وزير التعليم العالي يوجه بحل مشكلة الطالبة عائشة أحمد وإتاحة إعادة ترتيب رغباتها عبر موقع التنسيق    انطلاق التدريب المصري الأمريكي المشترك "النجم الساطع 2025" الخميس المقبل    كفر الشيخ: مستعدون لافتتاح معرض أهلا مدارس بتخفيضات تصل ل30%    أحمد الشرع: محاسبة المتورطين في مجزرة الكيماوي حق لا يسقط بالتقادم    تجديد إمام عاشور.. الأهلي يشوق جماهيره بصورة عبر قناة النادي    محافظ الإسكندرية يزور مصابي حادث الغرق الجماعي بشاطئ أبو تلات في المستشفى    بالصور.. جلسة تصوير جريئة لهدى الأتربي في أحدث ظهور    رئيس الوفد من ضريح سعد زغلول: نستلهم الوطنية من زعماء "الأمة" الثلاثة (صور)    غارة إسرائيلية تستهدف المنطقة الواقعة بين راميا وبيت ليف جنوب لبنان    الجالية المصرية في لندن تنظم وقفة أمام سفارة مصر دعما لمؤسسات الدولة    تنسيق المرحلة الثالثة 2025، قواعد التوزيع الجغرافي في الجامعات    هدف بنسبة 6.25%.. ركنيات أرسنال في عهد نيكولاس جوفر    نبيل معلول ليلا كورة: توصلنا لاتفاق مع كهربا.. وتوقيعه للقادسية الأحد    بعثة ألعاب القوى تتألق في منافسات البطولة العربية بتونس    حلوى المولد فى المجمعات |التموين: 15 سلعة بمبادرة خفض الأسعار    لإجراء تحويلات مرورية.. محافظ الجيزة يعاين عددًا من المسارات البديلة لشارع ضياء    أحمد جمال يسترجع ذكريات "Arab idol" على مسرح المحكى (صور)    محمد أبو شامة: التجويع في غزة جريمة مكملة للاحتلال العسكرى    «أوقاف المنيا» تعلن بدء احتفال المولد النبوي غدًا الأحد 24 أغسطس    محافظ شمال سيناء يوجه بتشغيل قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى العريش العام    وكيل صحة شمال سيناء في جولة مفاجئة بمستشفى الشيخ زويد ويحيل المتغيبين إلى التحقيق    الأجهزة الأمنية تكشف حقيقة مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل بكفر الشيخ    «بحوث الصحراء» يقدم الدعم الفني والإرشادي لمزارعي سيناء| صور    أنشطة الطفل في معرض السويس الثالث للكتاب.. مساحات للإبداع وتنمية الخيال|صور    رئيس جامعة طنطا يفتتح الملتقى القمي الأول للابتكار المستدام لطلاب الجامعات المصرية    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    أوقاف الدقهلية تبدأ اختبارات أفضل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم    رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة: نصف الشعب من الشباب وهو ما يفرض مسؤولية كبيرة على الأحزاب    قائمة ريال مدريد لمواجهة أوفييدو في الدوري الإسباني    أحمد سامي يتظلم على قرار إيقافه وينفي ما جاء بتقرير حكم مباراة الإسماعيلي    بدر رجب: «ريبيرو» مدرب درجة ثالثة.. والأهلى الأقرب للفوز بالدورى    الجالية المصرية بهولندا: المصريون في الخارج داعمون للقيادة السياسية واستقرار الوطن    الموظف المثالي.. تكريم قائد قطار واقعة "الشورت" للمرة الثانية - صور    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا    "عبد الغفار" يتابع استعدادات "المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية -3"    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    جوندوجان وثنائي مانشستر سيتي يقتربون من الرحيل    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    استشهاد 9 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي مناطق متفرقة من قطاع غزة    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    مصرع وإصابة أربعة أشخاص إثر حادث تصادم بين سيارتين بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«أنتيجون».. طاعة الآلهة فوق فرمانات الملوك !
