علي الرغم من انني معترض منذ البداية علي ترشيح جماعة الإخوان المسلمين لأحد أعضائها في انتخابات الرئاسة، لخوفي من الدخول في دوامة المجهول وتوقعي بفقد الجماعة لجزء من رصيدها الشعبي وللأسف حدث ما توقعته إلا أنني قد أفهم واستوعب أسباب ترشيح الجماعة ل»خيرت الشاطر« في الانتخابات، لاعتبارات كثيرة أهمها أنه صاحب مشروع للنهضة، كما انه يسيطر اقتصادياً علي استثمارات الجماعة وعدد من قياداتها بحكم نشاطه الاستثماري المتنوع وأسباب أخري لا يتسع المجال لذكرها. بينما في المقابل لا أفهم حقيقة لماذا قامت الجماعة بترشيح د. محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة في انتخابات الرئاسة مرشحاً عن الحزب، واعتبار الشاطر مستقلاً.. وذلك للرد علي ترشح عمر سليمان للرئاسة هو الآخر في مفاجأة أربكت حسابات الجماعة، وجعلتها بعد أن قررت عدم الدفع بمرشح رئاسي أن تترشح برئيسين، الأول أساسي والثاني احتياطي، فإذا واجه الأول صعوبات قضائية تمنعه من استكمال مسيرته في الانتخابات يكون د. مرسي هو المرشح الأساسي للجماعة.. وبررت قيادات الجماعة ذلك الأمر الغريب بأن الإخوان أصحاب مشروع ولابد لهم من اتخاذ جميع التدابير لإنجاز مشروعهم. وكان طبيعياً ومتوقعاً أن يفتح صندوق التشويه بين أنصار التيار الإسلامي وبين من يطلق عليهم أنهم مرشحو النظام السابق، وبدأ المرشحون أنفسهم في إلقاء الاتهامات يميناً ويساراً وكل واحد منهم يتهم من سواه بأنهم لا يصلحون لإدارة البلاد وبأنه هو الوحيد الجدير بتولي هذه المسئولية ويدلل علي كلامه ببرنامجه الطموح.. مع الوضع في الاعتبار أن كل ما سمعناه حتي الآن من جميع المرشحين مجرد عبارات إنشائية لا طائل منها ولا هدف لها سوي الضحك علي المواطنين وكأن الشعب المصري طفل صغير لا يملك أن يتخذ قراراً، أو انه شخص غير عاقل يحتاج لفرض الوصاية علي عقله. وبعيداً عن هذا وذاك.. دعونا نفترض أن انتخابات الرئاسة أجريت علي خير كما نأمل جميعاً بعد استبعاد عدد من المرشحين لمخالفتهم شروط الترشح، وأصبح د. محمد مرسي بمفرده في مواجهة المرشحين المستقلين، أو في مواجهة المرشحين الفلول كما يقولون، وتم تفتيت الأصوات لصالح د. مرسي ونجح في الفوز بمنصب الرئيس.. فهل يعقل أن يصبح رئيس حزب الحرية والعدالة رئيس مصر بالصدفة، رغم انه تم ترشيحه احتياطياً خوفاً من خروج الشاطر من السباق. لست ضد د. مرسي.. فأنا أحترمه وأقدره علي المستوي الشخصي.. ولكنني ضد الاستهانة بعقول المصريين، الذين سيثبتون للجميع في 32 مايو المقبل أنهم أصبحاب قرار مستقل وأنهم الأدري بمصلحة الوطن.