليورو، نكون قد قمنا بتخفيف حدة الدولار علي الاقتصاد المصري، هذا بالاضافة لضرورة أن تنوع مصر من مصادر شراء أسلحة الجيش، ولا يجب أن يكون شراء أسلحتنا حكراً علي أمريكا، فيجب تنويع مصادر السلاح ومصادر الاقتصاد، وأن ندخل في شراكات اقتصادية مع دول شرق آسيا التي تقدمت، مثل أندونيسيا وماليزيا واليابان والصين، وأن نزيد نسبة واردات مصر من هذه الدول للخروج من هيمنة الدولار الأمريكي، مع ضرورة فتح أسواق جديدة لصادراتنا في دول شمال شرق آسيا، وتنمية صناعاتنا المحلية. مراعاة مصالحنا وتري خبيرة البنوك بسنت فهمي أننا نحتفظ باحتياطي نقدي وفقا للعملة التي نحتاجها في المستقبل، حتي لا نخسر قيمة العملات، في حال حدوث أي تقلبات إذا تغير سعر العملة، وإذا بحثنا عن سر احتفاظنا بالدولار، سنجد أن 07٪ من حجم التجارة الدولية تتم بالدولار، اضافة إلي أن أمريكا هي صاحبة أكبر وأقوي اقتصاد في العالم، وتجتمع مع قوتها الاقتصادية قوتها العسكرية، وهي قوة تثير المخاوف. وتشير بسنت فهمي أن تعاملنا بالدولار ليس حباً في أمريكا بقدر ما هو حرص علي مصالحنا، فاليورو الآن ليس أكثر أماناً من الدولار، وأوروبا علي وشك التفكك وقد تقوم بإلغاء اليورو، ولذلك ليس من صالحنا أن تترك الدولار اليوم وأمريكا هي أكبر شريك تجاري، وأكبر سوق لتسويق المنتجات، وأكبر شريك عسكري، وبالتالي لن نجد عملة آمنة، فحتي الصين لا يمكن الاعتماد عليها، لأن 09٪ من الاستثمارات بها أمريكية، وإذا لعبنا بأي قرار يخص الدولار، فإن أمريكا قد ترفع اليورو وتخفض الدولار، فتحدث شللاً للاقتصاد الأوروبي. في الوقت نفسه تشير بسنت فهمي أن أمريكا لا تريد خسارة مصر، لأنها الدولة المحورية التي تملك مميزات تجبر أمريكا علي الحفاظ علي علاقتها معنا، حفاظاً علي مصالحها، ولهذا فليس من صالحنا أن ننتقد أمريكا. التغيير صعب ويؤكد د.رشاد عبده أستاذ الاقتصاد، أن مصر تمتلك سلة عملات بالفعل، ولكن الدولار مستحوذ عليها، لأنه من أكثر العملات العالمية التي يزداد الطلب عليها، فبترول الخليج العربي يباع بالدولار، ورغم وجود إيداعات نقدية بنظام سلة العملات، إلا أن الوزن النسبي للدولار هو الأثقل. وفي حال التفكير في جعل رسوم القناة تحصل بالجنيه، سنواجه مشكلة أن ما نحتاجه لشراء وارداتنا هو الدولار، وليس الجنيه، لأنه ليس عملة عالمية وبالتالي لا يصلح للشراء، كما أنه في حال أخذ الرسوم بالجنيه، سنخلق تواجدا لسماسرة يأخذون الجنيه المصري ويبيعونه في الخارج، وستحرم مصر من العملة الأجنبية!. ويضيف د.رشاد عبده أن قدرتنا علي الحصول علي العملات الأجنبية محدودة، فهي تنحصر علي دخل القناة والسياحة، وعائد الصادرات، وتحويلات العاملين في الخارج، وإذا قررنا تحصيل نصف رسوم عبور القناة باليورو ونصفها بالدولار، فسنجد أن الدولار أكثر ثباتاً من اليورو، لأن أوروبا تعاني من أزمة مديونية مخيفة، وبعد توحيد العملة الأوروبية، فإن اقتصاديات وعملات أوروبا كلها تنحدر للأسفل، وحتي الصين وضعت الاقتصاد النقدي الخاص بها في بنوك أمريكا، رغم أنها أكبر دائن لأمريكا، ولذا فمن الصعب أن نخرج من عباءة الدولار.