نشر في أخبار اليوم يوم 23 - 08 - 2015

الكورس يحمل جثمان «بولنيس» لدفنه فى مشهد مهيب فى عرض «هنا انتيجون»
عندما يكون هناك مخرجون شباب من نوعية تامر كرم علي سبيل المثال، فلابد أن يطمئن قلبي بأن المسرح بخير، ولابد ان يتأكد لي ولغيري من المتابعين ان أزمة المسرح ليست في مبدعيه إنما في الجهلة الذين هبطوا بالواسطة والمجاملة في زمن أغبر علي مواقع القيادة في القطاعات المسرحية، وهؤلاء إلي زوال قريبا عندما يكون هناك وزير حقيقي للثقافة يعي ما معني ان يكون علي رأس هذه المؤسسات قيادة مسرحية إدارية واعية لديها استراتيجية ومنهج علمي في الادارة المسرحية.
في طريقي إلي مسرح الطليعة استقبلتني حجافل الباعة الجائلين الذين تسللوا لمحاصرة الطليعة والعرائس ببضاعتهم الرخيصة واصواتهم المزعجة، كل هذه العشوائية سوف تنساها عندما تبدأ احداث عرض «هنا انتيجون» في ليلتها الثالثة والستين، ستشعر وكأنك عدت إلي زمن طيبة القديمة،من اعلي مستويات الديكور تصلك انغام الاوركسترا الذي تري خيالاته من الستارة البيضاء الشفافة، نحن الان أمام رؤية اخراجية لمخرج واع بما سيقدمه في قالب يجمع بين الدراما المسرحية التقليدية الممتزجة في بعض مقاطعها بالصيغة الغنائية الأوبرالية، موظفا سينوغرافيا بديعة في خدمة المضمون الدرامي والحركة التي رسمها لأبطال العرض والكورس، يغزل كل هذا بلمحات ايضائية ذكية تعطي لسينوغرافيا العرض رونقها المطلوب ودلالاتها الدرامية التي تعكس الحدث وتكشف خبايا شخصيات العرض،وراء هذه الصورة البصرية قائد شاب هو المخرج تامر كرم الذي جعلني وجعل غيري ممن شاهدوا هذا العرض ان يعايشوا الاهداف الاسمي من اهداف اللعبة المسرحية ألا وهي المتعة البصرية والفكرية، في نص ليس من النصوص السهلة، لكنه وبدون فذلكة أو استعراض عضلات، استطاع ان يقول « نحن هنا.. يا من تقولون ان المسرح في ازمة.. نحن هنا يا من لا تمنحوننا المساحة الكافية من الدعاية.. نحن هنا يا من تبحثون عن عودة الجمهور الحقيقي لمسرحه فترمون بأنفسكم في أحضان النجوم الذين يأتون من الخارج ليتقاضوا ألوف الجنيهات وتقدم لهم كل الدعاية والتسهيلات.. بينما لا نلقي نحن الشباب المبدع ربع هذا الاهتمام !».
من المعروف ان «انتيجون» استمدها سوفوكليس من الاسطورة القديمة، ومن المعروف ايضا ان الكاتب الفرنسي «جان انوي» قام بإعادة صياغتها بأسلوب عصري، وتعالج المسرحية عند سوفوكليس وانوي تيمة التمرد علي الحكم المستبد الفاقد للرشاد والحكمة، قضية مطروحة فلسفيا وسياسيا منذ الازل، إذ تقول الأ‌سطورة اليونانية القديمة أن أوديب الذي قتل أباه «لا‌يوس» وتزوج أمه «جوكاستا» أنجب منها أربعة أبناء «إيتيوكليس وبولينيس وأنتيجون وأختها إسمين»، وعندما اكتشف أوديب جريمة قتله لأ‌بيه وزواجه من أمه، فقأ عينيه وسار هائما علي وجهه وهو يلعن ابنيه ودعا عليهما بأن يقتل أحدهما الآ‌خر، وتتشكل الأ‌قدار بحيث يختلف الابنان علي الحكم، الذي كان من المفترض أن يتولياه بالتناوب، إلا‌ أن الأ‌خ الأ‌كبر «إيتيوكليس» يتفق مع خاله «كريون» علي طرد أخيه الأ‌صغر «بولينيس» مما يدفع الأخير