ظاهرة حدة الطقس اليومي ستزداد خلال السنوات القادمة وسيكون الشتاء أشد برودة عن ذي قبل.. والصيف أكثر حرارة مصر تتعرض منذ شهر لأسوأ موجة حر منذ عشرات السنين.. الناس لا يعلمون سر هذه الموجة التي امتدت فترة طويلة لم يتعودوا عليها.. كانت موجات الحر سابقا تمتد لثلاثة أو أربعة أيام علي الأكثر.. أما أن تمتد لأكثر من شهر، فهذا ما لم يتعود عليه المصريون. نسي المواطنون أن موجات الحر تتصاعد من عام إلي آخر.. وتزيد فترتها وصعوبتها، ولكن هذا العام جعلهم يضربون أخماسا في أسداس.. لا يعرفون ماذا يصنعون... بل إن الموجة الحارة أودت بحياة ما يقرب من مائة مواطن.. وأصابت أكثر من ثلاثة آلاف بالإجهاد الحراري استقبلتهم المستشفيات المختلفة لتلقي العلاج. خبراء الأرصاد أرجعوا الموجة إلي وجود منخفض الهند الموسمي الذي يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الطقس في مثل هذا الوقت من العام.. ومروره علي مياه البحر الأحمر يجعله محملا بالرطوبة، مما يزيد من الإحساس أكثر بالحر.. ولكن بعضهم يفكر أن حدة هذه الموجة وطول مدتها يرجع أساسا إلي التغيرات المناخية والاحترار الكوني الناتج عن زيادة نسبة غازات الاحتباس الحراري، المعبَّر عنها بزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو. وقد نجحت الحملة التوعوية التي قامت بها وزارة الصحة بالتعاون مع وسائل الإعلام المختلفة في تخفيض حدة آثار هذه الموجة الساخنة جدا علي المواطنين، وامتنع عدد كبير من المرضي والأطفال والسيدات عن الخروج من المنازل تجنبا لضربات الشمس.. ومن خرج من باقي أفراد الأسرة، حرص علي اصطحاب زجاجة مياه وغطاء للرأس والابتعاد قدر الإمكان عن أشعة الشمس المباشرة. وقد تسببت الموجة الحارة في اكتظاظ الشواطئ بالمصطافين الذين هربوا من نار القاهرة إلي الإسكندرية ومطروح علي وجه الخصوص.. وانتعشت حركة بيع أجهزة التكييف، مما جعل الشركات تعجز عن تلبية طلبات المستهلكين المتزايدة.. وأصبح الحصول علي تكييف حلما يصعب تحقيقه في شهر أغسطس وفي عز الموجة الحارة.. وقدمت الشركات أعذاراً ومبررات متعددة لعدم وفائها بطلبيات من يريدون اقتناء تكييف لإنقاذهم من الموت بالحر. إن ظاهرة حدة الطقس اليومي ستزداد خلال السنوات القادمة وسيكون الشتاء أشد برودة عن ذي قبل.. والصيف أكثر حرارة، والدليل أن علماء المناخ منذ عام 2005 وهم يعلنون أن العام أكثر السنوات حرارة.. ويأتي العام التالي ليعلنوا أن هذا العام هو أكثر سنوات القرن حرارة، وهكذا حتي عام 2014 فماذا سيقولون عن عام 2015 الذي فاق كل التوقعات؟!.. وهل ذلك يجعل مندوبي دول العالم الذين سيجتمعون في باريس نهاية هذا العام، يجتهدون في التغلب علي خلافاتهم من أجل التوصل إلي اتفاقية جديدة تحل محل بروتوكول كيوتو للحد من التغيرات المناخية والاحتباس الحراري.. ويسعون جميعا للتكاتف من أجل التخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ورفاقه إلي طبقات الجو.. والعمل علي التكيف مع الآثار السلبية لهذه الظاهرة في الدول الأكثر تأثرا بها ومن بينها مصر. إن شعوب العالم تنظر بأمل إلي مؤتمر باريس الذي يمكن أن يحضره العديد من قادة العالم، للتغلب علي المشكلات التي تعترض توقيع هذه الاتفاقية التي تضم كل دول العالم بما فيها أمريكا وتلزم الدول بازغة النمو مثل الصينوالهند والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا، بالتخفيف من حدة انبعاثاتها والمساهمة في نقل التكنولوجيا ورفع القدرات لكوادر الدول النامية والتمويل للمشروعات التي تساعد هذه الدول علي الحد من انبعاثاتها.. فهل ينجح قادة العالم في التغلب علي مصالحهم الخاصة التي تقف حجر عثرة أمام الوصول لهذا الاتفاق الذي ربما ينقذ العالم من ويلات غضب الطبيعة الذي يتزايد عاماً بعد عام؟.. أم يكون مصير مؤتمر باريس مثل مصير مؤتمر كوبنهاجن، الذي تم حشد قادة العالم أجمع له، ورغم ذلك فشل فشلاً ذريعاً في التوصل إلي نتائج إيجابية؟.