إلي تكوين جيش لمحاربة أخيه وخاله وعندما يقتتل الأ‌خوان يقتل كل منهما الآخر ليصبح «كريون» هو الملك الذي يقرر أن يشيع جثمان حليفه «إيتوكليس» في احتفال يليق ببطل عظيم، بينما يأمر بعدم دفن جثة «بولينيس» لكي تنهشه الوحوش والطيور الجارحة عقوبة لخيانته، من وجهة نظره، متوعدا من يدفن جثته ومخالفة أمره بالموت، ومن المعروف في العقيدة اليونانية أن عدم دفن الموتي خطيئة حتي ولو كانوا من جيش الأ‌عداء. لكن الملك المتغطرس «كريون» يحطم بغطرسته عقيدة الشعب ويجور علي الناس فيعقد الخوف ألسنة الجميع ولا‌ يجرؤ أحد علي مواجهة الظالم، هنا تتقدم «أنتيجون» لمقاومة الملك الجائر وتحدي اوامره الملكية والتمرد عليها تلبية للأ‌وامر الإ‌لهية التي تحث علي دفن الموتي، فتقوم بدفن جثة أخيها رغم الحراسة التي وضعها الملك علي الجثة، بينما تتراجع اختها محذرة لها من غضبة الملك، هي تريد الموت في سبيل مواراة جثمان اخيها التراب،يقتادها الحراس للدفن في قبر صخري بين الاموات كما امر الملك بعد مواجهة حادة بينهما، تفشل كل محاولات «هيمون» ابن الملك وحبيب انتيجون وخطيبها في اثناء والده عن العدول عما يرتكبه من جرم في حق حبيبته، لكن الملك يستمر في غطرسته، ليلقي في النهاية حزن الدنيا كله وقد صب فوق رأسه عندما يتم ابلاغه بانتحار زوجته حزنا علي انتحار ابنها، ليتأكد له انه رجل فقد بصيرته، التي جعلته يقع في منزلق الغرور والعناد ليسقط علي مذبح شهوة التسلط والإ‌نفراد بالرأي وسطوة القوة الغاشمة.
مما لا شك فيه أن الفن رسالة إنسانية تهدف إلي السمو بالا‌نسان والرقي بأحاسيسه تجاه الحب والخير والجمال. والا‌عمال الفنية الصادقة هي التي تدعو إلي ضرورة الكشف عن المجرمين أعداء الإ‌نسان والحض علي التصدي لشرورهم ومقاومتهم،واختيار تامر كرم لأنتيجون ينم عن ذكاء شاب يتحدي صعوبة النص الذي يحتاج لنجوم كبار متمرسين، لكنه يلجأ إلي تقديم الصعب من خلال غول مسرحي لم يأخذ حقه كما يجب هو د. علاء قوقة الذي يجسد «كريون» بسلاسة ونعومة وعنفوان الداهية المتسلط المغرور، استاذ يغامر بمجموعة من تلاميذه في المعهد وفي مقدمتهم صاحبة الصوت الرائع هند عبد الحليم التي جسدت «انتيجون»، ومحمد ناصر في دور «هيمون»، ورحاب خليل في دور «إسمين»، إلي جانب بقية عناصر الاداء والكورس ومنهم كريم حمدي وكريم نوار ومحمد سلطان وابتسام محمد وأحمد توفيق، ولابد ان اتوقف كثيرا امام الموسيقي والالحان الاوبرالية التي صاغها وليد غازي بفهم واحترافية بالضرورات الدرامية في النص، لتتكامل سيمفونية الروعة البصرية والسمعية مع ديكور محمود صبري الموظف دراميا وجماليا، و وعي مروة منير في تصميم ملابس الملك وانتيجون واختها وهيمون وملابس الكورس الممثلة للشعب في استكانته ورفضه المكتوم، والدراما الحركية التي صاغها محمد عبد الصبور فمنحت العرض تدفقا في الايقاع، يقف وراءه مخرج يبشر بالخير هو تامر كرم، وتحية واجبة للفنان محمد دسوقي مدير عام مسرح الطليعة المنتج لهذا العرض الذي يعيد للمسرح مجده ورونقه الحقيقي.
سهران


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.